يتابع الشارع السودانى بصمت حذر مجريات ما يدور فى بلادنا ، منتظرين نجاح قادتهم السياسيين فى إدارة دفة البلاد لنهاية سعيدة للأزمة الراهنة، وخلال هذه المتابعات برزت مؤخراً شخصية غامضة تدير الأحداث بالسودان من خلف الكواليس، شخصية مصرية تسمى أحمد عدلى والذى يعمل قنصل عام لبلاده فى الخرطوم، فكلما يلتقى السودانيين حالياً فى ونساتهم بأحد اليساريين أو الإسلاميين أو قادة المجلس المركزى أو الإتحاديين أو أنصار الأمة إلا ولابد أن يذكر إسم عدلى فى تلك الجلسات شئ عجيب ويستحق الدراسية خاصة وإننا لم نلحظ تحركات مصرية نشطة أو تدخل مصرى حقيقي فى المشهد السودانى منذ عهد الصاغ صلاح سالم فى منتصف القرن الماضى، فدائما ما يتخوف الشارع السودانى تارة من أدوار المخابرات المصرية، فيما تراه منتقداً بشدة عدم تدخل مصر فى حل أزمات السودان تارة أخرى فى ظاهرة تعكس حالة التيه التى يمر بها السودان منذ إستقلاله وتجعله لا يدرك العدو من الصديق ففى تصفح سريع عبر الإنترنت لأنشطة الرجل الغامض تجده ممسكاً بقوة بتلابيب العلاقات المصرية السودانية، فهو من تجده متصدراً لوصول المساعدات الإنسانية ووسيطاً لحل العديد من الأزمات القبلية بل الأغرب أنك تراه فى موالد الطرق الصوفية وفى ذات الوقت فى إجتماعات النخب السياسية وبالرغم من أننا ألفنا منذ الصغر تدخل المخابرات المصرية فى الشأن السودانى مرة لتحقيق مصالح القاهرة فى القضايا الهامة وأخرى للحفاظ على الإستقرار فى السودان ، ولكن عقب ثورة ديسمبر المجيدة بات ملحوظاً أن القاهرة تعمل على ترسيخ فكرة الشراكة المدنية العسكرية ، ففى زيارات اللواء عباس كامل المتكررة إلى الخرطوم تجده يلتقى يميناً بالبرهان ويساراً بحمدوك مُحافظاً فى الوقت ذاته على علاقات جيدة بحميدتى، ولكن عقب إنقلاب 25 أكتوبر توقف الرجل عن زيارة الخرطوم فهل هذا مؤشراً على صحة تلك التقديرات ، لا أحد يعلم وقد عكست زيارات العديد من القوى السياسية وأخرهم حزب الأمة القومى ولجان المقاومة والتجمع الإتحادى والحركات المسلحة إلى مصر وجود رغبة جادة فى الإستماع إلى القاهرة بعيداً عن الهواجس والمرارات التاريخية ، والتى ترى أهمية لتوسيع المشاركة السياسية بعيداً عن الحركة الإسلامية ورفض التدخلات الإقليمية والدولية ذات الأجندات الخاصة لأول مرة منذ حقب بعيدة يتفق الأغلبية فى الشارع السودانى حول الدور المصرى وأهميته فى المرحلة الراهنة ، ويعتبرون أن رؤى القاهرة هى المسار الأنسب للوصول إلى تسوية سودانية الهوى والمضمون تحقق الإنتقال الديموقراطى المأمول وتلبى تضحيات شهداء ثورة ديسمبر المجيدة وتصل ببلادنا إلى بر الأمان __المجد لك يا وطنى والحب لك والعشق دوماً________