مبارك الفاضل يهاجم مجدّدًا ويطالب قيادة الجيش بقبول"خطّة الحلّ"    الأمين العام لوزارة الدفاع يطمئن على ترتيبات عودة تشغيل مطار الخرطوم    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    شاهد.. الفنانة إيمان الشريف تفاجئ جمهورها وتطرح فيديو كليب أغنيتها الجديدة والترند "منعوني ديارك" بتوزيع موسيقي جديد ومدهش    مصر .. السماح لحاملى التأشيرة الخماسية بالإقامة 180 يوما بالمرة الواحدة    التغير المناخي تسبب في وفاة أكثر من 15 ألف شخص بأوروبا هذا الصيف    إبراهيم نصرالدين (درمي).. صخرة دفاع أهلي الكنوز وطمأنينة المدرجات    والي ولاية كسلا يشهد ختام دورة فقداء النادي الاهلي كسلا    بعثة نادي الزمالة (أم روابة) تغادر إلى نيروبي استعدادًا لمواجهة ديكيداها    تحالف خطير.. كييف تُسَلِّح الدعم السريع وتسير نحو الاعتراف بتأسيس!    الخارجية البريطانية: مستقبل السودان يقرره شعبه    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    الفرقة السادسة مشاة تنفذ عملية عسكرية ناجحة وتحرر مواقع استراتيجية فى الفاشر    شاهد بالفيديو.. في مشهد مؤثر.. خريج سوداني يجري نحو والده بحب كبير في ليلة تخرجه من الجامعة والأب يعانقه ويشاركه الرقص بطريقة جميلة وملفتة    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: دور المجتمع الدولي والإقليمي في وقف حرب السودان    توجيهات مشدّدة للقيادة العسكرية في الدبّة..ماذا هناك؟    شاهد بالصورة والفيديو.. فتاة سودانية تثير ضجة غير مسبوقة بتصريحات جريئة: (مفهومي للرجل الصقر هو الراجل البعمل لي مساج وبسعدني في السرير)    شاهد بالفيديو.. الفنانة توتة عذاب تشعل حفل غنائي بوصلة رقص مثيرة والجمهور: (بتحاولي تقلدي هدى عربي بس ما قادرة)    شاهد بالصورة والفيديو.. فتاة سودانية تثير ضجة غير مسبوقة بتصريحات جريئة: (مفهومي للرجل الصقر هو الراجل البعمل لي مساج وبسعدني في السرير)    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    ماذا لو اندفع الغزيون نحو سيناء؟.. مصر تكشف سيناريوهات التعامل    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ريال مدريد يواجه مرسيليا في بداية مشواره بدوري أبطال أوروبا    السودان يدعو المجتمع الدولي لدعم إعادة الإعمار    ما ترتيب محمد صلاح في قائمة هدافي دوري أبطال أوروبا عبر التاريخ؟    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    شاهد بالصور.. زواج فتاة "سودانية" من شاب "بنغالي" يشعل مواقع التواصل وإحدى المتابعات تكشف تفاصيل هامة عن العريس: (اخصائي مهن طبية ويملك جنسية إحدى الدول الأوروبية والعروس سليلة أعرق الأسر)    شاب سوداني يستشير: (والدي يريد الزواج من والدة زوجتي صاحبة ال 40 عام وأنا ما عاوز لخبطة في النسب يعني إبنه يكون أخوي وأخ زوجتي ماذا أفعل؟)    الهلال السوداني يتطلّع لتحقيق كأس سيكافا أمام سينغيدا    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    مصر تسجل مستوى دخل قياسيا في الدولار    وزير الداخلية يترأس إجتماع لجنة ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة ولاية الخرطوم    عودة السياحة النيلية بالخرطوم    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    وزارة الزراعة والثروة الحيوانية والري بالخرطوم تبحث إعادة إعمار وتطوير قطاع الألبان    شاهد بالصورة والفيديو.. عروس سودانية ترفض "رش" عريسها بالحليب رغم إقدامه على الخطوة وتعاتبه والجمهور يعلق: (يرشونا بالنووي نحنا)    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    حادث مأسوي بالإسكندرية.. غرق 6 فتيات وانقاذ 24 أخريات في شاطئ أبو تلات    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دلالات حريق الخرطوم ؟!! لماذا وصلنا الى هذا القاع السحيق؟!
