والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    بايدن يعين"ليز جراندي" مبعوثة للشؤون الإنسانية في الشرق الأوسط    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    مصادر: البرهان قد يزور مصر قريباً    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    إقصاء الزعيم!    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    تشكيل وزاري جديد في السودان ومشاورات لاختيار رئيس وزراء مدني    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    الجيش يقصف مواقع الدعم في جبرة واللاجئين تدعو إلى وضع حد فوري لأعمال العنف العبثية    أحلام تدعو بالشفاء العاجل لخادم الحرمين الشريفين    السيسي: قصة كفاح المصريين من أجل سيناء ملحمة بطولة وفداء وتضحية    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    دبابيس ودالشريف    البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مرفق الحلقة الأخيرة تجربة ثورة ديسمبر ودروسها (19) – الأخيرة
نشر في الراكوبة يوم 08 - 10 - 2021

1- رغم أن الحديث عن تجربة ثورة ديسمبر 2018 السودانية ودروسها سابق لأوانه ، لأن الثورة ما زالت مستمرة وجذوتها ما زالت متقدة ، والصراع ما زال مستمرا ضد اختطافها ، ومن أجل استردادها لتحقيق أهدافها ، لكن الهدف من الدراسة هو جرد وتحليل لما حدث حتى الآن ، لاستخلاص دروس التجربة وآفاق تطورها بهدف استرداد الثورة وتحقيق أهدفها ومهام الفترة الانتقالية .
– لم تكن ثورة ديسمبر حدثا عفويا ، بل كانت تحولا نوعيا لتراكم كمي طويل من المقاومة الباسلة لشعب السودان ضد نظام الانقاذ الفاشي الدموي لحوالي 30 عاما التي عبرت عنها الهبات والاضرابات والمظاهرات ، والاعتصامات التي واجهها النظام باطلاق الرصاص الحي مما أدي إلي مئات الشهداء كما حدث وسط الطلاب وأبناء البجا وكجبار والمناصير وهبة سبتمبر 2013 ويناير 2018 ، وشهداء التعذيب الوحشي في سجون وبيوت أشباح النظام ، والالاف المشردين من أعمالهم والمعتقلين ، وضحايا التعذيب الوحشي في المعتقلات ، والشهداء في حروب الابادة في الجنوب حتى تم انفصاله ، وفي جرائم الابادة الجماعية في دار فور وجنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان ، وثورة ديسمبر التي استشهد فيها المئات من الشباب والكنداكات ، كل ذلك لم يفت في عضد جماهير شعبنا، التي ما زالت تواصل نضالها لاستكمال مهام الثورة .
– لعب الشباب دورا كبيرا في ثورة ديسمبر كما في ثورات 1924 واستقلال السودان 1956 ، وثورة اكتوبر ، وانتفاضة مارس – أبريل 1985 التي لعب فيها الشباب دورا كبيرا .
– شأن كل الثورات العظيمة في التاريخ مثل الثورة الفرنسية والثورة الروسية ، التي لعبت فيها المرأة دورا كبيرا ، كذلك لعبت المرأة السودانية دورا كبيرا في هذه الثورة باشتراكها في المظاهرات ويث الحماس وسط الثوار ، وكشف معلومات العدو للثوار ، وايواء الثوار من بطش عناصر الأمن والارهابيين ، والمشاركة بفعالية في اعتصام القيادة العامة ، ونالت نصيبها من الاعتقال والتعذيب والاصابات بالرصاص الحي والتحرش بهدف ارهابها عن المشاركة في الثورة والضرب بالهراوات والغاز المسيل للدموع ، وتعرضت لجريمة الاغتصاب بعد مجزرة القيادة العامة . الخ.
– كان من أهداف ثورة ديسمبر استعادة الوطن الذي تمّ اختطافه من الإسلامويين ، والذي اصبح تحت هيمنة المحاور الاقليمية والدولية التي تتدخل مباشرة في شؤونه الداخلية .
وقد انتبهب شعوب المنطقة من حولنا لخطورة اختطاف الإسلامويين للوطن ، فهم لا يؤمنون به ، وأنهم مارقون عليه ، ويعملون علي تدميره وتفكيكه كما حدث في السودان ، وكانت الهزيمة الساحقة للاسلامويين في مصر ، تونس ، وأخيرا في انتخابات المغرب الأخيرة.
