*العنوان أعلاه، هي جملة ألقاها الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان-رئيس مجلس السيادة-عبر مداخلته في قاعة الصداقة، بمناسبة تدشين مبادرة القطاع الخاص لدعم و إسناد قوات الشعب المسلحة، وجاءت في ذيل خطابه، وحاول البرهان مغازلة الشعب بهذه العبارة من أجل استدرار عطف وود الشعب، طالبا منه مساندة الجيش. *أيضا ألقى بجملة ورود هذه العبارة في ذات الخطاب و اللقاء(مبادرة تدشين القطاع الخاص لدعم و إسناد قوات الشعب المسلحة)، حيث قال:(إن العلاقة بين الشعب و قواته المسلحة اعترتها بعض الشوائب)…ربما يكون هي المرة الأولى التي يتحدث فيها الفريق البرهان عن العلاقة بين الشعب والجيش، بنوع من الوضوح و الاحتراف، قبل الإدلاء برأيي، أعلن عن كامل الدعم والمساندة للجيش الذي يحرس الثغور و يحمي الأرض والعرض، ودعم لا محدود للجنود البواسل الذين يدافعون للذود عن حياض الوطن، وأيضا كامل دعمي للحكومة المدنية. *ولكن في ظني-مع إن بعض الظن إثم-أن العلاقة بين الشعب و قواته المسلحة، ليس اعترتها مجرد شوائب وحسب، بل كادت أن تصل إلى مرحلة الفصام، و تبقت فقط شعرة معاوية هي الرابطة ما بين الشعب والجيش من أن تقطع، خاصة في الفترة التي تلت سقوط النظام البائد، بعد جريمة فض اعتصام القيادة العامة، تلك الجريمة النكراء التي وقعت أمام عقر دار الجيش، و اهتزت لها كل أركان الدنيا من بشاعتها، وظل الاتهام يلاحق و يشير إلى بعض من القوات النظامية بأنها شاركت في عملية فض اعتصام القيادة العامة، لا أريد أن أتعجل و استبق النتائج طالما هنالك لجنة تحقيق كونت في هذه القضية، وما زالت تعمل و تستقصي الحقائق، فلننتظر ما تكشفه الأيام. *فتور العلاقة بين الشعب والجيش-إن صح الوصف و المقصد-والذي اعترف قائد الجيش (البرهان)، بنفسه ووصفها البرهان بالشوائب؛ المتسبب فيها سياسات العهد السابق، حيث وقع النظام السابق في الكثير من المخالفات، و ارتكب العديد من الجرائم، ربما كان بعض منسوبي جزءا من أدوات تنفيذ هذه الجرائم، كالإبادة وغيرها من المخالفات، وشارك الجيش فيها مكرها، ومسيرا لا مخيرا، ونعلم أن قرار الحرب في الدولة هو قرار سياسي يصدر من القيادة السياسية في الدولة، ما علي الجيش إلا التنفيذ، ويكون الجيش هو الأداة فقط، والرئيس السابق البشير كان يتسنم قيادة الجيش و القيادة السياسية في نفس الوقت، فمن الطبيعي تكون القرارات فوقية و أحادية وفق هواه لا كما تهوي المؤسسة العسكرية، والنتيجة كما شهدناه جرائم و انتهاكات من فظاعتها جعلت المحكمة الجنائية الدولية تتدخل و تصدر مذكرة توقيف بحق الرئيس السابق وآخرين. *بالرغم من برود العلاقة بين الطرفين (الشعب والجيش) في فترة قبل سقوط نظام البشير، إلا أنه كان هنالك هامش من الثقة و المحبة من الشعب يحتفظ بها لدى جيشه، ما عزز الثقة أكثر أن الجيش لم يدخل في صدامات واحتكاكات مع الشعب في أيام كانت فيه الثورة في عنفوانها، جعلت