أسماء جمعة ينتهي اليوم في العاصمة القطرية الدوحة مؤتمر الأممالمتحدة للدول الأكثر تخلفاً، أو (الدول الأقل نمواً) الاسم الأنيق الذي تحبه الأممالمتحدة، وطبعاً هناك دول أعلى مرتبة منها هي المتخلفة أو (النامية) كما يحلو للأمم المتحدة تسميتها. المؤتمر يعقد كل عشر سنوات، والهدف المعلن منه هو مساعدة الدول الأكثر تخلفاً للاستفادة من إمكانياتها لتحقيق التقدم والازدهار واللحاق بركب الدول المتقدمة كما تقول الأممالمتحدة، لكن الحقائق تكذبها وتؤكد العكس. من المستحيل أن تساعد الأممالمتحدة الدول المتخلفة لكي تخرج من مستنقع التخلف، فهي نفسها تعتبر أحد أهم أسباب تخلفها. تخيلوا أن هذا المؤتمر هو الخامس خلال أربعين سنة، وهي فترة كافية لإنقاذ أي دولة من تخلفها مهما كانت درجته، إذا كانت مساعدة الأممالمتحدة حقيقية ونواياها صادقة. ولأن الأمر خدعة منها، لم تخرج الدول الأكثر تخلفاً من تخلفها، بل ازادت تخلفاً. الأممالمتحدة تتعامل مع هذه الدول بازدواجية معايير سافرة جداً، فهي لا تساعدها بشكل حاسم ولا تتركها للشعوب وحدها لتصارعها حتى تنتصر. مشكلة التخلف مرتبطة بشكل أساسي بسيطرة الطغاة الفاسدين على مقاليد السلطة، وهؤلاء لا تحسم أمرهم الأممالمتحدة لأنهم صنيعة الدول العظمى المسيطرة على الأممالمتحدة، فكل دولة من هذه الدول الأكثر تخلفاً مستعمرة لدولة عظمى، ولكي تخرج من التخلف تحتاج تغييراً جذرياً يحررها من الطغاة ومن الأممالمتحدة نفسها. الحقيقة المؤلمة هي أن كل الدول الأكثر تخلفاً تمتلك موارد مادية وبشرية هائلة، وخروجها من مستنقع التخلف يعتمد على حل واحد فقط هو الحكومات المدنية الديمقراطية النزيهة والجيوش القومية الموحدة، والأممالمتحدة لن تفرض هذا الحل، وستظل (تلف وتدور وتشرك وتحاحي) وتتظاهر بأنها تقوم بالواجب، وهي في الحقيقة إنما تذر الرماد في العيون، كما فعلت مع السودان حين انقلب البرهان على الحكومة المدنية، ودول أخرى كثيرة يحكمها جنرالات المال والذهب والماس. كل الإجراءات التي قامت بها الأممالمتحدة كانت (استهبالاً)، ولولا تماهيها مع البرهان لما كان السودان ضمن الدول الأكثر تخلفاً. أما مؤتمرها هذا فهو كما يقول المثل: "تقتل القتيل وتمشي في جنازتو". عموماً، لن تخرج الدول الأكثر تخلفاً من تخلفها إلا من خلال ثورات تسقط حكامها الطغاة الذين يضحون ببلدانهم من أجل رفاهية الدول العظمى مقابل حمايتهم من شعوبهم وإبقائهم في السلطة مدى الحياة، وكذلك عدم الاعتماد على الأممالمتحدة الوثوق بها فهي غير أمينة على مصالح الشعوب، وستعقد ألف مؤتمر من أجل الدول الأكثر تخلفاً ولن تزداد إلا تخلفاً. هذه الدول قبل عشر سنوات كانت أفضل من الآن، والآن ستكون أفضل من بعد عشر سنوات إذا وثقت في الأممالمتحدة ولم تتحرك شعوبها لإسقاط طغاتها اوالتخلص منهم نهائياً. الديمقراطي