2- جاءت ثورة ديسمبر رغم خصوصيتها علي خطي تجربة الثورة المهدية وثورة اكتوبر 1964م وتجربة انتفاضة مارس – ابريل 1985 في السودان التي اوضحت أن الثورة تقوم عندما تتوفر ظروفها الموضوعية والذاتية والتي تتلخص في :
– الأزمة العميقة التي تشمل المجتمع باسره، ووصول الجماهير لحالة من السخط بحيث لا تطيق العيش تحت ظل النظام القديم .
– تفاقم الصراع داخل النظام الحاكم الذي يشمل الطبقة أو الفئة الحاكمة والتي تؤدي الي الانقسام والصراع في صفوفها حول طريقة الخروج من الأزمة ، وتشل اجهزة القمع عن أداء وظائفها في القهر ، وأجهزة التضليل الأيديولوجي للجماهير .
– وأخيرا ، وجود القيادة الثورية التي تلهم الجماهير وتقودها حتي النصر .
3 – طرحت ثورة ديسمبر أنبل القيم الانسانية في الثورات العظيمة في التاريخ ضد الظلم والعنصرية والقهر والفساد ، التي تتمثل في الحرية والديمقراطية والحياة والمعيشة الكريمة وتوفير حق العمل للعاطلين ، والعدالة و السلام ووقف الحرب والسيادة الوطنية واستعادة ممتلكات وأموال وأراضي شعب السودان المنهوبة ، ومحاسبة الفاسدين الذين دمروا البلاد ومشاريعها الصناعية والزراعية والخدمية ، وقومية الخدمة والمدنية والنظامية ، وهي امتداد لنهوض الحركة الجماهيرية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية من أجل التقدم وتجديد حياتها ..
– جاءت ثورة ديسمبر حاملة كل مظاهر الثورات التي حدثت في العالم مثل : المواكب والوقفات الاحتجاجية والعرائض والمذكرات والاضراب السياسي العام والعصيان المدني ، وتمرد القوات النظامية وانحيازها للشعب ، والمظاهرات والاعتصامات كما في اعتصام القيادة العامة الذي كان مثالا لوحدة السودانيين والتضامن والهتافات ضد السلطة الحاكمة التي تطورت من مطالب محددة الي اسقاط النظام ، وتسليم السلطة لممثلي الشعب من المدنيين، كما عرفت مثل الثورات الأخري الانقلاب المضاد للثورة مثل : انقلاب اللجنة الأمنية الذي عطل الوصول لأهداف الثورة ، والانقلاب الدموي في مجزرة القيادة العامة ، وانقلابات قاعة الصداقة وأحداث جبرة ، وقفل الطريق القومي لبورتسودان بهدف اعادة الحكم العسكري .
قد تنتكس الثورة وتتغير الأوضاع الي الأسوأ اذا استمرت الحكومة الجديدة في سياسات النظام البائد كما حدث في الثورة الفرنسية وثورة ديسمبر الحالية ، أي ليس بالضرورة أن تتغير الأوضاع الي الأحسن ، مما يتطلب مواصلة الثورة حتى تحقيق أهدافها ، وقد تحدث الثورة تغييرات سياسية تتطلب مواصلتها بتغييرات جذرية في علاقات الإنتاج لمصلحة الطبقات الكادحة ، وقيادة قطاع الدولة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مع تعدد القطاعات الأخري ، أي لا تكفي التغييرات السياسية الفوقية ، ومن أهم تجارب الثورات التي أحدثت تغييرات سياسية واجتماعية ( الغاء الحكم الاقطاعي ونظام الرق) وابقت علي هيمنة الطبقة البورجوازية الجديدة الاقتصادية : الثورة الانجليزية 1689 ، الثورة الأمريكية 1775، الثورة الفرنسية 1789، عكس الثورات الروسية والصينية والفيتنامية والكوبية التي احدثت تغييرا جذريا في علاقات الإنتاج وفي التاريخ الإنساني والتحرر الاجتماعي والثقافي ، ونهوض حركات التحرر الوطني بعد الحرب العالمية الثانية التي أدت لاستقلال المستعمرات السياسي .
