شهدت منطقة قبقبة بولاية نهر النيل مواجهة بين عدد من المنقبين عن الذهب والشرطة أسفرت عن وقوع إصابات وسط المعدنين، بعضها خطير، وقعت عقب رفض المعدنين إخلاء موقع احد الشركات، وقام المعدنون حسب المعلومات المتوفرة بحرق مقر للشرطة وآخر تابع لشركة مناجم المغربية. هذا الحدث يؤشر لما هو قادم من عنف ومواجهات أهلية في الولاية،، فالتعدين الأهلي والمعدنين في ولاية نهر النيل باتوا يشكلون عصب الاقتصاد في الولاية، يبلغ عدد المعدنين نحو (600) ألف معدن، ويسيطر التعدين الأهلي على مناطق واسعة من نهر النيل التي تحولت خلال سنوات من زراعية إلى منتجة للذهب، ويكاد اقتصادها ومعيشة أهلها تعتمد تمامًا على عوائد التعدين الأهلي. المعدنون وطائفة واسعة من المواطنين بولاية نهر النيل سيدافعون عن مصالحهم المرتبطة بالتعدين الأهلي، هذه حقيقة لا بد من التعامل معها بموضوعية وحنكة عالية، وإلا سنجد أنفسنا حيال مواجهات دموية، وفي ظل الوضع السائد في البلاد الآن فليس من المستبعد أن يندلع نزاع داخل الولاية ليس من السهل احتواء آثاره، فالولاية حدودية مع ولاية البحر الأحمر الملتهبة. سلطات الولاية الآن تسعى لتنظيم التعدين الأهلي بطرق منها حظر وجود خلاطات استخلاص الذهب داخل الاحياء، فوجودها يشكل خطرًا داهمًا على حياة المواطنين بسبب استخدام مواد خطرة في الاستخلاص ضارة بصحة البشر ومنتهكة لسلامة البيئة، قرار الحظر لا يجد القبول من كل المواطنين الذين سمحوا باستغلال باحات منازلهم بل والجنائن بتأجيرها لأصحاب الخلاطات لاستخلاص الذهب من (الكرتة) التي باتت تشكل ظاهرة في منطقة جنوب بربر وغيرها، وبات عائد الإيجار مورد دخل سريع ووفير مقارنة بالعائد من العمل الزراعي. نحن الآن أمام حقائق موضوعية، فالتعدين الأهلي بات مرتبطًا بمصالح المعدنين والمواطنين، واقتصاد الولاية نفسه لم يعد يستطيع الفكاك من حقيقة أن التعدين يشكل أحد مصادر دخل الحكومة، المعادلة المطلوبة وهي صعبة تقوم على القدرة على الإجابة على أسئلة ملحة، كيف يمكن (تنظيم) التعدين الأهلي الآن في ظل الحقائق الموضوعية المرتبطة به اقتصاديًا واجتماعيًا؟ كيف يمكن للحكومة أن تسيطر على الأمر وتفرض قرارها بحظر وجود الخلاطات في بعض الاحياء؟ وكيف يمكن معالجة الوضع مع مراعاة كل الحساسيات القبلية والسياسية في الولاية والولايات الحدودية معها؟ الميدان