الغالبية الكاسحة من الرأي العام السوداني يعززها رأي عام اقليمي ودولي قوي، تصنف الحركة التي قادها البرهان في الخامس والعشرين من اكتوبر المنصرف، بأنها عملية انقلابية كاملة الدسم وتحمل كل سمات ومواصفات الانقلابات العسكرية، بينما يصنفها بعض آخر بأنها انقلاب نص كم ونص استواء على طريقة احدى طرق قلي البيض، أما البرهان نفسه ومن يظاهرونه علنا أو من وراء حجاب مثل الفلول فيعتبرونه حركة تصحيحية لثورة ديسمبر المجيدة، على غرار حركة هاشم العطا عام 1971، حين نفذ وقتها الرائد حينها هاشم العطا عملية انقلابية ضد نظام نميري الذي كان جزءا أصيلا فيه، بدعوى أن النظام انحرف وحاد عن أهداف (ثورة مايو)، وهذا ايضا ما يدعيه البرهان وجماعته، أما الشيخ السبعيني الذي يعرف اشتغالي بالصحافة واستوقفني في عرض الشارع فله رأي يخصه، اذ يعتبر هذا الشيخ الفاضل أن ما يقوم به البرهان وجماعته يدخل البلاد في متاهة يصعب الخروج منها الا بكلفة عالية جدا، وزاد الشيخ بأن البلاد الآن وبسبب حركة البرهان تعيش حالة من الجهجهة والتوهان والحيرة والميوعة والسيولة والبلبلة، وكان الأفضل للبرهان وعساكره بدلا من هذا الوضع الحربائي الذي هو عليه، ان يعلن الانقلاب بكل وضوح ويشكل مجلسه العسكري، ولن يعدم انتهازيين وارزقية من المدنيين ليشكل بهم الحكومة، حتى يتبين للناس اجمعين الخيط الابيض من الاسود للانقلاب، وختم الشيخ حديثه على طريقة شهيد فض الاعتصام الذي قال لأحد الضباط قبل عملية الفض الغادرة (انتو اشتغلوا شغلكم ونحنا حنشتغل شغلنا)، أي ان يشتغل الانقلابيون شغلهم الانقلابي بالوضوح التام، ويشتغل الشعب شغله في المقاومة الجسورة والدؤوبة، أما اذا كان البرهان وجماعته يختشون من اعلان الانقلاب من جهة ويخشون من جهة اخرى الشعب فيقطعون عنه الانترنت والاتصالات ويغلقون الكباري فما الداعي اصلا لما فعلوه.. لقد نطق هذا الشيخ حقا وصدقا، اذ لا داعي اصلا لهذه اللولوة والدغمسة للانقلاب، فاما انقلاب أو لا انقلاب بعودة البلاد الى وضعها الطبيعي ما قبل الانقلاب، فقد لخبط هذا الانقلاب الوطا حقيقة، وتحضرني بهذه المناسبة حكاية المطربان ميرغني المأمون وأحمد حسن جمعة مع انقلاب هاشم العطا، قيل ان المطربان عند نجاح الانقلاب عكفا على توقيع اغنية تمجده، يقول مطلع الاغنية (هاشم العطا صلح الخطأ)، واثناء ما هما منهمكان في البروفة دخل عليهما من يخبرهما بفشل الانقلاب وعودة نميري، فسارع المطربان لتحويل الاغنية مائة وثمانون درجة فصارت (هاشم العطا لخبط الوطا)، وهذا الذي أتاه الانقلابيون مجرد لخبطة ومحض (مجمجة) وخرخرة ونقض للوثيقة الدستورية لا يليق، ويلزمنا أن ننصح هؤلاء (المتمجمجين) بأن دعوا المجمجة وعودوا الى جادة الصواب والوثيقة، وعلى ذكر عبارة (مجمجة) نتذكر الفريق الان حميدتي الذي يعتبر أول من أتى على ذكرها في ملأ، كان ذلك قبل بضعة سنوات حين كان الناس قد تداولوا عبر تقنية الفيديو فقرة من خطبة للعميد وقتها حميدتي لقواته يقول فيها: (زي ما قلت ليكم البلد دي بَلْفها عندنا نحن أسياد الربط و الحل..مافي ود مرة بفك لسانو فوقنا..مش قاعدين في الضل و نحن فازعين الحراية.. نقول اقبضوا الصادق (يعني الصادق المهدي رحمه الله) يقبضوا الصادق، فكوا الصادق يفكوا الصادق.. زول ما بكاتل ما عندو رأي.. أي واحد يعمل مجمجة أهي دي النقعة و دي الذخيرة توري وشها.. الجريدة