من هو المسؤول الحقيقي عن حريق الخرطوم ؟
نشر في الراكوبة يوم 01 - 06 - 2023

(1) من المؤسف حقًا خروج (السودان الجديد) من تحت رماد الأرض المحروقة/ ولاية الخرطوم !! وموضع الاسف هو ان قادة الفكر السياسي.. وعلماء الامة السودانية وبلماها ، قد عجزنا ان نختار بارادتنا ووعينا الدستور العلماني الذي يعالج التنوع السوداني.. وبقينا في نطاق الدولة الدينية (الداعشية) الاقصائية التي لا تملك الا ان تقود الى الحرب والدمار!! ولابد من دولة (المواطنة السودانوية وان طال السفر ) .
2) المسؤولون الحقيقيون عن حريق الخرطوم هم قادة الفكر السياسي السوداني في المركز وهم:
** الصادق المهدي / حزب الامة ،
* الحركة الاسلامية (الإخوانية) بقيادة د حسن الترابي
** الأستاذ محمود محمد طه/ الاخوان الجمهوريون
لماذا ؟
لأنهم فشلوا في بناءً (الدولة العلمانية/ دولة المواطنة) وبدلًا من ذلك اقاموا دولة العقيدة الاسلاموية ، وجعلوا من الجيش السوداني(مليشيا جهوية عنصرية) لتكريس استعمار ابناء شمال السودان لبقية أقاليم السودان وممارسة سياسة فرق تسد ، واستخدام الجيش لابادة كل من يقاوم هذا الاستعمار ! وبحول الله سوف اقدم الادلة على مسؤولية هذه الجهات الثلاثة في متن المقال.
(3) الجيش السوداني هو علة العلل في الدولة السودانية!! لماذا ؟!
** لانه مليشيا مثله ومثل الدعم السريع ، انه جيش شمال السودان وحده ودون غيره من أقاليم السودان ،75٪؜ الضباط من أبناء المنطقة من الجيلي الي حلفا .
** فشل هذا الجيش/المليشا في حماية حدود الوطن السوداني ، وجعل مهمته الاساسية منذ عام 1955 هي إبادة شعوب الهامش السوداني تباعًا في الجنوب ثم جبال النوبة ، النيل الازرق ، ودارفور ، وأخيرا (ولاية الخرطوم) ، مكرسا بذلك إستعمار الاقلية من ابناء شمال السودان لبقية اقاليم السودان.
من السخف ان يجد السودانيين انفسهم بعد 15 ابريل 2023 بين خيارين: اما تأييد البرهان وجيشه العنصري (الذي سيطلق عليه اهل الخرطوم صفة النازية) لانه مارس الإبادة الجماعية في كل الهامش السوداني وأخيرا في ولاية الخرطوم.. والخيار الثاني هو تاييد الدعم السريع وهو من صناعة اهل المركز .. صنعوه بديلا للجيش الفاشل في الدفاع عن دولة الجلابة الكيزانية.. وتجدر الإشارة الى ان الدعم السريع يتمتع بدرجة متساوية مع جيش البرهان الكيزاني من حيث الشرعية الدستورية والقانونية !!
(1) خراب / حريق الخرطوم- اي المركز –
** ما يجري في ولاية الخرطوم من دمار شامل هو شيءٍ طبيعي ومفهوم لكل من له فطرة سليمة.. ماذا ينتظر اهل الخرطوم من ردة فعل اذا كانت طائرات سلاح الجو تخرج من قاعدة وادي سيدنا الجوية باستمرار لمدة 7 عقود متتالية.. وهي محملة بالقنابل والمتفجرات .. وتقوم بتفريغها على رؤوس المهمشين في الجنوب وجبال النوبة والانقسنا ودارفور ؟ القانون الطبيعي الذي وضعه المول يجل وعلي هو ان (لكل فعل رد فعل .. مساوي له في القوة ومضاد له في الاتجاه) .. لقد علم المهمشون وعلي راسهم الشهيد د خليل ابراهيم محمد ان (الحية تضرب على راسها) .. لذلك باشر د خليل بنفسه وتحت قيادته شخصيًا (مهمة نقل المعركة للخرطوم) وذلكفي 10 مايو 2008 .. وقد سكتت حركة العدل والمساواة السودانية عن احتفالات احياء هذه المناسبة العظيمة هذا العام 2023انسجامًا مع موقف الجبهة الثورية الحيادي في معركة كسر العظام بين الجيش والدعم السريع الجارية في العاصمة المثلثة هذه الايام.
