إنني من الذين أثارت انتباههم قمصان الزعيم الأفريقي المتقاعد الراحل مانديلا وقد تجاوز الثمانين من العمر بأعوام.. إن قمصان مانديلا الشبابية العصرية كانت علامة فارقة في عالم الموضة خاصة بالنسبة للمناضلين السياسيين. فقد سعى مانديلا من خلال قمصانه إلى التميز مستلهماً للسحر الأفريقي الذي يتلاءم مع قناعات الرجل منذ أن كان متوهجاً داخل سجنه وبعد أن أصبح رئيساً إلى أن تقاعد ثم توفي. وحينما اجتذبت نظري قمصان (العجوز) تعود بي الذاكرة إلى قمصان الرسام الشهير بابلو بيكاسو فاجد تناغماً بين قمصان (العجوزين) وإن كان بيكاسو يختار تشكيلات قمصانه وفقاً للعصارة الفنية التي أنجزها طوال حياته. إما مانديلا في اعتقادنا يختار قمصانه من استحقاق لقب زعيم القرن العشرين الافريقي. استحقاقه عن جدارة محافظاً على شخصيته والنواحي الايجابية فيها، مسنجماً ومتوازناً مع تحولات وتغيرات الواقع. فلكم سمعنا وقرأنا وشاهدنا (القناع الافريقي) ودوره في الفن وفي الحياة عامة، وهاهو مانديلا يلبس أقنعة افريقية تمثلت في (قمصانه) إن من كان يشاهد مانديلا مرتدياً قمصانه المزركشة لن يحس بأن هناك نشازاً بين الرجل وقمصانه بل هي لائقة عليه.. جذابة وأنيقة. وكما قيل فإن الثياب (بشرة) ثانية تحدد شخصية الإنسان من ثم هناك حميمية شديدة كانت تربط بين مانديلا وقمصانه.. وربما تكون قمصانه تعويضاً عن ال18 عاماً التي قضاها في زنزانته.. إن قمصانه ليست إلا تعبيراً عن شموع الحرية التي يضيئها على جسده ومع كل قميص يضئ شمعة للأخرين.. وكما قالت احدى الكاتبات إن قميص مانديلا كان طويلاً وفضفاضاً على الدوام حتى يتسع لكل الألوان، وكان يدع لأصحابه أن يلمسوا حافة منه ليظن كل منهم أنه وحده (الصاحب) فلنجعل هذا الوطن مثل قمصان مانديلا لنقترب منه أكثر!!