الجنرال البرهان بين بني صهيون وبني العربان كما توقعنا في مقالات سابقة أن يسطو الجنرال البرهان على السلطة وذلك بتقويض الوثيقة الدستورية والحياة السياسية، حيث قام بتصفير العداد السياسي وقلبه لعداد عسكري لكي يبدأ حياة دكتاتورية جديدة وكأنه لم يقرأ او يتعلم من التاريخ وحتى التبريرات هي نفسها كما البشير وكل الطغاة يقرأون من نفس كتاب الشمولية الأسود صفحة صفحة، فسوف نحاول سبر غور قصة وحالة التوهان البرهاني ما بين بني صهيون وبني العربان. لقد بدأ طموح البرهان في تولي السلطة لكل متابع منذ أن حاول أن يكون "السادات السوداني" عندما التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي ناتنياهو كما فعل السادات حيث زار القدس وابرم اتفاق كامب ديفيد، وأيضاً قد خطط منذ نعومة اظافره السياسية لكي يكون "سيسي" السودان بتخطيط وتوقيت محكم عبر إجراءات محسوبة. المستمع لخطابه وأحاديثه فهو يحاول أن يضع المسدس على رأس حمدوك ورأس القوى السياسية بأن احكموا ولكن بتوجيهاتي وتحت "بوتي" حيث ذكر "قلنا لأخينا حمدوك لقد نظفنا لك الساحة فتعال واحكم"، فتلك هي مصيبة فهمه السياسي وهو يتعامل مع السياسة كعسكرية وهي ليست كذلك، السياسة والحرية السياسية تعتمد على المشاورة والاقناع والتراضي والشفافية وحكم القانون فلا مجال لان يتم ذلك تحت امرة عسكري كرئيس بالقوة العسكرية. فبدأ من حيث انتهى عمر البشير بعد أن ابعد الحزب السياسي وقائده الترابي وابعد مجلس قيادة الثورة، فالبرهان لم يفكر في ان يكون له حتى نائب ومجلس قيادة ثورة من دستة جنرالات، فاصبح الحاكم الفرد الصمد بيده الامر والنهي والتشريع والقانون. وتلك هي مصيبة ادخال الجيش في السياسة، فعندما يدخل الجيش في السياسة عبر انقلاب او في فترة انتقالية يسيل لعابهم السياسي ويكونوا حزب "عسكروسياسي" بمعنى عنده كوادر واطر ولكنها تمشي بالأوامر وفي يدها كل أنواع الأسلحة ويفكرون في السياسة على الطريقة العسكرية "يمين شمال للخلف دور" فقد ادخل السياسة وكل البلد في "للخلف دور" ودارت الى الوراء. لذلك على القوى السياسية التفكير مستقبلا في صيغة بأن يتم الفصل بين الجيش والسياسة كليا وحتى في الفترات الانتقالية وإصلاح الجيش والكلية الحربية وأن يكون هناك قانون رادع لمن يحاول التدخل في السياسة من الجيش فمن أراد ان يكون سياسي او يكون له حزب فعليه الاستقالة من الجيش أولا، اما ان يكون عسكري في الخدمة ويمارس السياسية فهذا امر توصل الغرب قبل قرون لخطورته، فهذا الخطأ لا يجب أن يتكرر ويجب ان نضمن ذلك في ثقافتنا السياسية وفي دستورنا. الآن هنالك عدد من المبادرات من ضمنها المبادرة الامريكية الأماراتية وتسعى لارجاع حمدوك للسلطة وتغيير بعض الوزراء وان تكون هناك مساومة بان يستمر الجنرال في مجلس السيادة ومخاطبة مخاوف العسكر في الجرائم التي ارتكبوها، ولكن الإشكالية في انه يرغب في السلطة فحتى لم تم تقديم تنازل له فيما تبقى من الفترة الانتقالية فسوف لن يسلم السلطة لحكومة منتخبة وفي يده القوة كقائد للجيش فتلك هي المصيبة اذا عودناهم على التدليل السياسي فتركوا العسكرية والجيش وحماية الحدود والوطن واصبحوا مجرد "مدلعين" يلبسون فاخر الزي العسكري، لا هم عسكريين يملؤون احزمتهم ويقودون المعارك والجيوش ولا هم سياسيين يفهمون خطوات العمل السياسي في الاقناع، فاصبحوا مجرد مسخ "عسكري-سياسي" وتلك هي . في تصوري فهو ضائع ويعتقد نفسه الابن المدلل لبني صهيون وبني العربان وانهم سوف يقدمونه للعالم كالبطل المنقذ للسودان وفي نظر الآخرين سوف يكون مجرد بيدق عميل في يدهم يأتمر بأوامرهم وسوف يرسلون له بعض الدعم والدراهم والخبرات لكي يثبت حكمه، وفي نفس الوقت يدخلون في مبادرات خاوية من اجل تثبيت حكمه عبر ديكور حكومة مدنية وهذا أساس المبادرة في تصوري ولكن من يقبل بذلك. أضف الى ذلك إدارة بايدن ربما تخضع للوبي اليهودي ولاسرائيل ولأن اغلب القوى السياسية رفضت التطبيع وهو من التقى بناتنياهو وسوف يقوم بالتطبيع فسوف يصبح الأبن المدلل لبني صهيون وهو يراهن على ذلك وهم يراهنون عليه فربما يرسلون له فريق خبراء ودعم فني لكي يحمي حكمه عبر الوكيل الخليجي اذا لم يكونوا أصلا موجودين منذ فترة يخططون لما قام به. سوف يتواصل التصعيد والعصيان المدني والاضراب السياسي وسوف يحاول إراقة المزيد من الدماء والمزيد من الاعتقالات وخاصة بعد رجوع جهاز الامن لضلاله القديم في القمع والتعذيب وارجاع هيئة العمليات واقسام التعذيب السياسي ورجوع قوات حميدتي لقمعها وقيامها بمهام الشرطة والأمن وهي مدربة كقوات عسكرية فكيف يعقل ذلك ان تترك مثل هذه القوات تحوم في المدن وهي قوات مليشيات لمناهضة التمرد. عندها فربما يتحرك بعد الوطنيين في الجيش ويفعلون معهم كما فعلوا مع البشير حيث أمرهم بقتل ثلث الشعب من اجل البقية ومن اجل تثبيت حكمه فرفضوا وسوف يواجه الطاغية البرهان بنفس السيناريو وسوف يكون مصيره نفس مصير سفاح كافوري عمر البشير. [email protected]