** لقد تمادت النخبة النيلية في نقضها للعهود (المصطلح لدكتور منصور خالد) مع المهمشين بشكل متوالي منذ 1955 حتي قيام ثورة ديسمبر 2018 .. وذلك بعدم وفائها بوعد الفيدرالية للجنوبيين قبيل الاستقلال ، ثم نقض النميري غزله المضمن في إتفاقية اديس ابابا 1972 .. وماطل الإمام الصادق في اجازة إتفاقية الميرغني/غرنق حتي نفذت الجبهة الاسلامية انقلابها المشؤوم في يونيو 1989 .. وفي نيفاشا 2005 رفضت المؤتمر الوطني القبول (بعلمانية الدولة.. والتي لا تعني (علمانية المجتمع السوداني اوعلمانية الفرد السوداني) ، وانما تعني فقط وقوف الدولة على مسافة واحدة من جميع الاديان.. وبذلك قام المؤتمر الوطني الكيزاني بطرد الجنوبيين وتقسيم السودان!! شاهدنا من كل ما تقدم ان احزاب النخبة النيلية في الخرطوم قد ظلت خلال 7 عقود من الزمان تمارس الاستهبال السياسي ضد شعوب الهامش السوداني في الجنوب الذي ذهب ، وجبال النوبة والنيل الازرق ودارفور حتي جاءت الطامة الكبرى للخرطوم بما كسبت ايدي الساسة الفاشلين الذين فشلوا في العبور بالدولة السودانية من (مرحلة القبلية الى الدولة) ومن دولة العقيدة الاسلاموية الي دولة المواطنة السودانية القائمة على دستور علماني يقف على مسافة واحدة من جميع الاديان ولا يسمح للدولة السودانية ان تجاهد مواطنيها من خلال حروب دينية وتجعل بعض مواطنيها اهل ذمة !
(2) ماذا ننتظر من دولة الساسة الاقزام وتلاميذهم من المقلدين (القرود ) سوي حريق الخرطوم والسقوط الى القاع ؟!
من التحليل المسطح تحميل مسؤولية حريق الخرطوم الجاري منذ 15/ ابريل 2023 الي اليوم للفاقد التربوي من السياسيين والعسكريين.. لاسيما (البرهان/حميدتي) .. وذلك لان (سردية حريق ولاية الخرطوم) لم تبدآ بالخلاف لدرجة الحرب بين البرهان وحميدتي.. لا .. لا .. فملف الزحف نحو الخرطوم موضوع تراكمي يتحمل منه البرهان و حميدتي 10٪؜ فقط .. والباقي يتحمله : (الساسة الأقزام منذ جيل الاستقلال ، ثم يتحمله خلفهم وتلاميذهم من المقلدين/ القرود) ! مصيبة البرهان وحميدتي انهما اليد المباشرة التي قتلت الرجال واغتصبت النساء في الهامش السوداني ودارفور على وجه الخصوص.. فوقعت عليهما دعوة مظلوم: (اللهم أهلك الظالمين بالظالمين) .. فتجلي عليهما رب العزة باسمائه (الجبار المنتقم)! سيتحمل البرهان وحميدتي المسؤولية الجنائية لهذه المحرقة وكافة الجرائم التي ارتكبوها في دارفور لأنها جرائم حرب وضد الانسانية ولا تسقط بالتقادم. انهما -البرهان وحميدتي- مجرد الاعراض القذرة للمرض.. الاسهال والقحة .. اما المرض المزمن الحقيقي فانه يكمن في الامعاء الغليظة للمجتمع السوداني.. في قادة الفكر السياسي والاحزاب السياسية الطائفية والعقائدية!!
