البداية (كان ما غشوك ما ربوك) هي من أسوأ العبارات التربوية في بعض البيوت السودانية ، يصدق الطفل الخدعة وتحقق أهدافها آنيا وتبقي محفورة في ذهنه ، ينشأ الطفل علي الكذب ويطلق عليه أقرانه في المدرسة عمر الكذاب أو (الكضباشي) ، تأخذه دروب الحياة وينجح عمر البشير في تسلم السلطة في السودان ، ومع نجماته ونياشينه علي الصدر وأعلي الرأس يبقي داخل الرأس مشحونا أيضا بمخزون هائل من الكذب ، ربما كانت الخدعة للتشجيع ويصدقها عبد الفتاح البرهان ، تظل قناعته دائما أنه سيحكم السودان بغض النظر عن كسبه من علوم وتجارب مقارنه بآلاف من الضباط أمثاله تخرجوا في الكلية الحربية أو مصنع الرجال. وجدت لها في عالم التجارة حظا وصار الغش شركات تجنب لها أموال الدولة من الخزينة العامة ، تجوب شاحنات الجيش مناطق الانتاج وتشتري المحاصيل من المزارعين بأبخس الاثمان ، نقاط العبور ومن فيها يغضون الطرف عن ارتال عربات الجيش تنقل المحصولات ، بعض العربات المحملة بالمحصولات والأنعام السودانية تكون محطتها الاخيره في مصر أو أثيوبيا لشحنات الصمغ ، هو تهريب بالخداع والغش واستغلال بعض قادة الوحدات النظامية للثقة التي أولاها الشعب لمؤسستهم الراسخة ، الغش مارسه علي عثمان وهو زعيم معارضة في الديمقراطية الثالثة يستقل علاقته مع رئيس الوزراء الصادق المهدي – عليه رحمة الله – ويطوف علي وحدات الجيش بهدف معلن هو رفع الروح المعنوية لهزيمة التمرد انذاك ، ولكن المبتغي المبطن بفقه الغش هو اعداد القوة والرباط للاستيلاء علي الحكم بانقلاب 30 يونيو 1989م ، معه ارسل رئيس الوزراء وصحبه الي السجون والمعتقلات ، واصل علي عثمان اجترار الكذب وأتي بمحاولة اغتيال حسني مبارك ، تتصاعد التراجيديا الي ذروتها في نيفاشا وعبارة الوحدة الجاذبة لوضع جنوب السودان وإذا الصبح ينقشع عن انفصال ومنقو مغاضبا ينشد استقلالا . يمارسها في ادارة المجلس السيادي والعالم يظن أن عبدالفتاح البرهان يطبق حرفيا ما تواثق عليه مع الثوار ، بعد عامين ويتمخط عبد الفتاح البرهان عن مشاكسات بين أعضاء المجلس بسبب خطل ادارته للتنوع داخل المجلس السيادي ، يتوقف قيام المجلس التشريعي وتعيينات دستورية اخري لا بد من اجازتها عبر مجلس السيادة ، يشتت عبدالفتاح البرهان الكرات لإضاعة عمر الفترة الانتقالية ، يرمي باللوم في انفراط الامن علي الحكومة التنفيذية ممارسة لذميمة الخداع ، لسان حاله يردد مخاطبا الشعب (كان ما غشوك ما حكموك). ليس بالغش تحكم الشعوب ، هو ما سطرته ثورة السودان متعددة المسارات وتتعرج لملاحقة (الكضاب) الي جحره ، صبايا وصبيان ثورة ديسمبر 2018م أذهلوا العالم ، أتوا بما لم تأت به الاوائل في 1964م وفي أبريل 1985م ، قدموا للعالم ثورة بنسخ مستحدثة للقضاء علي فيروس (بني كوز) المتحورفي نسخه المتعددة ، تجربة الاخوان في الحكم سنة من الكذب وبيوت الاشباح والقتل غيلة والنهب تكررت ذات الصورة لثلاثين عاما ، قلب شباب الثورة الطاولة علي خداع ومراوغة ابن عوف في ساعات ، حسبوا البرهان يتكئ علي حكمة ورشد ، فإذا البرهان يتفرعن في مسارات وأدبيات الحكم وإنزال المواثيق فعلا يسير بين الثوار ، يستدعي البرهان رجرجة في قاعة الصداقة ثم يحشدهم ويطعمهم عند ساحة القصر في 16/10، في مليونيات الحادي والعشرين من أكتوبر الاخضر تتحرك النسخة الاحدث من مصل محاربة الكيزان أكلة أموال اليتامى والمساكين ، يشهد العالم قاطبة بأن شباب السودان هم الوعي الجديد لا يهادنون من يغشهم ويلعب بعامل الوقت هدرا ، يحاول البرهان الوصول الي الامارات ليتعاطي العقارالمعلوم صناعة دحلان ليصمد أمام مطالب الثوار ، ثورة الشباب ترد بعبارة (GAME IS OVER ) كما عند الفرنجة أو (تسقط بس) يرددونها كما في بداية الثورة . وتقبلوا أطيب تحياتي [email protected]