رفع مواطنو محلية مكجر بولاية وسط دارفور مطالبهم للحكومة لحماية شجر الرطرط من (الطق الجائر) ودخلوا في اعتصام لحين الاستجابة لمطالبهم، ومن ضمنها منع مستثمرين من الاستفادة من موارد الولاية، في حين أن أهلها أرغموا على السكن في معسكرات النزوح واللجوء، وشجرة الرطرط تنتج (صمغ اللبان) الذي يدخل في عدد من الصناعات الطبية والمواد الغذائية ومواد التجميل، وهي مواد مطلوبة عالميًا، وينتشر نطاق الشجرة في المناطق الجبلية في عدد من مناطق السودان. تكاد شجرة الرطرط تلخص قضية الحرب في السودان، حيث لم يعد من الممكن تغبيش وعي المواطنين بعد الآن، وعلينا الحذر من محاولة أعداء السودان والدولة المدنية فتح أبواب الحروب بين مواطنين في ولايات حدودية بسبب الموارد فالحرب ليست بين القبائل، إنما بسبب الاستيلاء على الموارد واستغلالها من قبل لوردات الحرب أيًا كان موقعهم وانتماؤهم القبلي والسياسي، وأشار المواطنون صراحة للب القضية وهي أن المنتجين أصبحوا (نازحين ولاجئين) بينما يتم إهدار مواردهم ونهبها وهو أمر لا يقتصر على دارفور وإنما الشرق والنيل الأزرق وجنوب كردفان. وحتى ننزع الغلاف القبلي والمناطقي من أي مطالب عادلة، فإن شجرة الرطرط تنتشر في مناطق أخرى مثلما توجد في وسط دارفور ويؤكد ذلك أن النظام البيئي في السودان مترابط، في وحدة عضوية تجمع بين السودانيين في سبل كسب العيش وإن اختلفت المناطق وعلينا كسودانيين أن نعيد فحص البيئة في بلادنا لننظر كيف هي مترابطة، وكيف ستزدهر إذا عرفنا كيف نؤسس لتنمية تستند على التنوع البيئي والموارد وتكاملها اقتصاديًا وثقافيًا بين أنحاء السودان المختلفة. إن المطالبة بحماية شجرة الرطرط من القطع الجائر أمر يدل على الوعي العميق بالحقوق، وحان الوقت أن يشكل هذا الوعي مدخلًا للنظر في قضية السلام بأبعادها البيئية والاجتماعية والثقافية، فنطاق الحرب لم يدر إلا في حزام الإنتاج في السودان، حزام الصمغ والعيش والفول والبترول وغيرها، مصادر سبل العيش للسودانيين وتنمية الوطن وتماسكه.. الميدان