4- من نواقص ثورة ديسمبر
رغم أن الثورة نجحت في إزاحة الديكتاتور البشير بعد ثلاثين عاما من التسلط والقهر والنهب ، كما نجحت بعد يوم في الاطاحة بمجرمي الحرب في دارفور ابنعوف وكمال عبد المعروف ، ولكن النظام الفاسد ظل باقيا، وكان رد الثوار هو الوجود في ساحة الاعتصام والشارع حتى التصفية الكاملة للنظام الإسلاموي الفاسد بشعار تسقط ثالث ورابع وخامس . الخ ، حتي تسليم الحكم لنظام مدني ديمقراطي عبر فترة انتقالية تنفذ المهام التي تم الاتفاق عليها في ميثاق قوى " الحرية والتغيير" ، ورفض أي انقلاب عسكري ، يعيد إنتاج النظام السابق والحلقة " الجهنمية" ديمقراطية – انقلاب – ديمقراطية – انقلاب . الخ ، التي دمرت البلاد لأكثر من 60 عاما بعد استقلال السودان . فضلا عن رفض إعادة تجربة انتكاسة ثورة الاستقلال 1956 ، وثورة أكتوبر 1964 ، وانتفاضة مارس – أبريل 1985 .
بالتالي من نواقص الثورة في ايامها الأولي أن قيادة الثورة لم تكن جاهزة لاستلام السلطة ، كما لم ينحاز صغار الضباط والجنود من الجيش لحمايتها واتخاذ التدابير اللازمة لتأمينها .
– من نواقص ثورة ديسمبر هيمنة فئات البورجوازية والبورجوازية الصغيرة علي قيادتها ، وضعف الدور القيادي للطبقة العاملة ، رغم مشاركة موكب العمال في المدن والمناطق الصناعية يوم الأحد 24 مارس 2019 الذي رصدناه في وقته ، واعطي دفعة قوية للثورة ، وكان من أسباب ضعف الدور القيادي للعمال في الثورة استهدافهم الكبير من النظام الإسلاموي الطفيلي الذي دمر المشاريع الإنتاجية الصناعية والزراعية والخدمية وشرد الالاف من العاملين في السكة الحديد والنقل النهري والمخازن والمهمات والخطوط الجوية والبحرية والموانئ ، وآخرها كانت محاولة الصفقة الفاسدة لايجار الميناء الجنوبي التي تشرد العاملين بالميناء الجنوبي التي قاومها العاملون فضلا عن التفريط في سيادة البلاد كما شرد الالاف من العاملين بمصانع النسيج والمحالج والسكر والمدابغ ومصانع الأسمنت.الخ .
اضافة للعامل الذاتي مثل : ضعف التنظيم وغياب تجمع العمال الذي يوحد مجموع العاملين وغياب التحالفات العمالية النقابية والتنظيمات الديمقراطية مثل : الجبهة النقابية في التحالف الذي تصدي لقيادة الثورة ، علما بأن الطبقة العاملة لعبت دورا كبيرا في انتزاع نقابات العاملين ، فقد انتزع العمال تنظيمهم النقابي هيئة شؤون في السكة الحديد عام 1946 ، وقانون النقابات للعام 1948 الذي كفل حق التنظيم النقابي وانتزعوا اتحاد العمال في العام 1950.
5 – كيف جرت محاولة المخطط لاجهاض الثورة ؟ .
مخطط قطع الطريق أمام الثورة بدأ بانقلاب اللجنة الأمنية في 11 أبريل 2019 ، في اطار سيناريو " الهبوط الناعم" الذي كان معلوما منذ تقرير المبعوث الأمريكي برينستون ليمان بعنوان " الطريق الي الحوار الوطني في السودان" بتاريخ 13 أغسطس 2013 ، الذي أشار فيه الي ضرورة طرح حوار واسع يشارك فيه حتى الإسلامويين بهدف تكوين حكومة ممثلة لقاعدة واسعة ، كان ذلك بعد نهوض الحركة الجماهيرية وترنح نظام الانقاذ وخوف أمريكا من قيام ثورة شعبية نؤدي لتغيير جذري في البلاد ، وينتج عنها نظام ديمقراطي يهدد مصالحها وحلفاءها الدوليين والاقليميين في المنطقة وبهدف الاستمرار في نفس سياسة التبعية مع تغييرات شكلية في الحكام .
