يدخل اعتصام مواطني محلية مكجر، بولاية وسط دارفور غربي البلاد، يومه التاسع على التوالي، للمطالبة بإيقاف "طق الرطرط" وحماية القطاع الغابي. وشجرة "الرطرط" تنتشر بصورة كبيرة في ولاية وسط دارفور، وهي شجرة جبلية توجد في المناطق الجبلية (البحر الأحمر – القضارف – جبال النوبة – جبل مرة). وتكمن أهمية شجرة الرطرط، في إنتاجها (صمغ اللبان)، الذي يدخل في الصناعات الطبية، مواد التجميل والمواد الغذائية، ويشهد طلباً عالياً في الأسواق العالمية، ما أدى لارتفاع أسعاره. وانضمت للاعتصام وفود من المحليات المجاورة خاصة "بندسي"، نتيجة للتداخل الاجتماعي وتشابه البيئات والمشكلات والقضايا، الأمر الذي أدى إلى إغلاق مكاتب المحلية منذ بداية الاعتصام. في وقت رفع فيه المعتصمون سقف مطالبهم، وهي إقالة 5 من قادة الإدارات الأهلية، للاشتباه بتورطهم في صفقات مع الجهات المستثمرة ومحاسبة كل المتورطين في الصفقة، بجانب المطلب الأساسي إيقاف "طق الرطرط"، فيما أكدت اللجنة الإعلامية ل(الحداثة)، استمرار الاعتصام حتى تحقيق جميع المطالب. ويشكل القطاع الغابي، أهمية قصوى في جوانب عديدة، لما يترتب عليه من توازن تغييرات بيئية ومناخية مختلفة. وولاية وسط دارفور، من أكثر ولايات السودان الغنية بالغطاء الغابي، بعد استقلال جنوب السودان في عام 2011، رغم أن البلاد تُعد من الدول الفقيرة من حيث الغطاء الغابي، باحتساب المساحة الكلية. ويبلغ حجم الغابات بالولاية، ما يفوق ال30% من المساحة الكلية للولاية، وحسب هيئة الغابات، فإن 7% منها مساحات محجوزة، إذ يُعد هذا الرقم تقديرياً لعدم توفر البيانات الخاصة بالغابات في الولاية، نتيجة صعوبة المسوحات الغابية وعدم تعميم نتائج المسح القومي للغابات. وتعد شجرة "الرطرط" من بين مجموعة الأشجار التي تنتشر بصورة كبيرة في ولاية وسط دارفور، وهي شجرة جبلية تنتشر في المناطق الجبلية (البحر الأحمر – القضارف – جبال النوبة – جبل مرة). ولأن كل مساحة الولاية هي منطقة تتبع لجبل مرة أو امتداد له، لذا تتوزع الرطرط في كل أنحاء الولاية، وتزداد نسبتها في المحليات الشرقية الجبلية (غرب – وسط – شمال جبل مرة) والمحليات الجنوبية (أم دخن – مكجر). وحسب المعلومات المشكلة غير مكجر تمتد في مناطق دار توبلا وسط دارفور وشطايا جنوب دارفور. ويقدر عضو لجنة اعتصام مكجر، عمار محمد أبكر، نسبة شجرة "الرطرط" بأكثر من 60% من النسبة الكلية للقطاع الغابي لمحلية مكجر بمقاطعاتها (العموديات) ال(7)، ويكثر انتشارها في عمودية (العمد: سليمان – هاشم – عز الدين) جنوب مدينة مكجر، ومحمد أبكر – عز الدين (منطقتي سندو وقابة) شرق مدينة مكجر رئاسة المحلية. وتكمن أهمية شجرة الرطرط، لما تنتجه من صمغ ما يعرف ب(صمغ اللبان)، الذي يدخل في أشكال وأنواع مختلفة من الصناعات (الطبية – ومواد التجميل – والغذائية وغيرها من الصناعات)، ما أدى لارتفاع أسعارها وزيادة الطلب عليها في الأسواق العالمية. وتتفوق على الصمغ العربي من حيث السعر والطلب، ما جعلها هدفًا لمستثمرين من خارج الولاية، رغم صعوبة