لا تزال الكثير من الأوساط السياسية والحقوقية في المملكة المتحدة تعرب عن استيائها لفشل إجلاء آلاف الأفغان الذين تعاونوا مع القوات البريطانية على مدى عقدين قبل خروج قوات التحالف الدولي بشكل نهائي من أفغانستان، وفقا لما ورد في تقرير لصحيفة "إندبندنت". ومن أولئك الذين تجشموا عناء المخاطرة بحياتهم لمغادرة أفغانستان، سائق أجرة بريطاني يبلغ من العمر 37 عاما، وكان في زيارة لعائلته عندما سقطت العاصمة كابل بيد حركة طالبان. وكان هذا السائق اللندني واحدًا من مئات المواطنين البريطانيين الذين اعترفت الحكومة بتركهم في أفغانستان، بعد أن كان في إجازة صيفية لرؤية زوجته وأطفاله، مشيرا إلى إن موعد رحلته إلى المملكة المتحدة كان من المفترض أن يكون في 18 أغسطس، أي بعد ثلاثة أيام فقط من سيطرة طالبان على العاصمة. وأشار عمران الذي لم تكشف الصحيفة عن اسمه الكامل إلى أنه قد اضطر إلى الاختباء في منزله متبعا نصائح سلطات المملكة المتحدة عقب هجوم انتحاري مزدوج نفذه تنظيم داعش والذي أسفر عن مقتل 169 شخصًا. ولفت عمران إلى أنه قد حاول دون جدوى مغادرة البلاد عبر مطار كابل، لكنه، كما يقول، فقد الأمل تمامًا عقب مغادرة آخر الجنود والدبلوماسيين البريطانيين الأراضي الأفغانية في 28 أغسطس الماضي. وتابع بأسى: "لقد تركونا خلف ظهورهم، مردفا: "لقد تلقيت رسائل بريد إلكتروني للحضور إلى المطار، ولكن دون أن يساعدنا أحد للوصول إلى هناك"، مردفا: "مررنا بأوقات مخيفة للغاية، فقد كان هناك جولات من إطلاق النار في كابل أرعبت أطفالي". ولفت إلى أنه بعد انتهاء خروج القوات الأميركية في 13 أغسطس، قرر أن يبقى مختفيا عن الأنظار وسط تقارير تحدثت عن استهداف حركة طالبان للأجانب، إلى أن نجح في الحصول على تأشيرة عبور بري من السفارة الباكستانية بمساعدة المفوضية البريطانية العليا في إسلام أباد. وعقب رحلة شاقة ومخيفة مر فيها على العديد من حواجز التفتيش التابعة لحركة طالبان نحج، عمران، في الوصول إلى بر الأمان مع عائلته، وقال بعد إن دخل الأراضي الباكستانية إنه سعيد للغاية. وأضاف : "خروج القوات الغربية خلف فوضى مروعة، ولكني أشعر الآن بأنني محظوظ للغاية". وأردف، وهو يبرز شهادات ميلاد أطفاله،(هم ليسوا مواطنين بريطانيين)، أنه وعائلته متحمسون للذهاب إلى حي ويمبلي اللندني وبدء حياتهم من جديد. انتقادات كبيرة وكان رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون ووزير خارجيته، دومينيك راب، قد تعرضا لانتقادات شديدة بسبب ما وصف ب"الخروج الفوضوي" الذي خلف مئات المواطنين البريطانيين بالإضافة إلى آلاف الأفغان المؤهلين للحصول على التأشيرات وإعادة التوطين. وفي ذلك الوقت، قال رئيس الوزراء إنه شعر بندم كبير لعدم القدرة مساعدة الكثيرين على مغادرة أفغانستان، متعهدا ببذل أقصى الجهود لمساعدتهم، فيما قال نواب من حزبه إن ما حدث "هو خيانة ونكران". وشهد يوم الخميس بارقة عندما عندما أقلعت طائرة قطرية من مطار كابل باتجاه الدوحة في أول رحلة دولية بعد خروج القوات الأميركية وكانت تحمل على متنها أكثر من 100 مسافر، بينهم 13 بريطانيا، بالإضافة إلى عشرات الركاب من أميركا وكندا وألمانيا. ولكن توبياس إلوود، النائب البارز في حزب المحافظين، والذي دعا إلى تحقيق في العدد "الهائل" من الأخطاء التي ارتكبت جراء خروج القوات البريطانية، قال لصحيفة إندبندنت إنه "لا يزال هناك طريق طويل لنقطعه". ورغم ترحيبه بمغادرة بعض البريطانيين على متن طائرة قطرية، بيد أنه عبر عن خشيته على المواطنين الأفغان الذين تلاحقهم حركة طالبان جراء تعاونهم مع المملكة المتحدة. وتابع "التحدي الأكبر بالنسبة لنا سيكون في كيفية إنقاذ ومساعدة أولئك تعاونوا معنا"،حاثا حكومة بلاده على استغلال نفوذها لدى تركيا وقطر للسماح بتمثيل المملكة المتحدة من خلال سفاراتهما التي لا تزال تعمل في كابل،مما يساعد في حل مشكلة التأشيرات. من جانبها، قالت ليزا ناندي، وزيرة الخارجية في حكومة الظل (المعارضة في مجلس النواب) إنه ينبغي على حكومة المملكة المتحدة عمل كل شيء لضمان عودة الرعايا البريطانيين إلى الوطن بأمان، مردفة: "من غير أن المعقول ما حدث من فوضى وعدم تنسيق، إذ كان أمام الحكومة أكثر من 18 شهر للتخطيط لعمليات الإجلاء". وزادت: "ذلك الفشل سبب معاناة كبيرة للكثيرين بما في ذلك الأفغان الضعفاء الذين خدموا معنا طوال عقدين وبالتالي قد يتعرضون لعمليات انتقامية من قبل حركة طالبان". أكبر جسر جوي وفي المقابل قال مكتب الشؤون الخارجية والكومنولث والتنمية إن بريطانيا قد أجلت أكثر من 15 ألف شخص، بما في ذلك أكثر من 8300 مواطن بريطاني من كابل منذ منتصف أغسطس،"في أكبر عملية جسر جوي من بلد واحد خلال جيل واحد". وأضاف: "إن المملكة المتحدة والشركاء الدوليون ملتزمون جميعًا بضمان أمن مواطنينا والمقيمين والموظفين والأفغان الذين عملوا معنا وأولئك المعرضين للخطر". وتابع: "لقد أوضحنا لطالبان بضرورة أن تسمح بمرور آمن لمن يريدون المغادرة". وكان رئيس الوزراء قد أبلغ البرلمان البريطاني هذا الأسبوع أن السلطات كانت على علم بوجود 311 شخصًا ما زالوا في أفغانستان، وهم مؤهلون للجوء عبر سياسة إعادة التوطين، لافتا إلى جرى استدعاء 192 منهم، لكنهم لم يصلوا في الوقت المناسب إلى المطار قبل مغادرة الرحلة الأخيرة لسلاح الجو الملكي. لكن على الرغم من هذه التأكيدات، قال بعض أولئك الذين ما زالوا عالقين في أفغانستان للصحيفة البريطانية، إن مناشدتهم لمساعدتهم لم تجد آذانا مصغية، إذ أوضحت صحفية ومترجمة عملت كمستشارة في السفارة البريطانية أنها لم تتلق أي رد بشأن طلباتها المتكررة لإجلائها من البلاد.