و بعد أن قامت الثورة اختطفتها قوي "الهبوط الناعم" التي تحالفت مع انقلاب اللجنة الأمنية الذي استخدم المجلس العسكري بعده تكتيكات ومناورات وخداع ، وعنف وحشي أمام القيادة العامة ، كما حدث في أحداث 8 رمضان ومجزرة القيادة العامة في 29 رمضان التي كانت جريمة ضد الانسانية ، لا زالت المعركة تدور حول الاسراع في إعلان نتيجة التحقيق في المجزرة والقصاص للشهداء ومتابعة المفقودين ، فكيف كانت الخطوات التي جرت لاجهاض الثورة ؟ .
بعد مجزرة فض الاعتصام تدخلت محاور اقليمية ودولية للتوقيع علي الوثيقة الدستورية التي هيمن فيها العسكر علي السلطة ، وبعدها انقلب العسكر علي الوثيقة الدستورية ، واختطفوا ملف السلام من مجلس الوزراء ، ووقعوا علي اتفاق جوبا الجزئي القائم علي المحاصصات والمسارات، والذي يهد وحدة البلاد ، والذي كان انقلابا كاملا علي الوثيقة الدستورية ، وتعلو بنوده عليها .
كل ذلك بهدف تكرار تجارب الانتقال الفاشلة كما في الديمقراطية الأولي والثانية والثالثة ، والحلقة الجهنمية بالانقلابات العسكرية ومصادرة الديمقراطية .
6- كما رصدنا تراكم المقاومة الجماهيرية حنى موكب 6 أبريل 2019 ، منذ الانفجار الجماهيري بعد الزيادات في المحروقات والخبز . الخ ، والذي بدأ من الدمازين في 13 ديسمبر 2018 ، وبشكل اقوي في مدينة عطبرة ، وبعدها استمرت المواكب والوقفات الاحتجاجية والعرائض والمذكرات حتى موكب 6 أبريل الذي كان نقطة تحول مهمة في ثورة ديسمبر ، أدي للاعتصام أمام القيادة العامة ، ولسقوط البشير ونائبه ابنعوف في 11 أبريل 2019 بعد انقلاب اللجنة الأمنية الذي قطع الطريق أمام وصول الثورة لأهدافها ، استخدام المجلس العسكري تكتيكات ومناورات وخداع ، وعنف وحشي ضد الاعتصام أمام القيادة العامة ، كما حدث في أحداث 8 رمضان ومجزرة القيادة العامة في 29 رمضان التي كانت جريمة ضد الانسانية ، لا زالت المعركة تدور حول كشف نتائجها بعد تكوين لجنة نبيل أديب والقصاص للشهداء ومتابعة المفقودين ، ما أوضحنا في الحلقات السابقة.
كما استمر تراكم المقاومة الجماهيرية بعد مجزرة فض الاعتصام ، مثل : الإضراب العام الذي دعت له " قوى الحرية والتغيير" يومي الثلاثاء 28 مايو والأربعاء 29 مايو 2019 ، الذي أكد أن الجماهير ما زالت قابضة علي جمر الثورة ، والسير بها قدما حتى قيام الحكم المدني الديمقراطي، وبعد الاضراب العام جاءت مواكب 30 يونيو و13 يوليو وساحة "الحرية" هادرة ، والتي أكدت أن جذوة الثورة متقدة ، و لا بديل غير تسليم السلطة للمدنيين ، والفصاص للشهداء من مرتكبي مجزرة فض الاعتصام ، وتكوين لجنة التحقيق المستقلة الدولية.
من سمات تجربة ثورة ديسمبر التصدي لتآمر القوي المضادة للثورة وعلي رأسها فلول النظام البائد من المؤتمر الوطني وامتداده داخل الحكومة والخدمة المدنية والقوات النظامية ، ومؤسساته وشركاته الرأسمالية الطفيلية موجوده ، والتي تعمل بنشاط في تخريب الاقتصاد وتدهور مستوي المعيشة، فمازالت عملية تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989، واسترداد أموال وممتلكات الشعب المنهوبة تسير ببطء ، فما استردته لجنة التمكين يمثل قطرة في جبل الجليد ، اضافة للبطء في محاسبة رموز النظام البائد الذين ارتكبوا جرائم الابادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية ، فما قام انقلاب اللجنة الأمنية الا لحماية تلك المصالح ، وايجاد مخرج لهم من المحاكمات ، فضلا عن عدم تسليم البشير ومن معه للمحكمة الجنائية الدولية ، والدعوات للمصالحة مع الإسلامويين، ونسيان مجزرة فض الاعتصام !!!.
