قبل كل شئ يجب ان نقر انه لم يكن بالامكان الوصول الى هذا الوضع المتأزم لولاء تفريط واضح من قبل حكومتنا المدنية التى بتهاونها مهدت الطريق لاطماع الفلول وعسكرهم لجرجرة الثورة الى هذا التردى المريع. الذي اضطر الثوار الى الخروج بمثل هذا الاندفاع امس ماهو الا غضب .. غضب على العسكر والفلول .. وقبل ذلك غضب على حكومته المدنية التى بتهاونها وتفريطها اضطرته الى الخروج .. ومع هذا فهو لم يخرج لاسقاطها او حلها انما خرج معاتبا ولكن داعما لها ومفوضا لاستكمال اهداف ثورته. أي خروج عاصف او مواكب مليونية هي بطبيعة الحال ردة فعل للشارع الذي يراقب المشهد ويتدخل كلما رأى قصورا معينا في اداء حكومته فلو انها التزمت بمهامها التى كلفت بها بالشكل المأمول لكفته وكفت نفسها عناء المليونيات والمواكب وعليها ان تعي ان هذا الدعم وهذه الفرص المتكررة التى مازالت تهدى اليها من قبل الشارع لن تستمر طويلا فللصبر حدود والوقت عامل مهم في حسم كثير من القضايا التي في تأخيرها تمييع لها وأضاعة ، ولن يستمر هذا الشارع في حالة ترقب وكر وفر وميليونيات داعمة الى ان تقوم الساعة ونخاف ان يخرج يوما لاسقاط حكومته وسينجح لا محالة في ذلك وبهذا تتحقق اماني الفلول والمتربصين وسيجدونها فرصة في ظل الفراغ السياسي الذي سينتج عن ذلك السقوط للانقضاض على الثورة ومن ثم الانتقام من هذا الشعب والوطن. نعرف ان السيد حمدوك ليس بالضعف الذي يوصف به وليس غبيا وهو رجل مؤسس وصاحب تخطيط استراتيجي واثبت انه صاحب عقلية سياسية وقيادية فذة تعرف كيف تلعب على الملفات ، متى تطرق الحديد ساخن ومتى تتركه حتى يبرد . ومعلوم انه عمل على ملفات تأسيسية ونجح فيها نجاح منقطع النظير وقد بدأ المواطن يتلمسها واقعا محسوسا في حياته اليومية الا ان بعضها يحتاج لوقت طويل حتى تبان نتائجه والشارع الواعي ينظر ويترقب ويتابع هذه التأسيس بصبر نبيل ، الا ان هناك بعض الملفات ذات ارتباط وجداني عميق في قلوب الثوار الشباب وتشكل لهم تحدى اخلاقي كبير كونها وعود قطعوها لاخوتهم الشهداء يوم ان هتفو (ثوار احرار ح نكمل المشوار) و( دم الشهيد ما راح لابسنو نحن وشاح) وهم وملتزمون ومرتبطون بهذه القضايا ارتباط عميق وينتظرون بفارغ الصبر البت فيها وحسمها حتى ينعمو بالراحة النفسية. مايقوم به السيد حمدوك عمل ذو طبيعة تأسيسية تحتاج النفس الطويل والاناءة في كل خطوة فكل درجة في سلم الارتقاء تؤسس لما بعدها لهذا فهي تتطلب الكثير من التمحيص الذي قد يستغرق بعض الزمن ، الا ان هذا الزمن اصبح هو العامل الرخو في عملية البناء التأسيسي هذه وقد استخدمه اعداء الثورة للضغط على البناء مما سبب كثير من الارتجاجات في بنيته المتماسكة وأسوأ هذا الضغوط التى ظل الفلول يركزون عليها هي ملف (وين حق الشهداء) لانهم يعرفون ذلك الارتباط الوجداني الوثيق بينه وقلوب الاف الثوار والثائرات وان عقولهم الفتية قد يضيق بها الصبر فتخرج هائجة مائجة كطوفان يأخذ معه كل ما امامه الى الجحيم ليحدث خلفه فراغا لن تملأه الا تلك الزواحف والحشرات التى اتخذت من شقوق الارض ملجأ لها منه. ان ملف الشهداء ملف عصي على الحكومة المدنية في ظل شراكة الدم وهذا الامر مفهوم للبعض ولكنه غير مقبول بالنسبة للثوار فعلى السيد حمدوك عاجلا غير اجلا التحرك خطوة ولو صغيرة ومدروسة فيه ، معروف ان مايسمى بلجنة اديب هي لجنة سياسية في المقام الاول وليست قانونية ، كل الهدف منها التمييع والتسويف وقد اوكلت لهذا الرجل لهذا السبب وهو نفسه عراب الوثيقة الدستورية المعيبة التى تسببت في ارباك المشهد برمته ! فعلى السيد حمدوك في المقام الاول هيكلة هذه اللجنة واعفاء هذا الرجل وتعيين احد المحاميين الشرفاء الذين تعج بهم الساحة القانونية ، ويجب دعمها بالقرارات التى ستدفع بعملها الى الامام لتحقيق مهامها. وقبل ذلك عليه ان يسارع في تكوين الهياكل العدلية والقضائية المفقودة وعلى رأسها المجلس الاعلى للقضاء ، ودعم قرارات لجنة ازالة التمكين التى اعفت مئات من القضاة ووكلاء النيابة الفاسدين . هذا من جهة ومن جهة اخرى هناك ملفات عدلية اصدرت فيها محاكم الاختصاص قراراتها وتجاوزات مراحل الاستئناف ولكنها حفظت في ركن قصي في انتظار فرج الشيطان كقضية قتلة الشهيد الاستاذ احمد الخير وقضية الشهيد حنفي عبدالشكور الذي قتله الجنجويدي فهذه القضايا محسومة ولكن تأخير التنفيذ فيها غير مبرر فاذا كان هناك مراحل تقاضي اعلى لماذا لا تستكمل !؟ فتحقيق العدالة في هذه الملفات ، قبل ان يكون استحقاق مشروع فهي تطمين للثوار بان حكومتهم تعمل بشكل جدي في قضية شهداءهم وهذا بدوره سيشكل رافعة لمعنويات الثوار الذين انهكهم طول الانتظار وحطمها استفزازات الفلول. ان اهون مايكون على سيد حمدوك قضية ارجوزات اعتصام القصر وما هي الا عرض لمرض غائر في جسد الثورة ولن يكلف السيد حمدوك الا جرة قلم فهؤلاء ليس سوى بعض الفاسدين الذين اعتلو ظهر الثورة وما اهون اسقاطهم وهم لا يحتاجون كل هذه الحشود الهادرة ، فلهذا يجب ان نستفيد من هذه الطاقة المتجددة لروح الثورة للطرق على القضايا الحقيقية التى تسببت في كل هذا الميوعة التى صاحبت اداء حكومة الثورة وعلى رأسها دون مواربة قضية دم الشهداء وخصوصا ان شراكة الدم ومنذ يوم امس تعانى هبوط معنوي حاد وهي مهيأة تماما لزجها في فتيل جرائمها والتخلص منها دفعة واحدة وترفيع قادة عسكريون شرفاء لمجلس السيادي .. هذه القرارات صعبة بل صعبة جدا على حكومتنا المدنية ولكنها ليست مستحيلة لهذا ظل بعض المدنيين من قيادات قحت يلمحون اليها في بعض مخاطباتهم مؤخرا كأنهم يستجدون الشارع تفويض قد منح لهم مسبقا !! . #قصاص _ الشهداء [email protected]