الجامعات فى السودان تتخلف وتتدهور لأن مدير الجامعة لا يهمه العلم ولا الدولة . كل ما يهمه إرضاء أجهزة الأمن وإثبات الولاء لمن قام بتعينه . اذا مدير الجامعة يتم تعيينه بقرار جمهورى فأنه بحكم القانون ، مرؤوس مباشر لرئيس مجلس السيادة الذي لا علاقة له بالعلم ولا بالعلماء . الجامعات في الدول الديمقراطية تحرز تقدما علميا يؤدي الى نهوض البلد ويغير تاريخ الدولة والمنطقة بأكملها وبعد الثورة استبشرنا خيرا ولكن الانقلاب يسابق الزمن وبكفاءة عالية فقط لتدمير كل شي له علاقة بالتطور . لو أخدنا نموذجين لمديري الجامعات في العهد البائد من قام بتعينهم البشير .. مازلنا نذكر كيف أرضى دكتور مأمون حميدة الأجهزة الأمنية ورئيسه عندما كان مديراً لجامعة الخرطوم سمح للامن الشعبي التنكيل بالطلبة والطالبات وأمر باغلاق الداخليات اثناء الامتحانات حتى يمنع الطلاب من مقاطعتها .. كما أمر بشحن الطلاب فى (دفارات) وارغامهم على الدخول الى قاعة الامتحانات . وكانت النتيجة حصوله على منصب أعلى مكافأة له على تفانيه فى خدمة النظام . وتم تعيينه وزيرا للصحة والذي استغل علاقات جامعة الخرطوم لتأسيس جامعته الخاصة وتحويل المنح والمؤتمرات منها الي جامعاته البروفسور محمد حسين أبو صالح لكي يرضي الرئيس ويضمن إستمراريته في وظيفته منح السيدة وداد بابكر شهادة الدكتوراة من جامعة كرري والتي إختار لها عنوانا لا تستطيع هي قراءته (التخطيط الإستراتيجي) ولم يستشعر أدنى حرج في هذا الفعل ولم يقف على هذا بل بدأ في كيل المديح والإحتفاء البالغ بقرينة البشير ثم أجبر الأساتذة بالتصويت لمنح السيدة حرم البشير الدكتوراة ما الذي يجعل مديري الجامعات أن لا يعملوا على تطوير جامعاتهم بالرغم من ان غالبيتهم من خريجي جامعات أمريكية وأوروبية وكيفية إهتمام الجامعة بالطالب وتتابع خريجيها حتى بعد التخرج وتوجد إدارة خاصة في الجامعة لمتابعة خريجيها؟ الإجابة على هذا السؤال تختصر في كلمة واحدة السبب : النظام السياسى .. فى الجامعات المتقدمة يتم اختيار مدير الجامعة عن طريق نظام من الانتخابات من لجان مختلفة ، بعد ذلك تتم متابعة أداء مدير الجامعة من لجنة متخصصة تكتب تقريرا سنويا عن أخطائه ، وتستطيع أن تقيله فى أى لحظة . والجامعة مستقلة تماما فى إدارتها عن التأثير الحكومي ولا يستطيع حتى رئيس الجمهورية أن يقيل مدير أصغر جامعة أما مدير الجامعة في السودان لا يتم تعيينه إلا بعد موافقة أجهزة الأمن ، وحتى بعد تعيينه يستطيع تقرير أمنى واحد أن يطيح به من منصبه ، ولو أنه اتخذ موقفا جادا لمساندة الطلبة تتم إقالته فورا .. وهذا الإنحطاط اوصل الجامعات الى الحضيض لأن النظام فى السودان كان ومازال من بعده من انقلب على الثورة وعلى كل بذرة كادت تزدهر يقدم الولاء على الكفاءة وبالتالى فإن مدير الجامعة يعلم جيدا أنه لم يعين فى منصبه بسبب كفاءته وأن هناك كثيرين أكفأ منه لكنه حظى بمنصبه فقط بولائه للنظام فلا يهمه الطالب ولا العلم بل يسعى في كيف يرضي النظام ورئيسه ونسير في نفس طريق الانحطاط والولاء ضاربين بالجدارة عرض الحائط الذي مات الشباب لتغييره الى نظام ديمقراطي الذي يجعل السلطة فيه للشعب والسيادة فيه للقانون وللكفاءة .