– كما برزت فكرة المصالحة مع الاسلامويين لتصفية الثورة رغم مخططهم لتصفية الثورة ، ودور انقلاب اللجنة الأمنية في قطع الطريق أمام الثورة لحماية مصالح الرأسمالية الطفيلية العسكرية والمدنية ، وابرام اتفاق جوبا الذي يهدد وحدة البلاد والقائم علي المحاصصات والمسارات الذي تجاهل الشرق وقضاياه ، مما أدي لتأجيج الفتنة القبلية في الشرق ، كما يحدث الآن ، فقد أغلق شباب المجلس الأعلى لنظارات البجا مداخل ومخارج محطة الحاويات ومنطقة الكشف الجمركي في "دما دما" بميناء بورتسودان عصر أمس الجمعة بجانب إغلاق الطريق القومي بعدد من مناطق شرق السودان وإغلاق الطريق القاري الرابط بين مصر والسودان في منطقة اوسيف ، مع استثناء عبور السيارات الخاصة والبصات السفرية (الراكوبة، 18 /9 / 2021) ، للمطالبة بالغاء مسار الشرق ، كما استمر الاغلاق الذي شمل الميناء الذي وجد استنكارا واسعا محليا وعالميا باعتباره جريمة ضد الانسانية بقطع التموين والدواء عن المواطنين ..
مما يتطلب الغاء المسارات والمحاصصات ، والحل الشامل والعادل الذي يحقق التنمية المتوازنة وتوفير خدمات التعليم والصحة والأمن وحل كل المليشيات وجيوش الحركات وقيام الجيش القومي المهني الموحد ، وعودة النازحين لقراهم وحواكيرهم وتعويضهم العادل ، وتسليم البشير ومن معه للمحكمة الجنائية الدولية، وتوفير خدمات المياه والكهرباء والرعاية البيطرية .
وقبل ذلك كان قد أغلق محتجون بغرب كردفان مطار بليلة كما تم منع المهندسين الخروج لاداء أعمالهم .
لتحقيق مطالبهم بتعويضات لصالحهم في أرض لمعسكر شركة "بترو انرجي" والذي تم إنشائه في وقت سابق ، مما أدي للتردي الأمني بحقول البترول .
كل ذلك يعكس ضعف الحكومة وتجاهلها لمطالب المواطنين ، وفشلها في حفظ الأمن، والحل الشامل والعادل لقضايا الشرق والغرب ومنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق ، واللجؤ لمنهج النظام البائد في الحلول الجزئية التي تفتت وحدة البلاد ، وتؤدي لتحقيق هدف الفلول في تصفية الثورة والانقلاب عليها .
7 – الحركات المسلحة وثورة ديسمبر
بعد ثورة ديسمبر وقعت بعض الحركات في الجبهة الثورية اتفاق (جوبا) مع اللجنة الأمنية ، والتي تحولت لمحاصصات ومسارات تهدد وحدة البلاد كما هو الحال في الشرق والشمال الرافض للمسارات ، وتنسف الأمن بالسماح بتعدد الجيوش مع مليشيات الدعم السريع السريع التي أدت للمزيد من تدهور الأمن في دارفور وبقية المدن من خلال تكرار حالات انتهاك حق الحياة ، بدلا من الاسراع في الترتيبات الأمنية بحل كل جيوش الحركات والدعم السريع وقيام الجيش القومي المهني الموحد .
كما تراجعت الحركات الموقعة علي اتفاق جوبا مع قوي "الهبوط الناعم" في "قوي الحرية والتغيير" عن المواثيق التي وقعت عليها مثل : "إعلان نداء السودان لإعادة هيكلة الدولة السودانية"، "إعلان الحرية والتغيير" ، وشاركوا في مجلس الشراكة ، والحكومة التي انبثقت عنها التي سارت في سياسات النظام البائد . وتآمر الحركات (مناوي ، جبريل ، أردول ، هجو . الخ) مع العسكر في قاعة الصداقة السبت 2 / 10 بهدف الانقلاب العسكري علي الثورة ، وضد الحكم المدني الديمقراطي ..
