الذين يتحدثون عن مخطط غربي ضد السودان وعن الغزو الفكري . دعونا نحدثكم عن مخطط بدأ بالفعل ويتواصل بقوة هذه الأيام . بداية نقدر حرص الأبرياء وخوفهم على السودان . لكن ليس كل من يضج بالحديث عن تقسيم السودان برئ من الشبهات. بالتمعن في من يصرخ بالحديث عن عدواة أمريكا والغرب والخوف على السودان والإسلام نجدهم يقومون بهذا الضجيج لصرف الأنظار عن مخططهم هم . دعونا ننتبه إلى مخطط خطير لتقسيم السودان . مخطط الإخوان المسلمون لفصل أطراف السودان للإحتفاظ بالوسط واستغلاله كما فعلوا لأكثر من أربعين سنة. المخطط القديم ملامحه بدأت تظهر في 1977م . نعم .. بالضبط هو تاريخ دخول الإخوان المسلمون في مايو بالمصالحة الكارثة. المخطط الإخواني بدأ منذ الإستقلال بمحاولة الاستيلاء علي جماهير الحزبين التقليديين . لكن جماهير الختمية في الحزب الاتحادي وجماهير الأنصار في حزب الأمة كانت لها ولاءات عقدية راسخة في قياداتها. لاحقاً إجتهد الإخوان في زرع بعض عضويتهم داخل هذين الحزبين . هؤلاء المزروعون تسللوا إلى مواقع صنع القرار. يمكن بسهولة معرفة قوة تأثيرهم بتتبع سياسات وقرارات الحزبين الكبيرين . الحزب الإتحادي وحزب الأمة يصوت لهما الأغلبيه في الإنتخابات العامة. لهذا كان من الطبيعي أن يشكلا الحكومات في فترات الديمقراطية القصيرة. ما فعله الإخوان المسلمون حينذاك هو مزاحمة وتشويه الشخصيات القياديه في الحزبين . مارس الإخوان الإغتيال المعنوي للشخصيات المستنيرة داخل الإتحادي والأمة. قاموا بالتشكيك في من هم حول السيدين . شجعوا وصول الذين زرعوهم داخل الحزبين الكبيرين . هكذا إستفادوا من جماهير الحزبين. إستغلوا الاغلبية التلقائية في تمرير اجندتهم . من أمثلة هذه القرارات تحريضهم لطرد نواب الحزب الشيوعي من البرلمان 1967م. النواب أتت بهم إنتخابات حرة ونزيهة . السلطة وعلى رأسها حزب الأمة آنذاك رفضت قرار المحكمة ببطلان الإجراء. عنف سياسي قابله اليسار بعنف عسكري أنتج إنقلاب نميري. من الأمثلة أيضاً تحريض الأنصار ضد مايو والتمترس في الجزيرة أبا. منع دخول نميري رئيس الجمهورية للجزيرة في 1970م. أدى ذلك إلى مجزرة واحداث مؤسفة. قتل الإمام الهادي وهو في طريقه للحبشة. في 1976م قاموا بتحريض جماهير الأنصار لغزو السودان انطلاقاً من ليبيا . عُرِف ذلك بغزوة المرتزقة. أيضاً حدثت مجذرة واحداث مؤلمة. عقب ذلكتم إستغلال قادة الاخوان المسلمون للعدد الكمي لجماهير حزب الأمة للدخول في مفاوضة أفرزت مصالحة 1977م. داخل مايو تسللوا سريعاً إلى حيث المال وتمركزوا في المواقع الحساسة. ضيقوا على شريكهم وحصان طرواده الذين ادخلهم السلطة. النتيجة غادر حزب الأمة محطة المصالحة مخلفاً بعض قياداته في نظام مايو . دخول الإخوان المسلمون في نظام مايو 1977م احدث إنشقاق في الجماعة نفسها. تمسّك المخلصون بالمبادئ ورفضوا السلطة والمال . الذين غزو دهاليز السلطة اسرعوا بإنشاء شركات المال الإسلامية. بنوك وتأمينات وتحويل أموال من الخليج وغيره . منذ ذلك الوقت تحولت