ما زال الشارع الثوري، الغاضب، المصمم، المبهر يدفع بأرتال من الشهداء لإرساء قواعد الديمقراطية وبناء الدولة المدنية التي يحلم بها … الدولة التي تلبي طموحات الثوار في العيش الكريم الآمن تحت سماء القانون الذي يظلل الجميع حكامآ ومحكومين .. دولة لا يحكمها دكتاتور جاهل أحمق يأخذ الدولة رهينة، درءً لمخاذيه وإحتماءً و تخفياً من جرائمه.بالأمس خرجت جموع الأطهار الشرفاء ، فاضت بهم الطرقات علي سعتها.. رغم كل محاولات الإنقلابيون "الخائبة" لثني الثوار عن التواصل والتجمع للتعبير عن رفضهم للإنقلاب دون مساومة أو تراجع … فممارسة موبقة قطع خدمات الانترنت والإتصالات أصبحت عملآ روتينيآ تمارسه الفئة الباغية، كما تفتقت الذهنية الإجرامية المريضة عن إغلاق الكباري والطرق بالحاويات أملآ في أن تخبو جذوة الثورة وإطفاء لهيب الغضب المعتمل في النفوس. وتمادى الإنقلابيون في إستعمال الرصاص الحي لسفك مزيداً من الدماء ولزيادة جرائمهم ولينحطوا إلى درك أسفل مما هم فيه.. وقد خاب سعيهم ولم يحصدوا إلا مزيدآ من الأرواح والندم. يتمادى الجنرال المذعور في تسويد صحائفة المشربة بدماء الأبرياء في دارفور وفي إعتصام القيادة ومدن أخري .. يساعده ويسانده في هذا الشر المنفلت "كلب حراسته" ومن والاهم من مجرمي الحرب من مليشيات الخراب ومؤججي أوار الحروب من أجل المال والمكاسب الدنيوية الزائلة .. ومعهم لفيف من أحقر ما أنجبت حواء السودانية من سياسيي الغفلة والجدب .. لم يتبقِ للإنقلابيين من مساحة للمناورة ولا وسيلة لإيقاف المد الثوري الذي إنطلق من عقاله في تصميم معجز وإعجازي .. لقد إستعملوا كل ما لديهم من شر ولم يدفع ذلك ثوري واحد إلي التراجع ، بل زاد تصميم الشارع علي المضي قدمآ في نضاله حتي بلوغ أهدافه كاملة في إقامة دولة الحرية و السلام والعدالة وعودة العسكر الي ثكناتهم جملة واحدة وإلي الأبد. وسيصل الثوار إلى مبتغاهم عاجلاً أم آجلاً هذا مما لا شك فيه مهما كانت الكلفة والثمن. في هذه الظروف البالغة التعقيد ، والتي وضح جلياً أن قوى الشر ماضية في مخططها لإعادة إنتاج النظام المباد بإستعمال نفس الأساليب العقيمة التي لم تفلح إطالة أمد وجوده ولا إنقاذ رأس رئيسه اللص المسجون عمر البشير .. واصبح واضحآ أنهم لم ولن يتراجعوا عن قتل الثوار ولا إستباحة منازلهم ولا أموالهم وسيواصلون هذا النهج حتي وإن أدي ذلك لأن يحكموا القبور .. وفي ذات الوقت وضح أكثر من جليآ أن تراجع الثورة والثوار دونه خرط القتاد. في ظل التعقيد الحادث، أعتقد أن وجود الدكتور حمدوك في منظومة السلطة الحاكمة يحمله أوزار ليست من صنع يده و هو ليس جزء منها وأنا علي يقين بأنها تؤرقه كما تؤرق كل الشرفاء .. وعليه فوراً التطهر من هذه العلاقة الآثمة مع سلطات الإنقلاب .. ولا أقول إن عليه الإستقالة وإنما إعلان نقضه للإتفاق الإطاري الذي وقعه مع الجنرال الإنقلابي وبقاءه كرئيس للوزراء المعين من القوي الثورية المدنية .. وعليه إعلان أن نقضه للاتفاق يجئ لعدم إمتثال الإنقلابيون لصون الدم ولتماديهم في إستعمال القوة المفرطة ضد الثوار السلميين.
كما أن الحفاظ على مكاسب الحكومة المدنية وعلاقاتنا مع العالم لم تتحقق نسبة لتمادي الإنقلابيون في إجراءاتهم الإجرامية المدانة دولياً … و قد كانت هذه من ضمن مبررات توقيعه علي الإتفاق مع الإنقلابي المجرم … وعلى القوى المدنية إستقباله بأيدي ممدودة وقلوب مفتوحة من أجل مصلحة الوطن. أقول ونحن ندلف إلي العام الجديد ، أصبح جليآ أن الوجهة أصبحت واضحة وإن الشارع أصبح سيد نفسه وأن الإنقلاب إلي زوال .. والسؤال ليس هل سيزول الإنقلاب وإنما متى .. في الواقع إن الإنقلاب قد سقط، وتبقى محي آثاره ومحاسبة هؤلاء المجرمين الخونة علي آثامهم وجرائمهم . أتمني أن يحمل العام الجديد بشريات وصول الثورة الي غاياتها دون فقدان أرواح أخرى، وأن يزول عن أرض السودان الجنرال الفاشل وكلب حراسته ومن والأهم والرحمة والمغفرة للشهداء وعاجل الشفاء للجرحى والعودة للمفقودين وكل عام و بلادنا أطهر. [email protected]