(3) الخلل الأساسي في الفكر السياسي لأحزاب المركز هو عجزها عن انتاج فكر سياسي قادر علي ادارة التنوع السوداني (التنوع الديني والثقافي واللغوي.. الخ :
مقولة (الشعب السوداني عملاق يتقدمه أقزام) اطلقها المفكر الجمهوري الشهيد محمود محمد طه ، وقد اطلقها صاحبها على غيرهمن قادة الأحزاب السياسية ، دون ان يدري ان هذه المقولة تشمله هو شخصيًا كذلك وبكل اسف! إشكالية احزاب المركز (باستثناء الحزب الشيوعى) .. وأعني تحديدا (حزب الامة ، الحزب الاتحادي الديموقراطي ، الحركة الاسلامية بقيادة د حسن الترابي ،والأستاذ محمود محمد طه) .. هذه الأحزاب وقادتها يدورون في اطار (الدولة الدينية الاسلاموية ) .. وقد عجزوا تمامًا عن انتاج فكر سياسي له القدرة على إدارة (التنوع السوداني) .. كلهم يفكرون في اطار (مرجعية دولة المدينة المنورة) .. وقد عجزوا تمامآ عن طرح فكرة (السودانوية) .. تخيفهم لدرجةٍ الموت عبارة :(الدولة العلمانية ) .. وقد وقعوا جميعا في فخ الشعبوية الاسلاموية الكيزانية التي تماهي بين العلمانية والكفر والإلحاد.. مع ان العلمانية تعني فقط وقوف (ألدولة السودانية- وهي شخصية اعتبارية لا تصلي ولاتصوم ولا تمارس اي شعائر- ) – تعني وقوف الدولة على مسافة واحدة من جميع الاديان..لانك اذا قلت: (الإسلام هو دين الدولة )،فانك بالضرورة تجعل المسيحيين (اهل ذمة ) .. أكثر من ذلك فانك تمنح الدولة الاسلاموية حق (الجهاد) ضد غير المسلمين.. وهو ماجرى عمليا منذ عام 1958 ، فقد مارس نظام عبود سياسة الاسلمة والتعريب والتدخل في شؤون الكنيسة. لقد عجزت أحزاب المركزعن إدراك المقولة التي اطلقها الدكتور جون غرانق (الإسلام لا يوحدنا ، المسيحية لا توحدنا ، العروبة لا توحدنا ، الافريكانية لاتوحدنا .. دعونا نكون (سودانيين) .. السودانوية هي التي توحدنا). هذا.. وسوف اتناول مسؤولية الاحزاب وقادتها بايجاز ارجو انلا يكون مخلا ، وذلك علي النحو التالي:
(أولآ) أحزاب الجبهة الوطنية (الامة /الاتحادي الديموقراطي/ الأخوان المسلمون):
** الإمام الصادق المهدي وحزب الامة:
علة العلل في حزب الامة تكمن في (السيد الصادق المهدي شخصيًا) .. فقد جثم علي صدر الحزب لنصف قرن من الزمان ، وقدجمع بين (إمامة الأنصار ورئاسة الحزب) .. وقد وقف سدا منيعا ضد تحول الحزب الي كيان وطني ، يهدف لتأسيس دولة المواطنة السودانوية ، بل بكل اسف لقد وظف نفسه وجماهير الأنصار لخدمة الحركة الاسلامية بقيادة د حسن الترابي ، فقد شارك السيد الصادق وحزب الامة في العمل الشعبوي الغوغائي ضد الحزب الشيوعى بسبب قصة الطالب شوقي بمعهد المعلمين العالي في عهد ثورة أكتوبر ، بتهمة الإساءة للسيدة عائشة رضي الله عنها ، وهي التهمة التي قادت الى حل الحزب الشيوعى لاحقًا وطرد نوابه من البرلمان ، والمستفيد المباشر من اضعاف الشيوعيين في ذلك الوقت كان حسن الترابي والحركة الاسلامية.. وأكبر جريمة سياسية ارتكبها السيد الصادق هي رفضه وتعطيله لإتفاق الميرغني/غرنق 1988 مما هيأ الأجواء لانقلاب الجبهة الاسلامية في يونيو 1989 . فقد كان السيد الصادق علي علم بانقلاب الإنقاذ (اخبره د الترابي عن طريق احمد سليمان المحامي) ولم يتحرك لحماية الديمقراطية.. كان السيد الصادق معارضًا مزيفًا لنظام الإنقاذ حتي قيام ثورة ديسمبر ، كان هدفه فقط (إضعاف النظام وليس إسقاطه ) .. لانه كان يطمح في (وراثه الإنقاذ عن طريق ابنه عبدالرحمن مساعد المخلوع عمر البشير. . كان السيد الصادق المهديهو العقل المفكر الوحيد في حزب الامة والبقية (درق سيده ).. حزب (الإمام الأوحد ) والبقية (مقلدون -قرود ) .
