عندما كان الشركاء يوقعون وثيقتهم المعيبة علي خلفية جرح دام لم يجف بعد ، و شعب متعب من رهق معارك التغيير ، قلنا أن هذه الوثيقة سوف تكون في مقتبل الأيام الأداة التي تجهض كل أحلام وطموحات الثورة ، حينها ، وصفنا بالعدواة للثورة وخدمة أغراض النظام المُباد ، ثم برزت كأمتداد طبيعي لعمل الوثيقة ، أتفاقية جوبا الكارثية والتي عملت – بأمتياز علي تكملة بنيان ما خُطط له في الوثيقة ، كذلك نبهنا غير مرة من أن هذه الأتفاقية المُسمي جزافا أتفاقية السلام سوف تكون أكبر مهدد للسلام المجتمعي – المتبقي – بين السودانيين ، لأنها قامت مع لوردات حرب من الطرفين (اللجنة الأمنية للبشير و لوردات الحركات الذين لا يمثلون الا طموحاتهم الشخصية و الأسرية) ، و كشف لنا الواقع بعد مدة وجيزة صدق توقعاتنا بمجازر تمت في دارفور لفض أعتصامات لأهل ذات المناطق الذين أدعوا لوردات الحركات تمثيلها ، العنف الذي مُورس كان أمتداد طبيعي لعقلية الأنقاذ وسلوكها ونظرتها لشعوب السودان واسترخاص قيمتهم الأنسانية ، تزامن ذلك وما يزال مع عمل لوردات اللجنة الأمنية للبشير في أطلاق يد كتائبها القديمة في أعتقالات تطال النشطاء وتهديدات وفرض حالة منفرطة للأمن بواسطة ادوات قديمة كان يتحكم فيه جهاز النظام القديم الأمني (النيقرز) . .. مثل هذا الواقع ، مع زيادة الضغط الأقتصادي اليومي ، وسط مباركة أحيانا وتوهان من قوي سياسية متهالكة وفاقدة لأي سند شعبي يصبح العيش ، مجرد العيش آمنا في السودان معركة كبيرة، ناهيك عن المسغبة التي تتضخم كل يوم ، الي الدرجة التي أصبح فيها الناس لا يعيشون وأنما فقط، ينامون و يستقيظون علي أحلام وردية يعدهم بها حمدوك ، بهدوء يزيد من التخدير ، وأبتسامة ساخرة من عقول ما زالت تصدق رجل فاقد للقدرة علي تحريك الواقع الداخلي للسودان ، بل كل سقفه أستجداء العسكر الممسكون فعليا بالسلطة ليتخلوا قليلا عن سلطاتهم للشركاء ، لأنكم تحرجوننا مع الشعب ! . .. الأسلامويون (الكيزان) ، عندما أتوا للسلطة بإنقلابهم المشؤوم ، أول فعل فعلوه – بأقتدار هو تجريف تربة الواقع السوداني ، وعندما أقول الواقع السوداني ، لا أقصد البني التحتية المادية فقط ، ولكن أقصد البُني الأجتماعية والثقافية للبلد ، طبقة المثقفين ، والمبدعين ، والمخزون القيمي الريفي ، …الخ ، الي كل ما من شأنه أن يمثل عوامل مستقبلية متوقعة للتغيير ، ظل هذا العمل يتم عبر التهجير القسري للسودانيين عبر التضيق عليهم وازدراءهم داخل وطنهم ، وفصلهم من العمل ، وتصفيتهم الجسدية أن دعي الأمر ، وما أشبه الليلة بالبارحة ، سوا أدرك الناس هذا الأمر أم لم يدروكوه فنحن مساقون الي هذا الواقع من جديد بمباركة دولية تري في السودان بلد مكنوز بالموارد ولكنهم يريدونه بلد مكنوز بلا شعب ، وسط هذا الطغيان الذي يؤسس له بمعية القوي السياسية _ اصبحت كلها تقليدية _ و لوردات الحركات الذين كل خبرتهم القتال من أجل الوصول الي السلطة ، ولكن كيف تقاد وتدار هذه السلطة فهذا أمر غير زي بال ما دام السودان أنجب مثل حميدتي واللمبي والبرهان والتوم هجو وترك و …الخ ، وكل المتردية من عهد الكيزان الثلاثيني والذي صنع هولاء وتجربتهم السياسية -جزافا – داخله ، هم صنعة العهد الكيزاني بأمتياز ، فكل بنيانهم نشأ ونما داخل تجربة الكيزان لثلاثة عقود . .. الأن نعيش ذات التجريف ، و هذه تذكرة مرة أخري نسوقها في ظرف صعب و مصيري ، أذا لم يستنهض هذا الشعب عبر لجان مقاومتهم وابناءه من ذوي الضمائر الحية ، فأنتظروا نظاما افظع واكثر رداءة وغلظة من نظام الأنقاذ بمباركة أقليمية ودولية . رفعت الأقلام وجفت الصحف . [email protected]