كُلما تحدث قائد قوات الدعم السريع، الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي"، أدركت سبب الدعاية الخبيثة والهجمات المستمرة التي ظلت تستهدفه – ولا تزال- من أجهزة اعلام الفلول، مدعومةً بأجهزة الأمن والإستخبارات، وهي هجمات لم تنقطع يوماً واحداً، مُنذ لحظة إعلان انتصار ثورة ديسمبر، وحتى يومنا هذا. وهي محاولات تتمحور في معظمها حول شيطنته، وتصويره ككائن على هيئة بشر، يُخفي (قرنين) بأعلى رأسه! وكلما تحدث "حميدتي" على سجيته وبعفويته المعهودة يُلامس قُلوب الكثرة الكاثرة من السودانيين، الذين يعيشون في هامش البلاد العريض، ويُشفي غليل أفئدة الأغلبية الصامتة من سكان عاصمة البلاد وضواحيها، الذين نكّل بهم النظام "الكيزاني" القمعي الفاسد، وجعل معيشتهم ضنكاً وأمنهم جحيماً مُستعراً. وفي المرات القليلة التي استمعت فيها له عقب 15 ابريل، استنتجت أسباب الهجوم عليه وشيطنته، وتأكدت بأن الكيزان، بتنظيمهم العسكري والأمني، لم يكن أمامهم سوى شن الحرب والقضاء عليه، لأنه توصل بتجربته الشخصية الماضية، وتجاربه السابقة معهم، بأن هذا الوطن لن يتقدم شبراً واحداً إلا تحت ظل حكومة مدنية يختارها الشعب، ولأنهم– الكيزان- توصلوا أيضاً بأن لا سبيل أمامهم للعودة مرة أخرى لحُكم الشعب بالدبابة، ما لم تقض هذه الدبابة أولاً على قائد قوات الدعم السريع. وهكذا أصبح "حميدتي" حجر الزاوية في عملية بناء الحكم المدني، وهذه حقيقة لن تُلغيها سخرية آلة "الكيزان" الاعلامية منه ومن الديمقراطية التي يتحدث عنها، وخداع العوام والسوقة. فالرجل عندما يقول انه يحارب من أجل الحكم الديمقراطي، لم يكن يقصد أنه يخوض هذه الحرب التي فُرضت عليه من أجل التاسيس وحده للديمقراطية، ولكنه ولأنه استوعب أسباب ودوافع هذه الحرب، يعلم بأنه لا ديمقراطية يُمكن أن تتأسس مع حكم الإخوان المسلمين، وتنظيمهم العسكري السرطاني! استمعت بالأمس ل "حميدتي" وهو يخاطب جنوده، وكانت خطبته رغم إيجازها وبساطة كلماتها واضحة، أوصل فيها ما يريد توصيله، بعبارات سهلة ومباشرة لا تحتاج إلى تفسير ولا تقبل التأويل، وكأني به "قس بن ساعدة الأيادي"، أشهر خُطباء العرب قديماً، حين خطب أمام قومه قائلاً: (أيها الناس اسمعوا وعوا، من عاش مات، ومن مات فات، وكل ما هو آت آت) – ثم نزل من منبره، وغادر. وهذا ما قاله وفعله حميدتي يوم أمس. أستطيع أن أفهم صدمة الفلول والكيزان مع ظهور "حميدتي" أمس في ميدان المعركة محاطاً بجنوده، بعد أن صدقوا أكاذيب قياداتهم بأن "حميدتي" قد مات في يوم (17) أبريل، وإنه عند عزيز مقتدر يُسأل، ولا بأس، فالموت حق، و(إنه لميت وإنهم ميتون). وتضاءلت هذه الكذبة مؤخراً لتتحول إلى (إصابة أدت إلى "الشلل")! وتم الترويج لهذه الكذبة وسط القطيع، دون أن يسألوا أنفسهم: إن كان ميتاً أصلاً، فكيف يصاب الميت بالشلل؟! ولا يزال الفلول يمارسون الكذب، ولا أظنهم سيتخلون عنه، لأنه أصبح الوسيلة الوحيدة لتحقيق الانتصارات، بعد ان عزًت الانتصارات على أرض المعارك، ووصلت السخرية إلى حدودها القصوى، وبعد أن صار الكذابون أنفسهم يُلقبون بأسماء الطائرات، فرأينا الناشط الكذاب (السوخوي)، والكذاب (الأنتنوف)، والكذابة (البيرقدار)! ولا يزال الكذب يتناسل في عملية مجنونة ل(صناعة الأمل من الأكاذيب). ستتواصل انتصارات قوات الدعم السريع بلا شك، وسيتواصل معها الكذب وصراخ الغوغاء، ولن يتوقف إلا بخطاب "حميدتي" الأخير، والذي أتوقع أن يكون كالتالي: (أيها الكيزان اسمعوا وعوا: من كان بسلاح المدرعات قد مات، ومن كان بالبدروم قد هرب وفات، ومن فات مات، وكل ما هو آت آت).