الحزب الاتحادي الديموقراطي:
هذا الحزب طائفي ، نواب الحزب الذين ياتون الى البرلمان يستمدون قوتهم في الفوز من زعيم الطائفة الميرغنية.. يقولون:(مرشح السيد فائز ) . بدآ الحزب مشواره في حكم الدولة السودانية بشعار بائس لزعيمه إسماعيل الأزهري (تحرير لا تعمير) .. وهو شعار يدل على ان الرعيل الاول من قادة الحزب وعلي راسهم الأزهري لم تكن لديهم (رؤية لتعمير هذه الدولة السودانية الغنية بالموارد البشرية والطبيعية! قادة هذا الحزب مجرد طلاب سلطة ، لم يؤلف واحد منهم كتابا ضمنه رؤيته حول التحول الديموقراطي ، وحول التنمية المستدامة.. للسيد محمد عثمان الميرغني وحزبه حسنة ترجح بكل سيئاته وهي توقيعه على (اتفاق الميرغني/غرنق عام 1988) والذي نص على (تجميد قوانين سبتمبر 1983) .. هذا الإتفاق كان ممكن يغير مجرى التاريخ السوداني ويزيل شبح الدولة الدينية ويحقق السلام ويحول دون انفصال الجنوب ، ولكن السيد الصادق وحزب الامة اجهضوا هذا الإتفاق ومهدوا لانقلاب الجبهة الاسلامية.
الحركة الاسلامية السودانية وزعيمها د حسن الترابي:
الخلل الاساسي في الحركة الاسلامية انها مؤسسة (الشيخ الواحد – هو شيخ حسن الترابي) ، هو المفكر وبقية كوادر الحركة شيمتهم الحماسة والهتاف وليس الفكر . لم تخرج الحركة عن رؤية وفقه دولة المدينة المنورة .. فشلت الحركة الاسلامية السودانية في انتاج (فقه دولة) له القدرة علي ادارة التنوع السوداني بكل أشكاله لاسيما الديني .. وبدلًا من ذلك اقامت (الجهاد-الحرب الدينية) ضد المسيحيين وغير المسلمين وحولتهم الى (اهل ذمة ) وبالتالي الي (مواطنين من الدرجة الثانية) .. مما جعل الجنوبيين يصوتون بنسبة 99٪؜ للانفصال.
اتسمت كوادر الحركة الاسلامية (بالأنيميا الفكرية) .. انها حركة المفكر الواحد/ الشيخ الواحد.. والبقية مقلدون /قرود بكل اسف! يقلدون شيخ حسن الترابي حتي في نبرات صوته .. وكذلك يقلد تلاميذ الامام الصادق امامهم ، وكذلك يقلد الجمهوريون مرشدهم الأستاذ محمود ، وقد سخر السيد عادل ابراهيم حمد رئيس المجلس الاربعيني لاتحاد التمثيل في جامعة الخرطوم آنذاك ، سخر منهذا التقليد لدرجةٍ التقمص.. والذي يدل علي (فناء المريد في مرشده لدرجة الغاء شخصيته) .. مما يجعله دمية في يد المرشد .. وبالتالي لا يملك القدرة على نقد وتقويم المؤسسة .
