عوض البارئ محمد طه ما يثير الدهشة حقا هو موقف بعض الانقلابيين المدنيين في السودان الذين ساندوا انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر 2021م بتهيئة المسرح السياسي والدعوة لاستقالة حمدوك وإعادة تشكيل الحكومة ،ومحاولة صناعة قوى سياسية موازية للحرية والتغيير ، وصناعة اعتصام القصر الذي بات معروفا "باعتصام الموز " ، فعلوا كل ذلك مساندة للانقلاب وهم يعلمون انه انقلاب عسكري ، وان كان البرهان قد سماه "تصحيح مسار" ، ولكن بعد أن أتت الرياح بما لا تشتهي سفنهم وادخلوا الرجل وزمرته ومناصريه والبلاد ككل في "ورطة" لا يستطيع البرهان وحميدتي ومناصريهم إنكارها ، تنكروا للرجل وأصبحت تصريحاتهم ضده يسمون ما حدث انقلابا وهم ساندوه حتى وقع ..! ويدينون القتل والبطش والتنكيل وهم يعلمون انه سلوك السلطات الانقلابية في أي مكان فيالعالم ، وبالأمس القريب قال مني اركو مناوي انه يدين بشده إغلاق مكتب الجزيرة مباشر بالخرطوم وإلغاء ترخيصها..!! وما الذي كان ينتظره مناوي وحركته من سلطة انقلابية غير مثل هذه الإجراءات المشينة ، وان كانت قناة الجزيرة مباشر أوردت هذا الخبر وغيره من الأخبار المتعلقة بهذا الأمر إلا أن ردة فعل هذه الخطوة الغبية جاءت بردا وسلاما على الطرف المناوئ للانقلاب والشارع الثائر وكل الداعمين للتحول المدني الديمقراطي .. حيث أن الجزيرة وسعت من دائرة تناولها للقضية السودانية والوضع في السودان ولم تخسر شيئا سوى توقف عمل المراسلين ، وهنالك آلاف الذين يتبرعون بالفيديوهات الحية والمقاطع الموثقة للأحداث التي تصل الجزيرة على رابطها من مدن العاصمة الثلاثة ومن مختلف مدن السودان ، كما أن خطها الحي عبر الهاتف أو الأقمار الإصطناعية مفتوح على مصراعيه مع كل المعارضين في الداخل ، ولكنه الغباء السياسي والتخبط والقرارات غير المدروسة في زمان انعدام المسافات وانفتاح العالم على بعضه البعض حتى أن مؤسس شبكة الصحافة الأخلاقية (أيدن وايت) أدان هذه الخطوة بأغلظ وأشد العبارات وباختصار شديد فإن هذه الخطوة جعلت نظر الجزيرة مركزا على السودان أكثر من ذي قبل . أما البعد الثاني في هذه الخطوة فهي جاءت في وقت تتركز فيه أنظار العالم والمجتمع الدولي على السودان ، وتقوم الأممالمتحدة عبر مبعوثها في السودان "فولكر" بوساطة مع كل الأطراف .. ومبادرة الأممالمتحدة أول من رحب بها "منبطحاً "الطرف الانقلابي !! بعد أن دخل في الشبكات وهو لا يعلم أن الدخول في الشبكات هين ولكل التأمل في الخروج ، ومن نوائب الدهر على الانقلابيين أن الذين تأملوا معهم في الدخول ل (شبكات الانقلاب) ضنوا عليهم ب (التأمل) في الخروج ، بل أصبحوا يدينون خطواتهم المتخبطة ويبدون دون واعز من ضمير أو أخلاق أراء متطرفة في مواجهة الانقلابين ، ولكنها لن تشفع لهم ، ولن تغطي على سقوطهم التاريخي في دعم الانقلاب وتهيئة المسرح له ، فالشعب السوداني أوعى منهم سياسيا وهم الذين يدعون أنهم (سياسيون) !!! جبريل إبراهيم الذي يتمسك بحقيبة المالية وزيرا بلا رئيس وزراء !!! في ظل سلطة عسكر بلا حكومة أصلاً !!!! بل مجرد سلطات عسكرية انقلابية تمسك بذمام الأمور في السودان .. هذا الرجل الذي يجلس في وضع غير دستوري وغير شرعي يصف ما يحدث في الشمالية بأنه (دوشة) ولم يرى (الدوشة) التي حدثت من قبل في شرق السودان ، لان حديثة قبل الانقلاب غير حديثه بعد الانقلاب وعلى ذلك (قس)! اما الذين يسمونهم بالخبراء الاستراتيجيين والمحللين الماعرف شنو ؟ من قبيلة (دعني أكمل الفكرة) حيث لا فكرة أصلا، فهؤلاء يضرون بالطرف الذي يدافعون عنه أكثر مما ينفعونه بأفكارهم البالية ومعينهم الذي نضب في مواجهة شارع يعيش زمانا غير زمانهم ويفكر تفكيرا غير تفكيرهم . [email protected]