اليوم الخميس 15/ يونيو الجاري جاءت ذكرى مرور شهرين علي بدء القتال الذي نشب بين القوات المسلحة وقوات "الدعم السريع" في يوم السبت 15 / ابريل الماضي، في هذا المقال لن اتطرق لا من بعيد او قريب الي موضوع المعارك علي اعتبار ان كل تفاصيلها قد اصبحت معروفة عند الجميع، ولكن هناك شيء يتعلق بالمعارك مازال غامضا ومبهم يزداد كل يوم أكثر غموضا وتعتيم وهو موضوع مدى صحة صدق البيانات العسكرية الكثيرة التي صدرت من الجانبين المتقاتلين، وهل هي حقا بيانات عسكرية لا زيف فيها ولا اخفاء حقائق او دس معلومات؟!!، وان كل ما جاء فيها من معلومات وأرقام حقيقية صادقة جاءت من قلب مواقع المعارك؟!! 1- تعودنا منذ ان نال السودان استقلاله وتم سودنة "قوة دفاع السودان" وتحول اسمها الى الجيش السوداني، الذي شارك في حرب داخلية طوال سنوات عديدة بالجنوب ودارفور وكردفان وجبال النوبة، ان لا نصدق البيانات العسكرية التي صدرت منذ زمن الرئيس/ عبود لما كان فيها من معلومات كاذبة عن المعارك ضد حركة "الانيانيا 1″، وإخفاء عدد الجنوبيين الذين قتلوا في المجازر. 2- تعودنا ان لا نصدق البيانات العسكرية التي صدرت في زمن حكم الرئيس / النميري، الذي حارب طويلا قوات العميد/ جون قرنق، كل البيانات التي صدرت وقتها أخفت حقيقة الوضع المزري الذي تعرضت لها القوات المسلحة في ادغال واحراش الجنوب، واخفت البيانات حجم الخسائر في الارواح والمعدات وكيف ان المستشفى العسكري وقتها كشف عن استقباله يوميا ما بين مائة الي مائة وخمسين ما بين قتيل وجريح. 3- (أ)- أما عن مهازل ما جري في زمن حكم الرئيس المخلوع، وعن البيانات العسكرية الكاذبة والمضللة وقتها، أعود بالذاكرة الي حدث له علاقة بالمقال وبيانات الاكاذيب، ففي الوقت الذي اعلنت فيه الاممالمتحدة عن عدد ضحايا العنف والاغتيالات قد فاق ال(350) ألف قتيل، سارع البشير بتاكيد ان عدد القتلى لا يتجاوز ال(9) الف في دارفور!! (ب)- البشير: عدد قتلى دارفور لا يتجاوز 9 آلاف… http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/middle_east_news/newsid_6176000/6176856.stm (ج)- بعد سقوط النظام السابق في ابريل 2019، خرجت الارقام الحقيقة عن عدد الضحايا الذين لقوا حتفهم بايدي القوات المسلحة في كل ارجاء البلاد خلال الثلاثين عام من حكم الانقاذ قد فاق ال(900) ألف قتيل، ولا يدخل في هذا العدد ضحايا زمن الجنرال البرهان. في زمن حكم البشير سخر الشعب كثيرا من البيانات العسكرية التي صدرت بعد وقوع صدامات عسكرية، فعلي سبيل المثال لا الحصر، عندما قصفت الطائرات الاسرائيلية مصنع اليرموك للاسلحة عام 2012، قام الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة وقتها العقيد الصوارمي خالد باصدار بيان عسكري جاء فيه ان مصنع "اليرموك" تعرض لحريق تم اخماده ولم يتطرق لحادث القصف، ولكن عندما اعلنت الحكومة الاسرائيلية انها وراء عملية القصف سارعت بعدها القيادة العسكرية في الخرطوم التنديد بالقصف!! مئات البيانات العسكرية التي صدرت من القوات المسلحة في زمن حكم البشير كانت كلها خالية من الحقائق خاصة التي تعلقت بمجازر دارفور القصف علي قري جبال النوبة، وفي كل مرة كانت الأممالمتحدة التي