وصلت قوة تابعة لروسيا إلى كازاخستان تلبية لطلب من رئيس البلاد، قاسم توقاييف، وسط استمرار حملة قمع عنيفة ضد الاحتجاجات المناهضة للحكومة. وسُمعت أصوات نيران المدافع الرشاشة في مدينة ألماتي، عاصمة البلاد، وكبرى المدن، وتحدث مسؤولون عن تزايد عدد القتلى. وشهدت الساحة الرئيسية بالعاصمة، اشتعال نيران في أبنية حكومية، بينما شنت القوات المحلية حملة لقمع مئات المتظاهرين. وأنحى الرئيس توقاييف باللائمة على من وصفهم ب "إرهابيين" حصلوا على تدريب في الخارج، دون أن يقدم دليلا على ذلك. وناشد، في خطاب بثه التلفزيون الرسمي يوم الأربعاء، منظمة معاهدة الأمن الجماعي بقيادة روسيا تقديم الدعم بغية قمع الاحتجاجات، ويضم التحالف روسيا وكازاخستان ودول الاتحاد السوفيتي السابق بيلاروس وطاجيكستان وأرمينيا. كازاخستان GETTY IMAGES وبحسب ما ورد من أنباء يبلغ قوام القوات الخارجية المرسلة إلى كازاخستان نحو 2500 جندي. وتقول منظمة معاهدة الأمن الجماعي، إن القوات هي قوة لحفظ السلام وسوف تتولى مهام حماية منشآت الدولة والمنشآت العسكرية، وأضافت أن القوات ستبقى في البلاد لعدة أيام أو أسابيع. ودعت الأممالمتحدةوالولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا جميع الأطراف إلى عدم اللجوء إلى العنف. وقال مسؤولون إن نحو 18 فردا من أفراد قوات الأمن قتلوا في ألماتي، وقالت الشرطة إنها قتلت عشرات الأشخاص ممن وصفتهم ب "مثيري الشغب" ليلا. ونقلت وكالة فرانس برس للأنباء عن مواطن يدعى صول، عامل بناء عمره 58 عاما شارك في الاحتجاجات، قوله إنه شاهد أفراد الأمن يطلقون النار على المتظاهرين. وقال: "رأينا الموتى بأعيننا…. نحو 10 أشخاص قتلوا". وقال وزير الداخلية إن أجهزة الأمن اعتقلت 2298 من المتظاهرين. * صراع الأجيال: من يقود مستقبل كازاخستان؟ كازاخستان GETTY IMAGES وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إنها تراقب عن كثب نشر القوات الروسية، وأضاف متحدث: "الولاياتالمتحدة والعالم يراقبان أي انتهاك لحقوق الانسان". وقال: "سنراقب أيضا أي اجراءات من شأنها الاستيلاء على المؤسسات في كازاخستان". واندلعت الاحتجاجات يوم الأحد عندما تضاعفت تكلفة غاز البترول المسال، الذي يستخدمه كثير من الناس في كازاخستان لتزويد سياراتهم بالوقود، مما دفع المتظاهرين إلى النزول إلى الشوارع. وقالت الحكومة يوم الخميس إنها ستعيد فرض حد أقصي لأسعار الوقود لستة أشهر، بهدف تهدئة الاحتجاجات، ويشمل القرار أسعار الديزل أيضا للفترة نفسها، بيد أن الإعلان فشل في إنهاء الاحتجاجات التي اتسعت لتشمل مطالب سياسية أخرى. واشتعلت النيران في مقر رئاسي في ألماتي ومكتب رئيس البلدية يوم الخميس. واستعاد الجيش الآن السيطرة على المطار الرئيسي الذي سيطر عليه المتظاهرون. كازاخستان GETTY IMAGES وقالت وزارة الصحة إن نحو ألف شخص أصيبوا في الاضطرابات. وفرض الرئيس توقاييف حال الطوارئ في البلاد شاملة فرض حظر تجول ومنع التجمع. وأقال سلفه، نور سلطان نزارباييف، من منصب رئيس مجلس الأمن القومي. كما استقالت الحكومة كلها. وغالبا ما توصف كازاخستان بأنها دولة ذات حكم استبدادي، إذ أن الحزب الحاكم يفوز بأغلب الانتحابات، وبنسبة