الحركة الاسلامية هو (سوء الخاتمة لدولة النخبة النيلية) القائمة على الجهوية (الشمالية) واقصاء الجنوب والغرب – دارفور وكردفان.. وبالرغم من ان الحركة الاسلامية تكتظ (بالمتعلمين- لاسيما خريجي كليات الهندسة والطب والزراعة) الا انها فشلت تمامًا الانتقال بالدولة السودانية من دولة العقيدة الاسلاموية الى مرحلة دولة المواطنة وتسببت في فصل جنوب السودان ، اكثر من ذلك فشلت الحركة الاسلامية في التعايش بين الجلابة وأبناء المهمشين في دارفور وكردفان والجنوب ، فقد انقسمت الحركة الاسلامية (بعد خروج البترول) علي أساس جهوي عرقي عنصري بين ابناء العقيدة الواحدة.. فرقتهم عائدات البترول التي لم تدخل الخزينة العامة!! شاهدنا ان الحركة الاسلامية قد مارست الفساد وأكل المال العام بطريقة غير مسبوقة في تاريخ السودان حتي هتف الشعب الثائر(ضد الحرامية) وفي خلال 30 عاما فقدت الحركة (مشروعها الأخلاقي) !! وهذه دلالة قاطعة على ان (دولة الجلابة قد وصلت الى نهايتها الطبيعية) .. انما الامم الأخلاق.. واذا ذهبت أخلاقهم ذهبوا.. باي باي دولة الجلابة.
الأستاذ محمود محمد طه والإخوان الجمهوريون:
يتحدث الأستاذ محمود كثيرًا في نقد طائفة الأنصار والحركة الاسلامية وزعيمها د الترابي ، وحركة أنصار السنة المحمدية ، ولكن الأستاذ محمود لا يختلف عن الاسلام السياسي الاخواني في شيء ، فالفرق بين الرسالة الأولى والثانية (شأن داخلي يخص المسلمين) ، فشعار الفكرة الجمهورية لتوحيد السودانيين هو : (بتقليد محمد تتوحد الامة ويتجدد دينها) .. انه يدعو الى (اسلام جديد) وليس الي (سودان جديد) . دستور دولة الأستاذ محمود مستمد من (القران وحده) باعترافه ، والأستاذ محمود يعادي (العلمانية) بشكلٍ واضح .
باختصار.. لقد كانت الجامعات السودانية ولاسيما جامعة الخرطوم كلها مسرحا خصبا للجمهوريين (وقد كنت واحدا منهم ) وذلكمن خلال اركان النقاش التي أسسها (دالي والقراي) .. وبكل اسف عجز الجمهوريون عن طرح فكر يعالج (التنوع السوداني الديني والعرقي واللغوي..الخ .. ويقر بدولة (مرجعية المواطنة المتساوية) التي تقوم على دستور علماني يقف على مسافة واحدة من جميع الاديان.. وبدلا من ذلك طرح الجمهوريون دستورا اسلاميا إقصائيا (مستمد من القرآن وحده) .. مع طرح قضايا انصرافية لا صلة لها بمعاش المواطن وماكله ومشربه مثل (الرسالة الثانية ) و (صلاة الاصالة ) .. كما صرف الجمهوريون زمنا ثمينا في تبرير تاييدهم (لثورة مايو) .
تجدر الاشارة الى ان الجمهوريين قد طرحوا (الحكم الفيدرالي)منذ عام 1955 ، ولكن النظام الفيدرالي اذا لم يكن في (اطار دولة ليبرالية.. علمانية تقف على مسافة واحدة من جميع الاديان ) فان الفيدرالية سوف تذوب في الدولة الدينيه الجهادية ، ولن يتحقق السلام في الدولة الدينيه الاسلاموية.
