ظل الجهاز القومي للإحصاء منذ فبراير من العام الجاري يقيس معدلات التضخم شهرياً، وسجل مؤشر التضخم لهذا الشهر انخفاضاً غير مسبوق منذ ثلاثة أعوام، شخصه اقتصاديون بأنه حالة من الانتكاس تستدعي التدخل العاجل والمعالجات الصحيحة. وقال عضو اللجنة الاقتصادية بقوى الحرية والتغيير عادل خلف الله، إن انخفاض معدلات التضخم التي أعلنها الجهاز القومي للإحصاء مؤخراً تستدعي تدخلاً عاجلاً من الحكومة في اتجاه تحريك عجلة الاقتصاد وإنعاشه حتى لا يعاني اقتصاد البلاد من الركود والتضخم معاً. وانخفض معدل التغير السنوي (التضخم) مسجلاً (387.56%) لشهر أغسطس 2021م مقارنة بمعدل (27. 422%) لشهر يوليو 2021م بإنخفاض قدره (35.22) نقطة أغسطس. وأوضح عضو اللجنة الاقتصادية عادل خلف الله في تصريح ل (مداميك) أن البيانات الأخيرة التي ظهرت في تقرير الإحصاء الشهري لأول مرة منذ ثلاث سنوات ترصد انخفاضاً في معدل التضخم، وأضاف: "لكن حتى لا نصاب بخداع الأرقام علينا كصناع قرار سياسي واقتصادي أن نبحث عن الأسباب الحقيقة لهذا الانخفاض"، مشيراً إلى أن أي انخفاض في التضخم نظرياً جيد، وتابع: "لكن معرفة أسبابه هي التي تجعلنا نضعه في أي خانة من الخانات". وفي ذلك فصّل خلف الله، قائلاً: "التضخم الجامح الذي كان يسجل زيادة بمعدل 20 نقطة عن كل شهر منذ فبراير 2020 وحتى يونيو 2021؛ هو نوع من أنواع التضخم الفعالة جداً، ويسمى تضخم زيادة التكلفة". وأبان أن تضخم زيادة التكلفة هذا أتى نتيجة للإجراءات المالية والنقدية للحكومة، أو ما يعرف بسياسة التحرير الاقتصادي، والتي قال إنها عملت على خفض قيمة العملة الوطنية بنسبة تاريخية غير مسبوقة تجاوزت ال (700%) (من 55 إلى 468)، شرعنت بها السوق الموازي، واعتبرت أن سعره هو السعر الحقيقي بجانب تحرير أسعار المحروقات بعد شهرين من تحرير العملة. وشدد خلف الله على أن السياسات الاقتصادية للحكومة الانتقالية أدت إلى زيادات غير مسبوقة في أسعار السلع والخدمات نتيجة ارتفاع التكاليف، أوصلتها إلى نقطة التشبع أو ما يسمى بالنقطة القياسية في هيكل الأسعار، والتي نجمت عنها ردة فعل باعتبار أن الأسعار مرتبطة بحركة التداول، وأدت إلى ظاهرة جمود اقتصادي أو كساد أو ركود. لافتاً إلى أن كل هذه مترادفات تعني أن الأسعار أصبحت خارج متناول غالبية القوى الشرائية. وأكد خلف الله أن التضخم من مؤشرات الاقتصاد الكلي السنوية، وأن مسألة حسابة شهرياً في حد ذاتها مؤشر على استمرار الأزمة والتدهور الاقتصادي، وأضاف: "ظل التضخم منذ العام 2018 في حالة صعود، وظل يهزم كل الموازنات التي كانت تستهدف تخفيضه منذ آخر موازنة في ظل النظام المباد التي استهدفت خفضه إلى 47، إلا أنه دخل في ثلاث خانات عشرية بنهاية العام، وكذلك موازنة 2020 استهدفت خفضه إلى 70، ولكن انتهى العام بوصوله إلى 200، أما الموازنة السارية فلم تحدد رقماً ولكنها حددت خفضه إلى خانتين عشريتين ولا يزال في ثلاث خانت عشرية". بدوره، عزا مستشار الاقتصادي بوزارة الصناعة والثروة المعدنية السعودية، أبو بكر التجاني، انخفاض معدل التضخم السنوي للسياسات الاقتصادية الإصلاحية التي انتهجتها الحكومة، ومنها رفع الدعم عن المحروقات، والتي أدت إلى انخفاض القوة الشرائية وانخفاض معدل الزيادة في الأسعار. وأعرب التجاني -حسب وكالة السودان للأنباء- عن أسفه، لأنها سياسات إصلاحية مؤلمة، أدت إلى خفض القوة الشرائية لمعظم المستهلكين، نتج عنها انخفاض كبير في حجم الطلب الكلي على السلع والخدمات، لأن الزيادة في الأسعار والمحروقات استهلكت جزءاً كبيراً من الدخل. مداميك