يوم الثلاثاء المنصرم كان يوما أستثنائيا في حزننا المتجدد والقائم على إستشهاد ثلة خيرة من أبنائنا في المخابرات السودانية ، إستشهدوا ببسالة خارقة ومعهودة ، وهم يؤدون واجب الدفاع عن الوطن الذي تتكالب عليه المحن والإحن من كل صوب وحدب ، جماهير الشعب السوداني وهي مشغولة ومهمومة بالمعاش اليومي الذي غلب الغلاب ، ومطاليب مدارس أضافت عبئا إضافيا على كاهل كل أسرة ، في وسط كل هذا وقلوبهم تدعو الله مخلصة أن يتم وفاقا بين مكوني الحكم في الفترة الإنتقالية دون أن يتغول فريق على فريق ، في خضم كل هذا ، كانت قواتنا في المخابرات ، تتابع وترصد وتتبع الخلايا الإرهابية القابعة في وسط أحيائنا وفي بيوت أهلنا ، وفي لحظة القرار بمباغتة إوكار الإرهاب في مناطق متفرقة من العاصمة ، يأتينا الخبر الصاعق باستشهاد هذه الكوكبة من أبنائنا بمقاماتهم السامية ، نسأل الله العلي القدير أن يرفع مراتبهم في جنات الفردوس وان يتغمدهم برحمته والصبر والسلوان لأسرهم وأهليهم، والعزاء ممتد لإخوتهم وزملائهم في المخابرات السوداني .لقد تفأجأ الشعب السوداني بتواجد خلايا إرهابية تتبع لتنظيم داعش في داخل أحياء العاصمة المثلثة، لم يكن ذلك ممكنا إلا لإستغلالهم ظروف الهشاشة الأمنية التي حذرنا منها في مقالات سابقة وذلك منذ بداية الفترة الإنتقالية ، ألا أن الصراع السياسي كان هو الغالب والشاغل عن كل شئ آخر وهانحن نتلقى صفعة قوية من تنظيم الدولة الاسلامية ( داعش) فقدنا على إثرها خمس من خيرة شبابنا في جهاز المخابرات الوطني .نعم ، لقد القبض على هؤلاء القتلة ولكن لم يسدل الستار بعد ، هذا الحادث المؤلم يجب أن يلقى كل الإهتمام من كافة أجهزة الدولة ، سياسيوها وأجهزتها الأمنية المختلفة واجهزة الإعلام كما نشير أيضا الى أهمية الدور الشعبي ممثلا في لجان المقاومة في الكشف عن أي تحركات مريبة لا إستثناء فيها لجنسية محددة لأن التنظيم أثبت تواجده وفاعليته في البلدان التي تشهد عدم إستقرار سياسي او إنهيارات إقتصادية أو حتى تدخلات غربية يحاول تنظيم الدولة محاربة هذه التدخلات والحد منها . إن مطالبة السودان الانضمام لتحالف دول الساحل الخمسة كعضو أصيل كان قرارا موفقا حتى وأن كان عضوا مراقبا مما يسهل عليه عمليات التنسيق لمحاربة حركة التنظيم الاسلامي (داعش ) على المستوى الداخلي وعلى المستوى الإقليمي ، عضوية السودان ستكسبه قبولا فرنسيا ودعما أمريكيا في صياغ خروج السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب الى دولة تحارب الإرهاب . لا أحد ينكر تواجد التنظيم وسط الشباب في الجامعات السودانية، وفي عضوية بعض التنظيمات الجهادية حتى ولو إستخف بثقلها ، وفي أعوام سبقت قيام الثورة ، شهد السودان هجرة الآلاف من الجنسين للإنضمام لتنظيم داعش أو بوكو حرام ، أو أي تنظيم جهادي تكفيري، والسودان دولة تتأثر بما يجري ويحدث في دول الجوار لا محالة ، ليبيا ، تشاد ، بوركينا فاسو وبما يجري في دول الشرق الأفريقي أثيوبيا والصومال واليمن وجميعها شهد تغلغلا لتنظيم القاعدة أو تنظيم الدولة . إن سعي تنظيم داعش إن يجعل من السودان ساحة لمعركته القادمة في ظل إنهزامه وتراجعه في ساحات أخرى عربية وإفريقية لن يساعد في خلق مناخ مواتي لتحول وإنتقال ديمقراطي بل قد يسهم في تراجع سياسي وخلق بيئة صالحة لنظام حكم متطرف ومستبد. لأن إستراتيجية تنظيم الدولة لا يعتمد فقط على الآيدولوجيا بل يعتمد في تحقيق هدفه الأسمى دولة الخلافة على المال والموارد الى جانب فرض أجندته ورؤاه في الرقعة التي يبسط سيطرته عليها ومما ييسر عليه مهامه عدم الاستقرار السياسي والفقر واستغلال اللاجئين والمهجرين في المعسكرات بغرض تجنيد أعضائه . إن السودان وفي ظروف الإنتقال السياسي وضعف مكون الشراكة وظاهرة التشكيك بين المكون العسكري والمدني وانصراف كل القوى السياسية الحزبية الى إقتسام كيكة الحكم ، يهيئ المناخ لتمدد أذرع هذا التنظيم المتطرف والذي محاربته وإقتلاع شأفته. إن أحداث يوم الثلاثاء الماضي إذا مرت كغيرها من الأحداث السابقة للتنظيم دون التعامل معها من أعلى مستويات السلطة السياسية والامنية والشعبية سيدخل السودان كله في دائرة مظلمة من الفوضى والإقتتال بسبب تنظيم يمكن حصاره وخنق تواجده قبل أن يصبح السودان منصة لإنظلاق عملياته داخليا وخارجيا . نعيد مرة أخرى لأهمية دور الإعلام في توعية الشعب عن ماهية التنظيم وأهدافه وأدواته ومصادر تمويله والساحات التي يتواجد بها والمخاطر المحدقة بسلامة الوطن والمواطن إذا تغلغل وإستقوى بالداخل إن على القوى السياسية التي تعمل على إضعاف الجبهة الداخلية بغرض تحقيق إجندتها المعلنة والخفية منها ، فإن الإرهاب لا يستثني أحدا منكم ومنا ، عليكم بتوحيد الصفوف وعليكم بالعمل على تماسك الجبهة الداخلية وأن توثقوا وتؤكدوا الثقة في قواتنا الأمنية بكل فصائلها لأن قوتها من قوتنا وقوتنا في تقثنا فيها ، إعدوا لها العدة فهي قادرة على إجتثاث الإرهاب ،وإذا نكصتم في العهد مع قواتنا الأمنية بكل تشكيلاتها .. لا ديمقراطية وجدنا ولا بلد نتراشق بالسباب بإسمه . .. اللهم إني قد رميت بحجر في بركة ساكنة .