أصوات تقارب المئة في المئة. ولا توجد في البلاد معارضة فعالة. حرائق الأبنية وطوابير في محطات الوقود عبد الجليل عبد الرسولوف، مراسل بي بي سي في ألماتي تحولت ساحة ألماتي الصاخبة إلى منطقة صراع مليئة بالمباني والمركبات المحترقة، والكثير من الناس يخشون الخروج من بيوتهم، خاصة في الليل لأن الاشتباكات لا تزال متواصلة، كما أن أصوات إطلاق النار والانفجارات تذكر الناس بمدى خطورة مغادرة منازلهم. وتشكلت مجموعات حراسة من السكان أمام قراهم لحمايتها من النهب. ووضعت نقاط تفتيش ومتاريس على مداخل مدينة ألماتي، وهو ما دفع الناس إلى اتخاذ الطرق الضيقة للدخول والخروج من المدينة. وامتدت الطوابير الطويلة في محطات الوقود. ويجد السكان صعوبة في شراء الطعام لأن مراكز التسوق والمتاجر، والمقاهي والمطاعم كلها مغلقة، والمتاجر الصغيرة فقط لا تزال مفتوحة، كما يستمر انقطاع خدمات الإنترنت، لذلك لا يمكن للناس سحب الأموال أو شحن هواتفهم. معلومات بسيطة عن كازاخستان أين تقع: تحد كازاخستان روسيا من الشمال والصين شرقا. إنها بلاد شاسعة تساوي مساحتها أوروبا الغربية كلها. وتحجب بمساحتها بقية جمهوريات الاتحاد السوفييتي سابقا في آسيا الوسطى. ما هي أهميتها: تحتوي على ثروات طبيعية هائلة، من بينها 3 في المئة من احتياطي النفط العالمي، فضلا عن الفحم والغاز. وهي دولة مسلمة فيها أقلية روسية كبيرة. وتجنبت الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها دول أخرى في آسيا الوسطى. لماذا تتصدر الأخبار: الاحتجاجات على أسعار الوقود هزت الحكومة، وأدت إلى استقالات في هرم السلطة، وعمليات قمع دامية. ما هي آخر الأخبار على الأرض: تحول ميدان المدينة في ألماتي إلى ساحة معارك ترى فيها البنايات والعربات محترقة. ودعت المتحدثة باسم شرطة ألماتي، سلطانة عازر بك، الناس إلى البقاء في بيوتهم مؤقتا، بينما تواصلت الخميس "عملية لمكافحة الإرهاب" في ثلاث بنايات حكومية. وقالت إن العشرات من "المهاجمين" قتلوا وهم يحاولون اقتحام بنايات تابعة للشرطة في المدينة، مضيفة أن المحتجين سرقوا أسلحة. وأفادت التقارير بإصابة 1000 من أفراد الأمن في الاضطرابات، 400 منهم يتلقون العلاج في المستشفيات و 62 موجودون في العناية المركزة. كازاخستان GETTY IMAGES لماذا تدخلت روسيا؟ اتهم الرئيس توقاييف "عصابات إرهابية" مدربة في الخارج بافتعال الاضطرابات. وأعلن أنه طلب المساعدة من منظمة معاهدة الأمن الجماعي، وهو تحالف للجمهوريات السوفييتية السابقة تهيمن عليه روسيا. وقال رئيس المنظمة الحالي، رئيس وزراء أرمينيا، نيكول باشينيان، إن التحالف سيرسل قوات حفظ السلام "لفترة محددة من الوقت". وأظهرت صور فيديو بثتها وسائل الإعلام الروسية عددا قليلا من الجنود الروس يستقلون طائرة عسكرية. وستنتشر هذه القوات، حسب التحالف، للمساعدة في حماية المنشآت الحكومية والعسكرية في كازاخستان. وتأسست المنظمة منذ 30 عاما، مباشرة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، في شكل تحالف ضد التهديدات العسكرية الخارجية. وفي 2010 رفضت روسيا طلبا من قيرغيستان بإرسال قوات المنظمة، عندما اندلعت أعمال عنف عرقية في البلاد، قائلة إنها قضية داخلية.