هنالك فهم لا أعلم من أين تسرّب للبعض وعند مكونات وكيانات مُحددة رأت بموجبه أن تتفرج أو تنتقد وتشتكي فقط دونما أي مُساهمة في الحلول والتغيير أو تُعارض من أجل المُعارضة .. ويحدث كُل هذا في توقيت لا يحتمل المواقف السلبية أو النأي عن الإسهام في الحل للأزمات السياسية التي تُحيط بالبلد أو التوقف عن دعم المرحلة الإنتقالية بشكل إيجابي وفاعل و مُفيد .. في التعامل مع هذه المرحلة هنالك فريقان ( وأنا هنا أكتب عن القوي السياسية الوطنية ) وليس عن المُكون العسكري ، جانب يتعامل مع السُلطة ويتكالب عليها ، وهو في سبيل ذلك يشحذ كُل طاقته ويبني تحالفاته وفقاً لهذا الهدف ، والفريق الآخر يتعامل مع الحكومة الحالية للسُلطة الإنتقالية بإنها طالما هي الموجودة فهو بالتالي لن يُقدم دعمه للمرحلة وغير مُعترف بكل منتوجها وبالتالي رؤيته تمضي في تغييرها شخوصاً وسياسات حتي ينسجم مع ذات المرحلة التي من البديهي أن تمثل مرحلة يجب أن نحميها ونأمنها جميعاً وندعم إستمرارها وصولاً لمرحلة الديمُقراطية وأن نجتهد فيها لإنجاز أهداف هذا الإنتقال المعلومة للجميع .. من المهم أن نُعيد التذكير للجميع أن هذه المرحلة ليست للسُلطة والمناصب ، و أن هذه المناصب والسُلطة نفسها ماهي إلا وسائل وأدوات لإنجاز مهام مُحددة خلالها ولفترة زمانية أيضاً إلي الآن منصوص عليها ومُتفق .. ومن المهم كذلك التذكير و محاولة إفاقة البعض كقوي وكيانات وحتي أشخاص من أن هذه الهلوسة بالسُلطة والركض إليها ليست في صالح إستمرارية المرحلة الإنتقالية نفسها بل و سبب رئيسي في أن تتعرض للفشل والذي ملامحه الأساسية ليست فقط في الإرتداد للخلف والشمولية أو الديكتاتورية المُطلقة ، وإنما سيقود مُباشرة للحرب الأهلية و لمرحلة غاتمة وكارثية تهدد بالفوضي الشاملة و اللادولة .. وهذه صورة من غير المعقول أن لا تُحرك في هذه الكيانات شئياً أو هؤلاء الإشخاص .. فعندها لن يكون هنالك دولة أصلاً لتُحكم وسيفر الجميع بحثاً عن أماكن آمنة وهذا سيكون عسيراً .. هذا ليس تهويلاً وإنما فرضية مبنية علي واقع ماثل أمامنا جميعاً وللأسف البعض ممن أعمتهم شهوة السُلطة وبريق المناصب لايرونه أو يتجاهلونه!! .. أما الذين ينأون بنفسهم عن الوضع الحالي و جُل تفكيرهم في رؤيتهم للكيفية التي يمكن أن تتهاوي فيها الحكومة الحالية بعد أن خفُضت لديهم مسألة الدعوة المباشرة لسقوطها والثورة عليها كمدخل للتغيير ، فهؤلاء أيضاً يغفلون أو يتغافلون عن أن حدوث أي إرتداد لن يكون في صالح التحول الديمُقراطي وليس في صالح الشعب السُوداني في إستقراره وتقدمه بعد كُل التضحيات والسنوات الطويلة التي بذلها وصولاً لمرحلة من اللازم إستكمالها رغم تحدياتها ووعورتها وصعوباتها لكن لامجال للقفز بعيداً أو الفُرجة والسلبية .. تأمين الإنتقال ليس مسؤولية رئيس الوزراء الحالي وحده ، وليس مسؤولية حكومته التنفيذية ومن هم حوله فقط .. فهو مجرد حلقة في دائرة كبيرة تشمل كُل القوي السياسية الوطنية المدنية والحركات التي ناضلت زماناً طويلاً ضد النظام العسكري العقائدي السابق ، وكذلك كُل القوي المدنية ومنظمات المجتمع المدني وكل فرد من أفراد الشعب الذين أنجزوا الثورة ووقفوا معها في لجان المقاومة و الثوار و الطلبة والشباب والمرأة والكُل بمختلف إنتماءتهم و مواقعهم الجغرافية داخل السودان وخارجه .. تأمين الإنتقال وحمايته تتطلّب مِنا جميعاً التواجد داخل هذه الدائرة وإغلاقها كالسوار علي مِعصم الإنتقال لحمايته وتحصينه ،، الإختلافات يجب أن لا تطال هذا الهدف الإستراتيجي لنا جميعاً ولكل السودانين المؤمنون بالثورة وبالتغيير .. الإرادة السياسية لا تأتي بالدعوات لإمتلاكها وإنما تنبع من داخل كُل من يؤمن بهذا السُودان كدولة وشعب يستحقان التضحية وبذل الروح وكل شئ من أجل تقدمه ورفعته .. فلنختلف حول الحكومة الحالية أو سياساتها أو شخوصها ، لكن من غير المقبول أن يطال خلافنا إيماننا بالتمسك ببعضنا البعض في مواجهة أعداء التغيير والعبور للديمُقراطية وإنجاز مهام ثورتنا .. عندما نتحدث عن وحدة قوي الثورة فإننا نعني مباشرة كل القوي ذات المصلحة في الإنتقال للديمقراطية والإستقرار والسلام والتقدم .. فلنتحد إذاً حول هذا الهدف وليس سواه الآن بإرادة سياسية وروح ثورية مُستمدة من إيماننا بهذا الوطن العظيم وبشعبه وبكل التضحيات التي تمت من أجل التغيير .. [email protected]