عندها الحقائق تسارع بنشرها علي الملأ، وايضا الحقائق التي نشرتها المنظمات الانسانية ومنظمات حقوق الانسان هي التي عجلت بكشف جرائم البشير وعبد الرحيم حسين وعلي كوشيب واحمد هارون، وفيما بعد توجيه التهم اليهم من قبل محكمة الجنايات الدولية. إذا ما جئنا للبيانات العسكرية التي صدرت من القوات المسلحة والدعم السريع بعد أحداث السبت 15/ أبريل 2023، نجد أنها قد خلت من الحقائق والمعلومات الهامة!! ، لجأ كل طرف مقاتل الي التعتيم في بياناته وعدم ذكر حجم الخسائر في الأرواح والمعدات، كل البيانات بلا استثناء كانت قصيرة ومبهمة، بل ان بعضها تكرر أكثر من مرة في مرات متباعدة بدون تعديل او تغيير!!، لهذه الاسباب وجدت القوات المسلحة نفسها في محل سخط عارم من المواطنين الذي لم يقتنعوا بصحة ما جاء في هذه البيانات لانهم عايشوا الاحداث والمعارك التي جرت علي ارض الواقع تماما مثل الضباط والجنود. 1- صحيفة "الراكوبة" نشرت في يوم الاربعاء 14/ يونيو الجاري خبر جاء تحت عنوان "انتشار واسع للقوات المسلحة بأحياء العاصمة، وعناصر من الدعم تسلم نفسها" ومفاده، ان العميد طبيب/ طارق الهادي كجاب قال بأن الجيش حقق انتصارات كبيرة في شرق النيل وكبد الدعم السريع خسائر فادحة."- انتهي. 2- وما ان نشر الخبر ب"الراكوبة" الا وانهالت التعليقات الشعبية الساخرة والغاضبة علي طارق الهادي، وشككوا في صحة المعلومة التي أدلى بها ، ويعود سبب الغضب الي عدم قبول المواطنين الي بيانات طارق التي خلت من قبل ذكر الحقائق ، وقال احد المعلقين علي الخبر: "ما كان في داعي تذكر إسم طارق الهادي لأنه علي طول بتكون نسفت مصداقية الخبر"..وكتب اخر:"غايتو من يجي العميد طارق مكنات حفيد النبي بلايف او وسط خبر بطني بتطم وبعرف انو الجيش وشو يلعن قفاهو،، يا زووول العاصمة الليله نضفاناها عدمناها". في يوم الخميس 15/ يونيو الجاري تكمل المعارك شهرها الثاني، وخلال ال(60) يوم الماضية ما لمسنا الصدق في بيانات الطرفين، شاهدنا اشرطة الفيديو، وتابعنا اخبار المعارك من المحطات الفضائية، وطالعنا مئات المقالات عن سير المعارك والكر والفر من الجانبين، ولكنها كلها خلت من نشر ما يهم المواطنين معرفته ، كلها بيانات جاءت من الطرفين فيها الزيف والتعتيم. ليت القوات المسلحة تقتدي بما يقوم به الجيش الأوكراني من كشف بياناته الحقيقية المليئة بالمعلومات والأرقام حول كل ما يتعلق بالحرب مع الجيش الروسي، ولا تخفي شيء حتي حجم الخسائر والأضرار التي لحقت بالمدن الأوكرانية. عودة الى عنوان المقال:" بعد (60) يوم القتال: اما من عاقل يفيدنا بحقائق ما يجري في ميادين القتال ؟!!" (أ)- اما من محايد يقول لنا هل الخرطوم مازالت بخير تحت قبضة القوات المسلحة؟!! (ب)- هل حقيقة ما يقال ان امدرمان غدت مدينة دارفورية؟!! (ج)- من هو صاحب مدينة الخرطوم بحري البرهان ام "حميدتي"؟!! (د)- ماهي الاماكن والمواقع الهامة التي يحتلها كلا الطرفين؟!!.. (ه)- هل القصر (رئاسة الجمهورية) محتل من قبل قوات الدعم؟!! (ز)- لماذا اختفت اخبار: المتحف القومي، معمل استاك القومي، قاعة الصداقة، مبنى الاذاعة والتلفزيون، البنك المركزي، مطار الخرطوم، رئاسة مجلس الوزراء؟!! [email protected]