كما اوضحت احداث الشرق خطورة اتفاق جوبا الجزئي الذي قام علي المحاصصات والمسارات وأهمل قضايا التنمية المتوازنة بين مناطق السودان المختلفة ومن ضمنها الشرق الذي يشهد حاليا توترا السبب الرئيسي فيه سلطة الشراكة الراهنة ، فقد كرّست اتفاقية جوبا ّ الانقلاب الكامل علي "الوثيقة الدستورية"، ولم تتم اجازتها بطريقة دستورية ، أي بثلثي التشريعي كما في الدستور، بل تعلو بنود الاتفاق علي "الوثيقة الدستورية " نفسها ، كما قامت علي منهج السلام الذي حذرنا منه ، والذي قاد لهذا الاتفاق الشائه الذي لن يحقق السلام المستدام ، بل سيزيد الحرب اشتعالا قد يؤدي لتمزيق وحدة البلاد ، مالم يتم تصحيح منهج السلام ليكون شاملا وعادلا وبمشاركة الجميع ، اضافة للسير في الحلول الجزئية والمسارات التي تشكل خطورة علي وحدة البلاد ، والتي رفضها أصحاب المصلحة أنفسهم ومنهم أبناء الشرق ، والسير في منهج النظام البائد في اختزال السلام في محاصصات دون التركيز علي قضايا مجتمعات مناطق الحرب من تعليم وتنمية وصحة وإعادة تعمير ، وخدمات المياه والكهرباء وحماية البيئة ، وتوفير الخدمات للرحل و الخدمات البيطرية ، وتمّ إعادة إنتاج الحرب وفصل الجنوب ، من المهم الوقوف سدا منيعا لعدم تكرار تلك التجارب .
اتفاق جوبا امتداد لمنهج النظام البائد الذي وقع اتفاقات كثيرة مع قوي المعارضة والحركات المسلحة ، وكان من الممكن أن تفتح الطريق لمخرج من الأزمة ، ولكنه تميز بنقض العهود والمواثيق ، وافرغ الاتفاقات التي وقعّها من مضامينها ، وحولها إلي مناصب ومقاعد في السلطة والمجالس التشريعية القومية والولائية تحت هيمنة المؤتمر الوطني مثل :
الاتفاقات مع مجموعة الهندي من الاتحادي ، جيبوتي مع الأمة والتي أدت إلي انشقاق حزبي الأمة والاتحادي ، مجموعة السلام من الداخل التي انشقت من الحركة الشعبية ، اتفاقية نيفاشا والتي كانت نتائجها كارثية أدت الي تمزيق وحدة السودان ، بعدم تنفيذ جوهرها الذي يتلخص في : التحول الديمقراطي وتحسين الأحوال المعيشية ، وقيام انتخابات حرة نزيهة في نهاية الفترة الانتقالية بحيث تجعل كفة الوحدة هي الراجحة في النهاية ، وكانت النتيجة انفصال الجنوب ، اتفاق القاهرة مع التجمع الوطني الديمقراطي ، اتفاق ابوجا مع مجموعة مناوي، الانفاق مع جبهة الشرق، اتفاق التراضي الوطني مع حزب الأمة ، اتفاق نافع – عقار ، اتفاق الدوحة ، حوار الوثبة الأخير الذي تحول لمحاصصة ومناصب .
8 – استمرت أساليب النظام البائد في الأكاذيب والمراوغة ونقض العهود والمواثيق والأقوال التي لا تتبعها أفعال ، كما اوضحنا سابقا ، في التراجع عن وثيقة " اعلان الحرية والتغيير" من قبل قوي " الهبوط الناعم في ( ق.ح.ت) والتوقيع علي "الوثيقة الدستورية" المعيبة مع اللجنة الأمنية ، وحتى الوثيقة الدستورية لم يتم الالتزام بها وتم خرقها ، وزاد الخرق اتساعا بالتوقيع علي اتفاق جوبا الجزئي الذي تحول لمحاصصات ومسارات مما يهدد وحدة البلاد كما هو حادث في الشرق حاليا وتعلو بنوده علي الوثيقة الدستورية ، كما أوضحنا بتفصيل سابق ذلك ، واستمرت الأكاذيب والمراوغة كما في الأمثلة التالية :
– بعد تسنمه رئاسة الوزارة في 21 أغسطس 2019 ، أعلن رئيس الوزراء حمدوك في مؤتمر صحفي أنه مع تحقيق شعار حرية – سلام – وعدالة ، ووقف الحرب وتحقيق السلام المستدام ، إصلاح مؤسسات الدولة ومعالجة الفقر ومجانية التعليم والصحة ، وحل الأزمة الاقتصادية الطاحنة ، بناء اقتصاد قائم علي الإنتاج وليس علي الهبات، معالجة التضخم وتوفير السلع الأساسية ، إعادة هيكلة الجهاز المصرفي ، بناء دولة القانون ، المشروع الوطني لمعالجة كيف يحكم السودان ، وليس من يحكمه. الخ ، طبيعي لا نتوقع حل تركة 30 عاما من الخراب في 9 شهور .