الشعب يلجأ إلي جيشه وينصب خيمة الاعتصام أمام بوابات القيادة العامة، دون أي مكان آخر، طالبا الحماية من بطش أدوات أذرع النظام التي كانت محسوبة عليه (كتائب الظل) وما شابهها، حتي الشعارات التي رددت وقتذاك كانت تدعو لتلاحم الشعب مع جيشه من شاكلة (جيش واحد شعب واحد)…و الاعتصام كان بمثابة امتحان قاس جدا للجيش، وهنالك قيادات داخل الجيش تململت من اعتصام الثوار، ولكن لم يتردد شرفاء الجيش في حماية الثوار، مخالفين تعليمات قيادتهم من أجل حماية المدنيين، أمثال النقيب حامد، ومحمد صديق وبقية الشرفاء من الجنود والضباط وضباط الصف، وبعدها زادت ثقة الشعب في جيشه إلي أعلى درجاتها أيام اعتصام القيادة، ولكن تلك الثقة لم تدم طويلا في نفوس الثوار، وتراجعت مائة وثمانين درجة بعد عملية فض الاعتصام المشؤومة. *بالرغم من مجريات الأحداث هذه، وكل الذي حدث، بيد أن الشعب ما زال يكن الاحترام والتقدير للجنود البواسل، ويدعم و يساند الجيش عندما يتعلق الأمر بالوطن، والدليل علي ذلك الدعم اللامحدود من كل فئات الشعب السوداني المختلفة بكل طوائفهم الدينية والسياسية، اتفقوا كلهم علي دعم و مساندة الجيش والوقوف خلفه، ومباركين هذه الانتصارات وتحرير الأراضي التي كانت سليبة، ولأن الجيش يقاتل بالأصالة لا بالوكالة، ووجد الفرصة والوقت المناسب لتحرير جزء من أراضينا كانت مغتصبة، فما زلنا ندعمه ونطمع في المزيد. *وليعلم البرهان- القائد العام للجيش -ليس لديه غبن تجاه المؤسسة العسكرية ككل، وإنما مشكلته مع القادة والجنرالات الكبار في الجيش، والتي يأتمر الجيش بأوامرها، وما زالت محل اتهام الشعب، ويصنفها محسوبة على النظام الإخواني البائد، وأنها لجنة البشير الأمنية التي كونها في الأيام الأخيرة من حكمه. *إزالة (الشوائب) يا سعادة الفريق البرهان، لا تتم ب(مكياج) الحديث في الخطب و الفعاليات ب الجمل (المتبرجة) والعبارات التي تستدرر عطف الشعب، لا بهكذا تزال الشوائب، فالشعب مازالت ثقته في قيادة الجيش، ولا الجيش ككل-مشوهة ومضطربة-وكل شيء قابل للعودة والرجوع إلا الثقة، فإذا فقدت لن تعود مرة أخرى، والمطلوب يا سعادة الفريق البرهان، كقيادة للجيش فعل المستحيل من أجل إرجاع الجزء المفقود من حلقة الثقة، وباختصار شديد هنالك شيء لو فعلتوه سوف ترجع الثقة وتزول الشوائب، وهي العدالة…العدالة لكل المظلومين والاقتصاص لدماء الشهداء، ومصادرة كل ممتلكات منسوبي نظام المؤتمر الوطني، وإرجاع الأموال المنهوبة، والأرصدة في البنوك بالخارج، وتسليم المطلوبين لدى المحكمة الجنائية الدولية، و إرساء العدالة الناجزة، و إرساء قواعد ودعائم دولة القانون والدستور و والمؤسسات، دولة قانون يحتكم إليه الجميع حكاما و محكومين، وإن فعلتم ذلك بلا شك سوف تزول الشوائب وترجع الثقة بأقوى مما كانت عليه، وستجدون كل الشعب معكم في خندق واحد، ويقف لكم سدا منيعا ضد أي استهداف لكم من أي جهة كانت، فعل ستفعلون ذلك؟.