من المؤسف أن تجد أمة تمارس الظلم والغش والقتل والبطش والتشريد والانقلابات العسكرية ، وبين ظهرانيها كتاب فيه آية مُحكمة تنص على (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) ! . ثم تجد هذه الامة البائسة والفقيرة والتي يموت افرادها من الجوع ، تتقاتل وتفني بعضها بعضاً ايمانياً وعقائدياً ، بل و"أزهرها" الشريف يوصي بفرض عقوبات سجن وغرامة على من يتكلم في كتاب الله على غير هواه ، كما لو ان للازهر وكالة حصرية بموجبها يُصدر تراخيص للكلام باسم الله. نقول وقولنا لا يُلزم غيرنا: أولاً : لُغوياً لا يستقيم ان يكون هنالك (اسراء ومعراج) وانما الصحيح (اسراء وعروج) ! . ثانياً : عملية الاسراء والمعراج بحسب السائد "باعتبارهما آيات معجزة" رفضها القرءان بوضوح لا لبس فيه (وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَن كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ) ، وكذلك في قوله (… أَوْ تَرْقَىٰ فِي السَّمَاءِ وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّىٰ تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ ۗ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلَّا بَشَرًا رَّسُولًا) ! ما الذي يستفيده المسلم من تكذيب آيات القرءان. ثالثاً : ما الذي يستفيده المسلم لو أثبتنا تراثياً أن الإسراء والمعراج حقيقة (هل سيزداد ايمانا؟) ! وهل سيصبح أكثر أخلاقاً.. هل سيطبق العدل في الارض؟ . ما يهمني اليوم ، هو كيف امارس عملية الإسراء والعُرُوج في حياتي ومعاشي ، لا ان ادخل في جِدال في مسألة لكل فريق فيها زخيرة وترسانة من الاحاديث التي تخدم موقفه …! . في تقديري أن القرءان نزل ليُحسِّن حياة الناس ، وبالتالي يجب ان نفهمه بالصورة التي تخدم راهننا اليوم (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) ! وإلا سيفقد القرءان قوة تأثيره في نفوس الناس . فبدلاً عن التكفير والتفسيق والطرد من حظيرة الايمان ، فالحريُّ بنا أن نمارس عملية الإسراء وهي العبور من واقعنا البئيس الغارق في ظُلُماتٍ من الفقر والجهل والمرض بعضها فوق بعض، ثم لنعرُج بانفسنا في مقامات القرب من الله تعالى ، عن طريق التخلق بصفاته تعالى ، من خلال وضع فلسفات أخلاقية واجتماعية تطهرنا من هذا العُهر الاخلاقي الذي ما فتئ وما انفكَّ يُنتج لنا كل مرة طاغية أسوأ من سابقه، يسومنا سوء العذاب ويُذبِّحُ آمالنا وطُموحاتنا في ان نحظى بحياة إنسانيةٍ كريمة ..! . قضية المسلم الكبرى الجامعة هي (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) ، وكل ما عدا ذلك متروك لآحاد الناس وتوجهاتهم ومشاربهم ! . [email protected]