لكن حدث العكس ، كما الحال في اقتصادنا القائم علي الهبات ، وتم الخضوع لتوصيات الصندوق والبنك الدوليين في رفع الدعم عن الوقود والخبز والكهرباء والتعليم والصحة ، مما أدي لتزايد الفقر والتضخم والارتفاع الكبير في الاسعار ، ولم يتم حتى وضع الأسس لمجتمع يقوم علي الإنتاج الزراعي والصناعي والخدمي ، بل تراجع حمدوك عن توصيات المؤتمر الاقتصادي ، واستبدلها بشروط الصندوق المدمرة لاقتصادنا ، والتي جربناها لأكثر من 40 عاما ، وكانت الحصيلة الخراب والفقر ، واضافة الي تدهور الأمن وغياب السلام المستدام ، وعدم اصلاح مؤسسات الدولة التي تدهورت بالمحاصصات ، ولم يتم إعادة هيكلة النظام المصرفي . الخ ، رغم مرور عامين علي حكومة الفترة الانتقالية بمكونيها العسكري والمدني …
9 – كما تابعنا مخطط القوي المضادة للثورة (الفلول) للانقلاب عليها بدءا من انقلاب اللجنة الأمنية الذي قطع الطريق أمام وصول الثورة لأهدافها ، ومحاولة الانقلاب الثانية في مجزرة فض الاعتصام التي تم التصدي لها بموكب 30 يونيو 2019 ، بعدها تم التوقيع علي "الوثيقة الدستورية" التي جري فيها تقاسم السلطة بين اللجنة الأمنية وقوي "الهبوط الناعم " من قوي الحرية والتغييير ، والتي كرّست هيمنة المكون العسكري علي السلطة ، وحتى "الوثيقة الدستورية" "المعيبة" لم يتم الالتزام بها ، بل تم الانقلاب عليها ، وجاء اتفاق جوبا ليكرس الانقلاب الكامل عليها ، بجعل بنوده تعلو عليها ، بهدف اجهاض وتصفية الثورة ، لكن استمرار المقاومة الجماهيرية ، ما زال يشكل حائط الصد لتلك المحاولات ، فجذوة الثورة مازالت متقدة ، وجذورها عميقة.
كما رصدنا مخطط الفلول للانقلاب الكامل علي الثورة والردة لعودة النظام البائد الشمولي ، كما في تخريب الاقتصاد ، وخلق الفتن القبلية في الشرق والغرب وجنوب وغرب كردفان ، ونسف الأمن في المدن ، وتجريك مواكب الزحف الأخضر التي تم فيها استخدام العنف وتخريب الممتلكات العامة، وقطع الطرق الرئيسية كما جري في طريق شندي – عطبرة ، وطريق بورتسودان الخ ، باسم كيانات و تجمعات وإدارات أهلية لا وجود لها وسط الجعليين والبجا ،وأهدافها الواضحة في الانقلاب العسكري ، كما في دعوة محمد الأمين ترك لتسليم السلطة للمكون العسكري ، وحل لجنة التمكين . الخ، وحتى المحاولة الانقلابية والتي رفضتها جماهير الثورة كما في موكب الحكم المدني في 30 سبتمبر ، ومهزلة الانقلاب المدني في قاعة الصداقة ، وأحداث الارهاب في جبرة ، والشرق التي الهدف منها نسف الأمن والاتقلاب العسكري وإعلان حالة الطوارئ بتآمر خارجي ، لتعطيل الوصول للحكم المدني الديمقراطي .
ومازالت الثورة مستمرة حتى تحقيق أهدافها ومهام الفترة الانتقالية.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.