عظمة ثورة ديسمبر أنها عبرت عن مطالب شعب السودان بمختلف تكويناته السياسية والاجتماعية، ولأن الشعارات لا يمكن أن تفعل التغيير وحدها، فإن العمل المدني والتنفيذي والتشريعي هو الأداة الحاسمة لترى الشعارات النور، طيلة سنتين لم يكن الأداء جيدًا، لأن الذاتي طغى على الموضوعي، والأسوأ توارت مصلحة الوطن في كثير من الأحيان عن العيون، لا بد من الإقرار بذلك بشجاعة، والوطنية تقتضى ليس أن نردد نشيد الوطن، بل أن نعبر عن مصالحنا الاجتماعية بشكل لا لبس فيه ولا غموض، بحيث تتم إدارة المؤسسات السياسية والاجتماعية بطريقة مهنية شفافة تتيح تحقيق تلك المصالح وفق أسس ديمقراطية وتداول سلمي للسلطة، هذا إذا أردنا فعلًا تأسيس دولة المواطنة القائمة على الحقوق والواجبات، هذا واجبنا نحن قوى الثورة، أن نقوم فورًا بجرد حساب لأفعالنا وأقوالنا لننظر لأي مدى قادت إلى تحقيق أهداف الثورة وقادتنا لتحقيق مصالحنا الاجتماعية، فليس من العيب أن نقولها صراحة بل العيب كل العيب أن نتدثر بشعارات الثورة ثم نتراجع عن تحمل تبعات تحقيقها.. جرد الحساب ذلك ضرورة قصوى حتى نتمكن بكل ثقة من مواجهة الفلول بمكوناتهم المختلفة فهم جبناء ليس لديهم ما يفعلونه للمحافظة على ما نهبوه من ثروات الوطن سوى ادعاء القول إن الثورة سُرقت!! قوة العين وتشرذم قوى الثورة أفسح أمامهم الطريق لتجميع قواهم الخائرة، وهم في ذلك لا ينطلقون من فراغ بل يستندون على مصالح اجتماعية متشابكة تجمعهم مع قوى نافذة في المجتمع دينيًا واقتصاديًا، هم بطانة السوق الموازي وسماسرة الدولار والتهريب، والفساد المالي والإداري واستغلال ثروات الوطن المعدنية والزراعية بالتعاون مع حلفاء إقليميين، وهم في سبيل المحافظة على مصالحهم لن يتوانوا أن يضربوا مصالح البلاد، وتهديد وحدتها. في هذا التوقيت الصعب من تاريخ الوطن لا يكفي أن نقول إن الصراع الحالي بين قوى الثورة المتطلعة للحكم المدني الديمقراطي وبين المعاديين للديمقراطية، الأصح بين أصحاب المصلحة في وحدة وتماسك السودان والحكم الديمقراطي وبين أعداء الوطن الذين يريدون تقسيمه وضرب وحدته لأن مصالحهم هددتها الثورة وستقضي عليها الديمقراطية.. لا حياد حيال وحدة السودان. الميدان