مليونية 6 ديسمبر اثبتت مجددا ان الشارع مازال حيا، وأن الثورة مازالت عصية على التراجع والكمون وأن الشعب بالغ مدنيته مهما كانت العقبات. مشى الثوار بالامس سيرا على الاقدام من امدرمان إلى بحري، ومن الحاج يوسف وشرق النيل إلى بحري، بحري سر الهوى والثورة، التي زفّت في مليونية 17 نوفمبر عشرات الثوار شهداء في مليونية واحدة، بالامس زارتها المواكب وقدمت الواجب لارض التضحية والفداء. تخطت ثورة الشعب السوداني معنى انها انتفاضة ستخبو مع الايام، وتحولت إلى واقع وأسلوب حياة، اصبحت المواكب عادة وسعادة، واضحت الهتافات قهوة للروح والكيف، لم يعد ثمة امل لأي انقلابي بأن تخبو هذه الثورة ان لم تحقق أهدافها في الدولة المدنية الكاملة. يصر حمدوك على الالتقاء ببعض لجان المقاومة وبعض الشخصيات الوطنية وبعض رؤساء الاحزاب في الولايات متجاهلا الشارع المليء بالهتافات الداعية للمدنية، وهو سلوك انتهازي من رجل انتهازي قدمته الثورة وقوى الحرية والتغيير فباعها في وضح النهار للعسكر، ويسعى اليوم مخذلا في الثوار عن مواصلة النضال ضد هيمنة العسكر على السلطة. لم يعد هناك لبسا لدى الثوار، فالمطالب واضحة، الانقلاب يجب أن يسقط، قادة المجلس العسكري يجب أن يسقطوا ويحاكموا، وعلى القوات المسلحة أن تنحاز للشعب وليس لقادتها، فالجيش جيش الشعب وليس جيش البرهان ولا حميدتي. المدنية التي يطالب بها الشارع ستنصف العسكر كما ستنصف المدنيين بتحقيقها لدولة القانون، وستحقق للعسكر والمدنيين معا ما يطمحون اليه في دولة يتمتع فيها المواطنين جميعا بالمساواة والحرية والكرامة. لذلك على العسكر الاحرار دعم المدنية والانحياز للشارع. مازالت هناك مليونية قادمة في 13 ديسمبر وبعدها مليونية 19 ديسمبر، والمد الثوري سيستمر حتى تتحقق المدنية، ووجود الجماهير بهذه الكثافة في الشارع هو بيان عن سقوط حكومة الانقلاب، فأي حكومة يواصل الشعب الخروج ضدها هي حكومة ساقطة لا محالة، اذ يستحيل عليها ان تدير شأن البلد وتحكمه. حاول الانقلابيون بالامس إخراج المظاهرات عن سلميتها، حيث قاموا بإرسال بعض السذج المدفوع لهم، فهاجموا مواكب شارع الستين بالحجارة والاسلحة البيضاء، وهي حيلة مكشوفة من أجل دمغ المتظاهرين بعدم السلمية ومن ثم إطلاق النيران عليهم كما حدث في مليونيات 13 و17 نوفمبر، ولكن الشعب المعلم احتوى الموقف وفوت الفرصة على الفلول والانقلابيين. لن تتوقف الاعيب الانقلابين من أجل إخراج الثورة عن السلمية، سيسعون بكل الطرق والوسائل لجر المواكب للعنف، ولكنهم سيفشلون، فهذا الشعب واع ومدرك، وسيسقطهم بذات السلمية التي أسقط بها البشير من قبل. [email protected]