رصد الجريدة: محمد آدم بركة منذ الساعة التاسعة من صباح أمس السبت 15 أبريل 2023م، اندلعت اشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع، ويقود جنرالات الحرب (البرهان و حميدتي) دفة المعركة بأنفسهم، بعد الملاسنات والتصريحات الأخيرة وانتشار قوات الدعم السريع بالعاصمة ومدينة مروي وبعض الولايات، الخطوة التي وصفها الجيش في بيان سابق له بأنها تمت دون تنسيق معه، وبعد اندلاع الاشتباكات، أمس، وصف الجيش قوات حميدتي ب(المتمردة) وأصدر قرارًا بحلها، بينما وصف حميدتي البرهان بالمجرم ورهن وقف الحرب بالسيطرة على قواعد الجيش واستسلام المجرم بحد وصفه. (1) أصدر البرهان قائد انقلاب 25 أكتوبر قرارًا بحل قوات الدعم الدعم السريع وإنهاء انتداب جميع الضباط وأفراد القوات المسلحة لدى الدعم السريع والحاقهم بوحداتهم المختصة، معلنًا في الوقت ذاته السيطرة التامة على مقار الدعم السريع، يأتي القرار في وقت تشير فيه الوقائع إلى أن البرهان لا يملك الحق بحل هذه القوات، بعد إلغائه تبعية الدعم السريع له بإلغاء المادة (5) في العام 2019م، مما أفقده الحق الدستوري قانونيًا، وفي تصريحات للمستشار القانوني لقوات الدعم السريع (محمد المختار النور) تناقلتها وكالات إعلامية، قال: قرار حل الدعم السريع باطل وغير إجرائي لأن القوات أُنشأت بقانون في العام 2017م، والفقه القانوني والتشريعي يُلزم العمل بالقانون الحديث والجيش لا يمكنه حل هذه القوات، متمسكًا بالتشديد على سيطرة قواتهم على عدد من المواقع العسكرية الهامة، رغم إعلان الجيش تكذيبهم عبر التصريحات ونشر الفيديوهات من داخل بعض المواقع، أبرزها سلاح المهندسين. وفي وقت متأخر من يوم أمس أعلن الجيش عن مسح شامل لتطهير مواقع تمركز قوات الدعم السريع بسلاح الطيران وحث المواطنين على البقاء بمنازلهم وإخلاء المنازل بالقرب من الإذاعة والتلفزيون بينما نشر الجيش مقاطع فيديو أشار فيها إلى سيطرة الجيش على هيئة الإذاعة والتلفاز. (2) عشرات الجرحى والقتلى راحوا ضحية الاشتباكات بالعاصمة والولايات، وتعمل الجهات المختصة على حصرها، بينما تحصلت الجريدة أمس على وجود (4) جرحى و (3) قتلى ببناية وسط الخرطوم منذ الصباح، قرب عمارة السلام وبرج الضرائب، حيث منعت الاشتباكات إجلاء القتلى والجرحى لعدم توفر أي معينات رغم قرب المشافي، إلى جانب شل الحركة وسط العاصمة، يأتي ذلك في وقت أعلن فيه الهلال الأحمر السوداني ومنظمات دولية أخرى، أعلنوا رغبتهم في إجلاء المصابين والقتلى من حي المطار والمناطق الأخرى، في حال توافرت لهم الظروف الآمنة للمرور. (3) ملاسنات وحرب إعلامية يقودها الجنرالين وقادة الجيش والقوات الأخرى في تصريحات متعددة حيث أعلن (حميدتي) سيطرة قواته على عدد من المقار والقواعد العسكرية من بينها: مطار الخرطوم، القصر، قاعدة مروي، هيئة الإذاعة والتلفاز، وبعض المدن والمواقع العسكرية، بعد إقدام الجيش على الهجوم بمقر الدعم السريع بأرض المعسكرات، بالمقابل كذبها البرهان وقادة الجيش بتصريحات مماثلة، معلنين الاستيلاء على مقار الدعم السريع وتشتيت قواتهم و وصفوها بالمتمردة، وقال البرهان بأن قوات الدعم السريع (تحرشت) بالجيش ليلًا قرب المدينة الرياضية جنوبي الخرطوم، ونشر الجيش مقاطع من داخل