ايرادات الدولة الي خزائن تنظيم الاخوان المسلمون. تسببوا في مجاعة 1983م. وتدهور الإقتصاد بسبب الفساد وتجنيب الإيرادات وسرقة ما يصل للخزينة العامة . لم يكتفوا بذلك قاموا بالحفر للنميري ليحلوا محله . نميري بشخصيته القوية والقومية والمحبوبة والنزيهة . أحس منهم الغدر وضع قادتهم في السجون قبيل سقوط مايو باسابيع فقط . خرجوا منها ودخلوا في الثورة وهم الذين امضوا ثمان سنوات في السلطة . أسوأ سنوات نميري (راجع فسادهم من1977م وحتى 1985م) .عقب نجاح إنتفاضة1985م مارسوا تعطيل وتخزيل للثورة وتشويه للثوار عبر من زرعوهم في الاحزاب الكبيرة. أفرز ذلك سلطة إنتقالية بقيادات إخوانية مستترة. المجلس العسكري آنذاك نفذ أجندة الإخوان المسلمون وأفشل مطالب الثورة في المحاسبة ومحاكمة الفاسدين . قام الكتاب الإسلامويون – وهذا إسمهم بعد الثورة – قاموا بتشويه صورة الديمقراطية عن عمد وتحريض عسكرهم داخل الجيش ضد الثورة. النتيجة إنقلاب 1989م المشؤوم. لمدة ثلاثين سنة عجفاء سيقومون فيها بسرقة المال العام وممارسة ظلم فادح وفصل العاملين بالدولة وتشريدهم ومحاربة الشرفاء. سيحدث بطش وقمع وقتل وحروب ومعاداة المجتمع الدولي وفصل الجنوب. فصل الجنوب هو جزء من خطة فصل الأطراف . عقب توقيع إتفاقية نيفاشا دخلت قيادات الحركة الشعبية إلى دهاليز السلطة. كشفت الكثير من الفساد وطالبت بدولة مدنية. هذا ضد مخطط الإسلامويين. هم يريدون الإنفراد بالسلطة في الشمال والوسط. فصل الجنوب تم فعلياً قبل إجراء الإستفتاء . وهو أمر وجد هوىً في نفوس بعض قادة الحركة الشعبية. يتواصل المخطط الخطير بفصل دارفور والأطراف الجنوبية والغربية ليتبقى ما يعرف بمثلث حمدي. هدف المخطط هو الانفراد بحكم مطلق بدون مطالبات بالتحقيق في جرائم سابقة او لاحقة أو فضح للفاسدين. الإستيلاء على السطة واستغلال الموارد لتصب في جيوب أفراد التنظيم . المماطلة عقب إنتصار ثورة ديسمبر 2018م هدفها وأد الثورة بمكابح تشتت قوة دفعها. هم يراهنون على تفشيل الثورة بتأخير الوصول إلى إجماع . يقوم بشق الصف وتشكيك القوى السياسية في بعضها البعض . إتفاق القوى السياسية ينتج كتلة صلبة موحدة تصدر قرارات حاسمة وملزمة . وأهم قرار هو الاحتفاظ بالسودان كما هو وإفشال مخطط الكيزان لتقسيم السودان . لن يحدث ذلك إلا بوضع الجميع أمام مسؤوليتهم التاريخية . تنبيه الضعفاء والغافلين الذين يسمحون للإنتهازيين بالتفكير نيابة عنهم . هذا هو مخططهم منذ زمن بعيد . فقط أصبح أكثر وضوحاً لبعض الذين كانت في عيونهم غشاوة . للأسف البعض لا يزال يدافع عنهم رغم اعترافهم أنفسهم بفسادهم . تدمير العراق وسوريا واليمن وليبيا حدث بتدخل قوي أجنبية . لكن تقسيم السودان وتخريبه بدأ واستمر بعقوق وأنانية بعض ابنائه . إذا لم ينتبه الجميع لمخطط الإسلامويون الإنتهازي لتقسيم السودان ويقفوا ضده الآن ربما لن يجدوا فرصة أخرى . لكن ما هي أفضل طريقة لهزيمة الإسلامويين وتأسيس دولة مدنية كاملة الدسم؟ . هذا موضوع مقالنا القادم بعون الله.