تصاعد الأحداث في البلاد حتى محاولة الانقلاب الفاشل يكشف حجم التحديات التي تواجه تأسيس دولة مدنية في السودان، الصوت العالي للقبلية والعنصرية ومحاولة فرض الرأي والمواقف من قبل قلة بواسطة العنف واستغلال الولاء القبلي وما يسمى بأرض القبيلة أمر لا بد أن تعمل عليه القوى المدنية بكل قوة حتى يتم مواجهته بأقصى درجة من التنظيم والوعي. محاولات القوى المضادة للمدنية لن تقف، فهي تشعر بخطر التفكيك لمنظومتها السياسية والاقتصادية، والأمر لا يقف عند حد (شراذم الفلول) فهؤلاء عمدوا طيلة سنوات حكمهم المظلم على التشبيك مع قيادات أهلية ودينية وطفيليين، (متوغلين) في عمق المجتمعات السودانية، يقومون بالتخذيل، والتعطيل والتشوية لأي إنجاز يصب في مصلحة تحقيق أهداف الثورة، هؤلاء تعقبهم وكشفهم وعزلهم هو واجب القوى المدنية، وهو واجب لا يجد العزم الكافي لإنجازه حتى الآن، والأسوأ أن تتم مطالبة الحكومة المدنية بالقيام به. واجب الحكومة المدنية أن تطبق القوانين بأقصى درجة من السرعة والصرامة على من هددوا وخرقوا الحقوق المدنية، فقطع الطرق القومية وتهديد مصالح البلاد الاقتصادية أمر لا يمكن قبوله أو وضعه في خانة (حرية التعبير والتنظيم)، فلقد كشفت وزارة النقل أن إجمالي الخسائر المادية لإغلاق الميناء لمدة أربعة أيام بلغ أكثر من (2) مليون جنيه سوداني، إضافة إلى التأثير السياسي الناجم عن إغلاق الموانئ وتوقف آليات المناولة وتبعات ذلك من آثار تصل حد تلف أجهزة التحكم بها. إضافة إلى حالة عدم الاستقرار السياسي، الناتجة عن التصعيد غير السلمى، واستدعاء الأجنبي طلبًا للدعم كما فعل ناظر عموم الهدندوة (ترك)، وتلك أفعال تستوجب تطبيق القانون على الفور، لا بد أن يرتقي الوعي. أن المواطنة تعنى أنها حقوق وواجبات، لا يمكن المطالبة بالحقوق دون الالتزام بالواجبات وأولها احترام القوانين واتباع الطرق السلمية للمطالبة بها. القوى المدنية في السودان لا بد أن تقف وقفة مراجعة وتقييم لنفسها، فالانقسامات والذاتي يكاد يعصف بها، والمؤلم أن تتم مطالبة الحكومة بتكوين المجلس التشريعي وفي ذات الوقت يتم توجيه النقد لها عندما تقوم بسن القوانين!! أمر لا يحدث إلا في السودان، أن التغيير يبدأ عندما نطرح على أنفسنا على الدوام الأسئلة ماذا فعلنا لأجل تحقيق أهداف الثورة وماذا حققنا كقوى مدنية؟ الميدان