طقها. ويقول مدير الهيئة القومية للغابات فرع ولاية وسط دارفور، زكريا محمد أحمد، إن طق "الرطرط" غير ساهل ومعروف لدى عامة الناس، وتختلف عن عمليات الطق في الأشجار الأخرى لحداثة النشاط خاصة في دارفور، مشيراً إلى أن أي خطأ فيه يؤدي إلى موت الشجرة. ويعود أبكر ويؤكد، أن نسبة الضرر التي لحقت بأشجار الرطرط منذ بداية الاستثمار فيه عام 2017 في عهد والي النظام البائد، جعفر عبد الحكم، تقدر بفقدان أكثر من 65% منه، وحوالى 90% من أشجار الرطرط ماتت بسبب الطق الخاطئ، حتى تلك التي تم طقها من قبل العمالة المهرة، حسب زعم المستثمرين. ويشهد القطاع الغابي تدهوراً مريعاً ومخيفاً، ويعزي أسباب التدهور، مدير الهيئة القومية للغابات – فرع ولاية وسط دارفور، في حديثه ل(الحداثة)، للتغيرات الطبيعية وأسباب اجتماعية تتعلق بمدى الوعي المجتمعي، بأهمية القطاع الغابي والآثار الناتجة من الصراعات الأهلية والسياسية التي شهدها الإقليم، خاصة في ما يتعلق بمصادر الدخل وقلة فرص العمل. وأضاف "أصبحت الغابات، هي مصدر العيش الرئيسي لقطاع كبير من المواطنين، لتوفرها وسهولة الوصول وقلة تكاليف الإنتاج، وصارت حماية الغابات مشكلة معقدة أكثر من أن تعالج عبر هيئة الغابات والإجراءات القانونية حتى لو تم توزيع فرد شرطة تحت كل شجرة". وتابع "يحتاج الأمر إلى تنسيق الجهود بين المؤسسات الحكومية الاتحادية والولائية والجهات ذات الصلة، من منظمات وجمعيات قاعدية ومؤسسات اقتصادية لتوفير سبل كسب عيش وحماية الغابات والبيئة بصورة عامة". "لما يتمتع به القطاع الغابي كمورد متجدد، يمكن الاستفادة منه في مستوى ولائي واتحادي ومحلي، لما يوفره من فرص استثمارية في مجالات عديدة، مثل السياحة وغيرها، خاصة الرطرط، لو تم تحسين استخدامها والمحافظة عليها يمكنها أن تكون المورد الاقتصادي الأول للولاية"، يوضح مدير الهيئة القومية للغابات. في الأثناء، تم تحويل ملف الاعتصام ومطالبه إلى حكومة الولاية التي شكلت لجنة خاصة برئاسة مدير الحكم المحلي بالولاية، حسين بخيت، لإدارة المشكلة والذي أكد ل(الحداثة)، أن اللجنة رفعت توصية لحكومة الولاية بإرسال قوة عسكرية لتنفيذ قرار الوالي (134)، وما ترتبت عليه من قرارات وإجراءات وفتح حوار مع لجنة الخدمات، لمعالجة النقاط التي يتعرض لها بالنقد في جانبها التمثيلي. وحول إقالة بعض قيادات الإدارات الأهلية، أكد رئيس الإدارة الأهلية بدار كولي، سيسي فضل سيسي، أنه لا يدافع عن أي مجرم، وعلى من يملك أدلة وبينات في حق أي من قيادات الإدارات الأهلية، التحرك للجهات القانونية. وقال سيسي ل(الحداثة)، "كل من تتم إدانته قانونياً يعتبر مفصولاً وفقاً للقانون، على أساس الإخلال بالشرف والأمانة، وإقالة الإدارات هي قضية قانونية". فيما أكد أمين الحكومة الولائية، سعد الدين بابكر ل(الحداثة)، تشكيل لجنة تحقيق بشأن قضية الاعتصام، معلناً عن تحرك قوة عسكرية أمس (الاثنين)، لتنفيذ قرار الوالي رقم 134، الخاص بإيقاف طق شجرة الرطرط، استجابة لطلب المعتصمين بحماية الغابات من تغول المستثمرين. الحداثة