يبدو أن مقولة (جاء يكحلها ، عماها) تنتبق بشدة على الدعم السريع ، ففي بداية هذه الحرب اللعينة أطلق (حميدتي) شعار أنه يقاتل من أجل شعارات الثورة ، ولمنع الكيزان من الانقلاب عليها ، ولكن واقع الحال مع تقدم الحرب ، اكتشفنا سريعا ويوما بعد يوم أنه كان يبيعنا الوهم ، وأن من صدقوه كذبته أفعاله على الأرض . فمن يريد تحقيق المدنية ورفع سعارات الديمقراطية لا يدمر مؤسسات الدولة ، من بنوك ومتاجر ومصالح حكومية بما فيها من سجلات ومعلومات أساسية لأي حكم سيأتي . فالسجل المدني ، ومتحف السودان القومي -على سبيل المثال وليس الحصر- ليس ملكا للكيزان وتدمير البنوك ونهب ما فيها ، هل هذا من الديمقراطية التي وعدنا بها . ثم ترويع الناس وسلبهم ديارهم وممتلكاتهم ، هل هي من مقتضيات عودة المدنية ؟. ثم لمن تريد هذه المدنية والديمقراطية ؟ هل تريدها لمن اخرجه جنودك من بيته منكسرا ذليلا ؟ . هل تركت للناس ما يمكنهم من الثقة بك وبما تقول . ولم تسلم من يدك العابثة حتى دور الاحزاب فاستوليتم عليها وعبثتم بما فيها ؟ فأي ديمقراطية تلك التي ستأتي بها ومع من ؟ مع هذه الاحزاب التي طالت يد عبثكم دورها وانتم بعيدون عن السلطة فكيف اذا انتصرتم ؟ . لقد خدمتم الخط المناوئ للمدنية وللديمقراطية أفضل خدمة ! . ولو أنفق الكيزان المليارات لتشويه صورة الدعم السريع ما استطاعوا أن ينالوا منكم ربع ما شوهتم به من صورتكم . الشعب كان كارها للكيزان ولأفعالهم ، وكان مستعدا لدحرهم سلميا كما فعل مع البشير واعوانه ، ولم يكن يريد حربا منكم لمساعدته في نضاله ضد المتأسلمين ، ورفع الناس شعار السلمية من بداية الثورة وواجهوا الموت بالصمود ، وأجبروا العالم على دعمهم والوقوف إلى جانبهم . وفي كل المراحل من بداية الثورة ، كان واضحا أن خط الدعم السريع يعمل في اتجاهين ، ضرب الكيزان والثوار معا ، فمواقف حميدتي المتناقضة لم يفلح الرجل إطلاقا في اخفائها . لم يكن يثق في البرهان ومجلسه الأمني ، وكان يعمل منفردا أغلب الاحيان ، ومن جانب آخر يتعاون معهم لضرب الثوار – فض الاعتصام – ظنا منه ان العقبتين في طريق حكم البلد من قبله هما الكيزان بمن فيهم قيادة الجيش والثوار . وحاول ان يجد حاضنة سياسية مدنية في رشوة واستمالة الادارات الاهلية التي كانت في حكم الميتة فحاول نفخ الروح فيها ، وهي الاقرب إليه جهالة ومصلحة ، ولكنه فشل ، وحمل على الخرطوم ونخبها وأهلها أنهم لن يقبلوا به حاكما عليهم وان سخريتهم من جهله حفرت عميقا في نفسه ، وها هو ينتقم من الجميع بلا استثناء . ينتقم من الدولة بتدمير مؤسساتها ، وينتقم من مؤسساتها التعليمية ، ومن خدمات المواطنين فيحتل المستشفيات ومحطات المياه والتلفونات ويحرم فرق الطواري والطواقم الطبية من العمل . هذا ليس كلاما فقط القصد منه تشويه صورة الدعم السريع او خدمة مجانية للكيزان ، فقد قدم الدعم السريع هذه الخدمة ، وبالمجان عبر كافة الوسائط الإعلامية ، ليشاهد الناس أفعالهم المخزية وليعرف الناس مقدار ما هم فيه من مصيبة ، لعل المغيبون يفيقون . ليس كل من عرى وفضح أفعال الدعم السريع كوزا أو متعاطفا معهم ، ولكنها الحقيقة فالأشراف فقط والاحرار هم من يرون الباطل باطلا ويكشفونه ، دعك من أفعال الكيزان ودعك من طرح أسئلة ليس هذا وقتها فالكل يعلم من أنشأ الدعم السريع ومن حوله من جنجويد وقطاع طرق لقوة حربية مقاتلة ، ومن مكنه من مفاصل الدولة الهامة كالقصر الجمهوري والقيادة العامة والاذاعة والتلفزيون وحراسة المطارات ، كل هذا التجاوزات الخطيرة نعلم انها بدأت من المخلوع واتمها البرهان لنفس الاسباب ، كل ذلك معلوم وموثق وستأتي لحظة المحاسبة ، ولكنها ليست الآن ، فالوضع يفرض أن نتكاتف جميعا لدحر هذه المليشيات المتفلته ، وايقافهم عند حدهم وكسر شوكتهم ، ومن ثم عودة الحياة لطبيعتها ، عندها لكل حادث حديث . حاشية : بعض الصحف للاسف ترفض نشر مقالاتي ان لم توافق هواهم ، وهي صحف تكتب دائما انها مع الرأى والرأى الآخر هكذا عزيزي القارئ أن كلمة ديمقراطية تعني عند البعض انك معنا وان خالفتنا فانت ضدنا . هل نترك مثل الدعم السريع لنتفرغ لمحاربة بعضنا البعض . يدو أن المدنية والديمقراطية بعيدة المنال ، (وَفِيْٓ اَنْفُسِكُمْ اَفَلَا تُبْصِرُوْنَ).