مشهد داخل ذاكرة تتلاشى حمدان الجنيدابي … يتذكَّر : أنه .. في تلك ، الليلة الليلاء . حيث الزمان .. كان هو ، غير الزمان . حيث المكان .. كان هو ، غير المكان . حيث الناس .. كانوا هم ، غير الناس . حمدان الجنيدابي … يتذكّر : أنه .. في تلك الليلة ، بعينها .. لا غيرها ، أرعدت السماء ، دونما سحب .. واهتزّت بفعلها .. الأرض ، والجدران ، والبشر .. وانشقّ الفضاء ، عن دويٍّ هائل .. لا مثيل له ، إلا في أساطير .. الآتين ، وليس الأولين !! . حمدان الجنيدابي … يتذكّر : أنه .. فقط ، وفي لحظته : تلك الأولى . أو تحديداً أكثر دقة . ما قبل الأولى . انقلب على جنبه الأيمن ، ولكن حين اصطدم ، ذلك الدويّ ، بجدار الحلم ، الذي كان يناوشه . انقلب ، على جنبه ، الأيسر .. ولكن حين صحبت ذلك الدويّ الهائل ، تلك الهزة القوية ، التي ارتعش لها ذلك الجسد ، الموبوء قبلاً ، بالسهر والحمى . حتى انتفض مذعوراً ، مفزوعاً . أول .. ما فكر فيه : أن حدثاً ، جللاً قد وقع .. رغم أنه لم يتبيّنه بعد ، إلا أنه قفز ، هذه المرة بجنبيه : الأيمن ، والأيسر -معاً هكذا- وفي وقتٍ واحد . حمدان الجنيدابي … يتذكّر : أنه .. وكخطوة أولى -وإن لم تكن إرادية- بحث عن سكّينه ، التي عادة لا يخلعها من ذراعه إلا كي تعمل : عند الضرورة ، أو عند اللزوم .. وهذا ما يحدث بوتيرة متصلة … يومياً . حمدان الجنيدابي … يتذكّر : أنه .. ترك أمرَ تحسُّسه ، لموقع السكين . وتلفت يبحث عن نعاله ، حين وجد نفسه -كيف لا يدري- في قلب الفضاء الشاسع . حمدان الجنيدابي … يتذكّر : أنه ، لم يكمل البحث عن نعاله . تناسى أمر النعال ، حين أحس ، أن شوكة لعينة ، انغرزت في باطن قدمه . حمدان الجنيدابي … يتذكّر : أنه .. تناسى أمر تلك الشوكة اللعينة ، حين رأى، الآخرين وقد سبقوه ، واحتلوا قبله ، قلب الفضاء الشاسع . حمدان الجنيدابي … يتذكّر : أنه ، تناسى أمر الآخرين ، الذين احتلوا قبله ، قلب الفضاء الشاسع ، حين رأى، على مدى السراب ، تلك الشجرة الضخمة ، التي هي بحجم الفضاء الشاسع .. المتدلية من الأعالي ، ولم تلامس الأرض ، جذورها .. بعد . حمدان الجنيدابي … يتذكّر : أنه .. تناسى ، وبتصميم هذه المرة ، أمر تلك الشجرة الضخمة ، والتي هي بحجم الفضاء الشاسع .. المتدلية من الأعالي ، ولم تلامس الأرض ، جذورها .. بعد . حين رأى .. لدهشته ، الآخرين .. الذين احتلوا قبله ، قلب الفضاء الشاسع .. يتحركون ، ولكن بأكفان : بعضهم ، بلا أجساد ، داخل أكفانهم ، وبعضهم بلا رؤوس على أكتافهم . حمدان الجيندابي … يتذكّر : أنه .. تناسى أمر الآخرين ، الذين يتحركون .. ولكن بأكفان : بعضهم ، بلا أجساد داخل أكفانهم ، وبعضهم بلا رؤوس على أكتفاهم . حين تذكر ، أولئك الذين يأتون إليه .. يقولون : هؤلاء الناس ، يولدون .. بغير ما ترغب !!. يقول لهم ، حمدان الجنيدابي : أبيدوهم .. أبيدوهم .. أبيدوهم !!. حمدان الجيندابي … يتذكّر : أنه .. تناسى أمر أولئك الذين يأتون إليه ، حين رأى بأم عينيه ، ذلك الجسد ، المصلوب بامتداد تلك الشجرة ، الضخمة ، بحجم الفضاء الشاسع ، المتدلية من الأعالي ، ولم تلامس الأرض ، جذورها ، بعد . حمدان الجيندابي … يتذكّر : أنه .. تناسى أمر ذلك الجسد ، حين تذكّر أولئك الذين يأتون إليه … يقولون : هؤلاء الناس ، يعيشون حياتهم .. بغير ما ترغب!!. يقول لهم .. حمدان الجيندابي : أبيدوهم .. أبيدوهم .. أبيدوهم !!. حمدان الجيندابي … يتذكّر : أنه .. تناسى أمر أولئك الذين يأتون إليه ، حين لمح لبرهة قصيرة وعابرة ، وإن لم تكن عامدة .. أن ذلك الجسد المصلوب ، بامتداد الشجرة الضخمة ، المتدلية من الأعالي ، بحجم الفضاء الشاسع ، ولم تلامس الأرض ، جذورها .. بعد ، يشبهه إلا قليلاً ، بمقدار لم يتبيّنه بعد . حمدان الجيندابي … يتذكر : أنه .. تناسى أمر ذلك الجسد ، الذي يشبهه ، إلا قليلاً بمقدار لم يتبينه بعد، حين تذكر أولئك الذين يأتون إليه .. يقولون : هؤلاء الناس ، يفرحون ، ويحزنون .. بغير ما ترغب!!. يقول لهم .. حمدان الجنيدابي : أبيدوهم .. أبيدوهم .. أبيدوهم !!. حمدان الجنيدابي … يتذكّر : أنه .. لم يتناس هذه المرة، وإنما عادت إليه ذاكرته ، وامضة براقة .. وليس كعادتها ، حين تأكد له ، بعد برهة لاحقة ، لم تكن أبداً ، غير أنها متعمدة . أن هذا الجسد ، المصلوب بامتداد الشجرة الضخمة ، بحجم الفضاء الشاسع ، المتدلية من الأعالي ، ولم تلامس الأرض ، جذورها .. بعد . لم يكن إلا هو بعينه ، حمدان الجيندابي ، بسكّينه .. التي لا يخلعها إلا لكي تعمل .. بنعاله التي تناسَى أن ينتعلها .. وحتى بتلك الشوكة اللعينة التي انغرزت في باطن قدمه . حمدان الجنيدابي … يتذكّر : أنه .. تناسى كل هذا ، حين رأى تلك الشجرة الضخمة ، تعلو .. وتعلو ، وما عاد مصلوباً عليها ذلك الجسد ، الذي هو بعينه ، حمدان الجيندابي ، حين تذكر أولئك الذين يأتون إليه .. يقولون : هؤلاء الناس، يموتون .. بغير ما ترغب !! . يقول لهم .. حمدان الجيندابي : أبيدوهم .. أبيدوهم .. أبيدوهم !!. حمدان الجيندابي … يتذكّر : أنه .. تناسى أمر أولئك الذين يأتون إليه ، حين رأى تلك الشجرة الضخمة ، وقد عادت وغرزت جذورها في باطن الأرض ، ولم يعد مصلوباً عليها ذلك الجسد ، الذي هو بعينه حمدان الجيندابي . حمدان الجيندابي … يتذكر : أنه .. تناسى أمر تلك الشجرة الضخمة والتي غرزت جذورها في باطن الأرض ، ولم يعد مصلوباً عليها ذلك الجسد ، والذي هو بعينه حمدان الجيندابي ، حين وجد نفسه ، يجري .. ويجري ، يلهث ويلهث ، بحثاً عن حمدان الجيندابي ، الذي لم يعد مصلوباً على تلك الشجرة الضخمة ، بحجم الفضاء الشاسع ، والتي انغرزت جذورها في باطن الأرض. وإن لم يجده .. يجري ويلهث .. وإن لم يجده ، يجري ويلهث .. وإن لم .. حمدان الجيندابي … يتذكر : أنه .. لم يعد يتذكر ، فقد بدأت ذاكرته ، تتلاشى .. تتلاشى .. [email protected]