وطني / العزيز … المحترم … بعد السلام عليكم ، أثنيت بك فهم وحدو القلم ما بزيل بلم وعلي كيفنا ما كيف الرمم كما توقعنا تماماً، قرر التيار التسووي الانخراط في التفاوض مع الانقلابيين رغم انف الشارع ولاءاته الثلاثة. ففي يوم التاسع من يونيو 2022 وحراكه المجيد، الذي اعاد تكتيك شد الاطراف بحضور بهي في شروني، ظاهره وسانده سيادة شاملة حتى المغرب في شارع الشهيد عبدالعظيم، ومواكب وازنة في مدينة بحري، جميعها رافضة للتفاوض مع الانقلاب، طالعنا المكتب التنفيذي لقوى الحرية والتغيير (التيار التسووي) بتصريح صحفي، يؤكد ان هناك لقاء غير رسمي سوف يعقد بين وفد هذه القوى والمكون العسكري، بدعوة من مساعدة وزيرالخارجية الامريكية و السفير السعودي (المجتمع الدولي الساعي لتعويم الانقلاب). بكل تأكيد لم يكن الأمر مفاجئا بل كان متوقعا ، بعد أن اصدر التيار التسووي رؤيته المكتوبة قبل ايام حول معالجة الأزمة السياسية، وملخصها وجوهرها هو التسوية مع العسكريين والعودة للشراكة، بعيدا عن محاولات التلاعب بالكلمات وتزيين المواقف بمساحيق تجميلية لا تستر عوراتها. فالتمثيلية السمجة القائمة على مقاطعة جلسة الحوار الاولى، التي فاوض فيها الانقلاب نفسه حين تم جمع مناصريه بواسطة الآلية الثلاثية، كانت مجرد تمهيد للانخراط في الحوار والتفاوض الحقيقي، تحت رعاية اصحاب مشروع التعويم الاصليين لا وكلائهم في الآلية الثلاثية المزعومة. وتوزيع الادوار واضح لكل ذي عينين وبصيرة، حيث تكلف الآلية بعقد جلسة الحوار والتفاوض الذي رفضه الشارع وافشله قبل ان يبدأ، فيقاطعها التيار التسووي ليظهر بمظهر متوافق مع موقف الشارع، ومن ثم يتم دعوة هذا التيار للحوار والتفاوض الرئيس برعاية القوى الاصلية الساعية لتعويم الانقلاب والعودة إلى شراكة الدم. وبهذا يصبح تجميع القوى الداعمة للانقلاب عبر الالية الثلاثية نفسه احد محاور التفاوض، مع محور تصفية الانقلاب، ومحور العملية السياسية بعد تصفية الانقلاب بين قوى الثورة (التسوويين في الحقيقة) والانقلابيين. والملاحظات الاساسية على هذا التصريح الصحفي الذي يليق تماماً بالتيار التسووي المنخرط في مشروع تعويم الانقلاب والعائد حتماً للشراكة، يمكن تلخيص بعضها فيما يلي: 1- بدأ البيان بتسمية الانقلابيين بالمكون العسكري، وهذه محاولة لاعادة وضع الشراكة واعطاء الانقلابيين شرعية سابقة اسقطها الانقلاب نفسه، والتمهيد النفسي لقبول ما سيأتي من موقف مضاد لرغبة الحراك الجماهيري ولاءاته الثلاثة. 2- تحويل وقف نشاط الآلية الثلاثية في تجميع داعمي الانقلاب وفلول النظام السابق، الى نقطة تفاوض مع الانقلابيين انفسهم الذين دعمتهم الآلية الثلاثية بهذا الإجراء، بدلا من اللجوء الى الشارع لايقاف هذا العبث ومخاطبة الجهة صاحبة الشان (الآلية الثلاثية) اذا كانت هناك حاجة للمخاطبة أصلاً. 3- مناقشة الانقلابيين في سلوك الالية الثلاثية لايقافه، مع الحديث عن مناقشة إنهاء الانقلاب وتسليم السلطة للمدنيين، مجرد دخان لتغطية البند الرئيس في هذه المفاوضات الذي ورد ثالثا في التصريح، وهو العملية السياسية الشاملة التي سيتفق عليها التسوويون والانقلابيون لتصفية الانقلاب. فالزعم في أن هذا الانفاق سيأتي بعد تصفية الانقلاب غير منطقي، لان الاتفاق على هذه العملية بالذات وتحديد طبيعة المعادلة السياسية المستقبلية، هو الاداة لتصفية الانقلاب، وهذه هي شروط الانقلابيين التي ظلوا يرددونها ويسمونها بالتوافق. فهم كرروا مرارا وتكرارا بانهم لن يسلموا السلطة الا لحكومة متوافق عليها. ولسنا في حاجة للقول بان صياغة هذا البند الذي يتحدث عن عملية سياسية شاملة الانقلابيين احد اطرافها، هو اعتراف واضح بالانقلابيين كجزء من هذه المعادلة المستقبلية، وتقنين واضح للافلات من العقاب. ما يتم الآن ليس الا انخراطا في التفاوض بغرض التسوية، لن يؤدي الا الى شراكة دم جديدة، تهدر دماء الشهداء وتكرس حماية التمكين وتسقط مبدأ المحاسبة. وهذا ما كنا نردده ونتوقعه ، وما ستثبت الايام صحته، من ان التيار التسووي مصر على شراكة دم مع الانقلابيين، تأتي في اطار مشروع الهبوط الناعم الذي يرعاه المجتمع الدولي، بهدف تصفية الثورة السودانية ومنعها من تحقيق اهدافها. نجاح هذه المؤامرة شرطه الأساس هو هزيمة الشارع، وكسر الحراك الذي أصبح وعياً يستعصي على الكسر والاقتلاع. و الناظر للمعادلة السياسية الراهنة، يعلم تماماً ان الشارع هو صاحب المبادرة و صانع الحدث. فهو الذي افشل الانقلاب ووضع الانقلابيين في ورطة ومنع تعويمهم حتى الان، وهو الذي افشل حوار الآلية الثلاثية حتى اللحظة، ومنع التيار التسووي من الانخراط المباشر فيه، وحشره مع رعاة الآلية الثلاثية في زاوية ضيقة الجاتهم الى إخراج تمثيلية سمجة ، تقوم على رفض التيار التسووي للتفاوض المباشر عبر الالية، والتفاوض عبر الية جديدة تصحح مسار الآلية الثلاثية، بحيث يمكن تمرير مسالة التفاوض وجعلها امرا واقعا، من الممكن ان تتبناه بشكله الجديد الآلية الثلاثية نفسها لاحقاً. فما يتم ببساطة هو محاولة لفرض التفاوض وتمريره بالتحايل على الشارع الذي منعه، وهو قادر بالطبع على فضح هذا التحايل ومنع التفاوض مجددا. على قوى الثورة الحية رفض هذا اللقاء بحسم لإيقاف التيار التسووي عند حده، والتمسك باللاءات الثلاثة، ورفض كل ما ينتج عن هذا اللقاء الممهد للانخراط في عملية تفاوض، تقود لذات الشراكة السابقة التي ثبتت انقلاب القصر ومهدت للانقلاب الكاشف الماثل.. وقوموا الى ثورتكم يرحمكم الله!! . [email protected]