سلاح المهندسين لتمركز عناصر القوات المسلحة كرد وتكذيب لإعلان (حميدتي) سيطرته على السلاح بأم ردمان، وانتقلت الاشتباكات إلى شمال أم درمان بمنطقة الجرافة على المواقع العسكرية التابعة للجيش والدعم السريع وغيرها من المناطق في بحري وجنوب الخرطوم، واتهم الفريق أول ركن ياسر العطا عضو مجلس السيادة (حميدتي) بالتخطيط منذ وقت بعيد ليصبح الرجل الأول، مشيرًا لرصد قيادة القوات المسلحة تحركاته لذلك. (4) خسائر عديدة في الأرواح وممتلكات المواطنين لم تسفر معلومات دقيقة عن حجمها، بشكل قاطع حتى الساعات الأولى من الصباح، بينما بينت مصادر طبية أولية وقوع أكثر من (200) إصابة منها إصابات في ثلاثة مستشفيات في مدينة الخرطوم بحري بينها إصابات خطيرة وكشفت لجنة الأطباء المركزية عن (27) قتيلًا وسط المدنيين ولم تسفر أي معلومات عن قتلى وجرحى عسكريين، وأصبح الخوف من الاعتداء واقعًا ماثلًا يترقبه كل مواطنًا بمنزله، وتسود حالات من الهلع في أوساط المواطنيين، خاصة الذين يسكنون قرب المناطق العسكرية، وتفيد مصادر مطلعة ل(لجريدة) بمغادرة بعض الأسر لمساكنهم، الأمر الذي يرجح احتمالات الهجرة إلى الولايات، أو هجرة المساكن المقربة من ثكنات العسكر، بعد أن رشحت أنباء عن مسح جوي سيقوم به الجيش خلال الساعات القادمة. (5) وتشهد المستشفيات الخاصة وسط الخرطوم تكدسًا لجرحى قوات الدعم السريع يقدر عددهم بالعشرات، خاصة داخل مشفى فضيل ومستشفى الفيصل، حيث رصدت الجريدة في جولة لها في وقت متأخر من يوم أمس والساعات الأولى من صباح اليوم، وكشفت الجولة عن امتلاء الغرف الطبية بالمشافي المذكورة وممراتها بجرحى الدعم السريع وانشغال غرف العمليات الصغيرة والكبيرة بها، وتتراوح الإصابات بين المستقرة والخطرة مع رصد بعض القتلى بين قوات الدعم في وقت لم تكشف أي مصادر عسكرية عن عدد الجرحى والقتلى في أوساط العسكريين. (6) تحركات محلية ودولية وإقليمية كشفت عن مساعيها لحل الأزمة الراهنة في السودان، حيث أعلنت السعودية ومصر مساعيهما لذلك، عبر جلسة طارئة لجامعة الدول العربية اليوم الأحد لبحث الوضع في السودان، بينما أعرب المجتمع الدولي عن قلقله لما يحدث، وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن الوضع في العاصمة السودانية هش، لكنه لا تزال هناك فرصة لاستكمال الانتقال إلى حكومة يقودها المدنيون، محذرًا بعض اللاعبين بمحاولة عرقلة التقدم الذي تحقق باتجاه الحكومة المدنية، وطالبات منظمات دولية أطراف النزاع بضبط النفس، كما بينت مصادر عن عزم مجلس الأمن الدولي لعقد جلسة مشاورات مغلقة بشأن السودان غدًا الاثنين. (7) عقب الإفطار هدأت الأوضاع داخل المحيط الحاسم، (القصر، القيادة، المطار)، إلا من مناورات وأصوات دوي متفرقة نسمعها هنا وهناك، بين الحين والآخر حتى الساعات الأولى من صباح اليوم، وتمضي السيناريوهات المحتملة وفق تصريحات الجيش وخبراء عسكريين إلى أن الاشتباكات ستتحول إلى حرب مدن (الأحياء) بعد سيطرة الجيش على المواقع الحساسة واستلامه عددًا من مواقع الدعم السريع، وتدمير البرج الرئيس لقيادة القوات قرب القيادة بوسط العاصمة، منذ منتصف نهار أمس – وتابعت الجريدة عملية تدميره منذ البداية – وهروب قوات الدعم السريع بحسب تصريحات قادة الجيش.