من تحت رماد حريق الخرطوم سيخرج الوعي والف (جان بول سارتر ) :
(أ) منذ توقيع سلام جوبا ، وحضور قيادات حركات المقاومة المسلحة الي الخرطوم ، إضافةً لهيمنة قوات الدعم السريع على العاصمة المثلثة ، ادرك سكان العاصمة المثلثة واهل شمال السودان عمومًا (سكان المنطقة من الجيلي الي حلفا) ، أدركوا انهم في خطر حقيقي ، وذلك باحساس (كاد المريب ان يقول خذوني ) .. ادركوا ان المهمشين قادمون للمشاركة في السلطة والثروة (من موقف القوى) المسنود في المركز هذه المرة من قبل قوات الدعم السريع.. لذلك بادر الشطار من اهل الخرطوم والشمال الي بيع عقاراتهم في الخرطوم (وهي بيوت من اين لك هذا ؟ تم تشييدها بأموال الدولة المنهوبة.. وفروا لغسل هذه الاموال ، وذلك عن طريق شراء عقاراتفي مصر وتركيًا.
(ب) لقد فقدت (دولة الجلابة) كل مقومات بقائها:
** لقد فقدت دولة الجلابة الجيش اداة القمع والاستعمار منذ 1955 وذلك حين فشل الجيش في التصدي لحركات المقاومة (الجبهة الثورية ) .. فسعت حكومة الإنقاذ الى حتفها بظلفها حين اعتمدت على الدعم السريع – وبذلك خلقت جيشا بديلًا موازيًا (للجيش الفاشل) .. فكانت النهاية المنطقية في حرب 15/ابريل 2023 – حرب حريق ودمار الخرطوم!!
** فقدت دولة الجلابة اخر كرت (هتاف الإسلام هو الحل) .. وتبين لشعوب السودان ان الإسلام السياسي (حرامية) كما سبق البيان وبذلك فقدت دولة الجلابة مشروعها الاخلاقي (ضد الحرامية – الهتاف المضاد لهتاف الإسلام هو الحل) .
(ج) سيشكل حريق الخرطوم نقطة تحول في تاريخ السودان.. وفي الفكر السياسي السوداني ، فاذا كان (الإسلام السياسي) الكيزاني هو الذي جلب حريق الخرطوم ، فان الشعب سيتحول الى نقيضه ، الي (الدولة العلمانية) .. والتي تعني (وقوف الدولة على مسافة واحدة من جميع الاديان) .. وتعني قدرة الدولة على ادارة كافة اشكال التنوع السوداني.. باختصار سيكتشف السودانيون ان العلمانية هي مسالة حياة او دمار السودان وتفتيته الي 60 حتة .
وسوف يبقي الإسلام النقي طاهرًا بعيدا من دنس السياسة ، وقد اثبتت تجربة الجبهة الاسلامية في السلطة صحة المقولة : (اذا مزجت الدين بالساسة فسد الاثنان.. الدين والسياسة) . سيبقي الإسلام الصوفي النقي المجرب .. ومؤسساته (من مساجد وزوايا وخلاوي حفظ القرآن وتجويده) قائمة .. وتجد التمويل والدعم من الجمهور الذي يثق في هذه المؤسسات ويجد فيها الصدق والإخلاص لدين الله والبركة .. بل ان فشل ودنس الإسلام السياسي التجاري سيزيد الجمهور ثقة في اسلامه الصوفي النقي .
(د) سيتنج الشعب السوداني فكره لخلاصه.. وهذا ليس حلم يقظة .. فالتاريخ يعلمنا ان حروب الدمار تنتج الأفكار العظيمة.. احل مبان حريق الخرطوم سينج جيلًا جديدا.. هو جيل صبة القيادة العامة ابريل 2019 .. سوف ينتج هذا الجيل الف جان بول سارتر(كرمز للعقلانية) والخروج من عباءة الدولة الدينية ، وسوف يزدهر الادب والمسرح ، ستعود الطيور المهاجرة السودانية في كل انحاءألعالم لتعيد اعمار السودان معماريا واخلاقيا وصناعيا وتجاريا وزراعيًا.
ابوبكر القاضي
كاردف/ويلز/UK
30 مايو 2023
أبوبكر القاضي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.