حفلات تعذيب ضد المدنيين وصفت بالنازية الجديدة. ضرب وحرق بالنار وتجويع واعدام داخل سلاح المدرعات! (تقرير – عبد الرحمن الكلس) تصاعدت المعارك بشدة بين (قوات الدعم السريع) وقوات الجيش في العاصمة الخرطوم وولاية جنوب دارفور مع دخول الحرب شهرها الخامس، وشهد محيط معسكر المدرعات بالخرطوم معارك ضارية يومي الحادي والعشرين والثاني والعشرين من أغسطس الجاري أسفرت عن عشرات القتلى والجرحى، ولا تزال المعارك متواصلة حتى الآن. معارك ضارية: في منطقة الشجرة جرت أعنف المعارك وسمعت أصوات انفجارات جراء القصف الجوي ومضادات الطيران وقذائف المدفعية الثقيلة من مسافات بعيدة داخل العاصمة الخرطوم . وحسب مصادر شديدة الوثوقية كبدت قوات الدعم السريع قوات الجيش خسائر كبيرة في سلاح المدرعات – معقل التنظيم الاسلامي العسكري – بمنطقة (الشجرة). وسيطرت على المنطقة العسكرية الحيوية داخل سلاح المدرعات ، والتي تضم كافة الأسلحة الثقيلة والمدرعات والمجنزرات ومخازن السلاح سيطرة كاملة، (ولم تتبق سوى جيوب صغيرة في الناحية الغربية والشمالية لا تزال تجري المعارك للسيطرة عليها)- بحسب ما قال لنا مصدر عسكري تابع للدعم السريع. وقالت قوات الدعم السريع، في بيان لها أمس: (تمكن أشاوس الدعم السريع من بسط سيطرتهم على أجزاء واسعة من معسكر "المدرعات" في عدد من المحاور، دفعت قوات الجيش إلى الفرار والاحتماء ببعض المباني المجاورة للمعسكر، حيث تجري مطاردتهم وتنظيف المنطقة). واستولت قوات الدعم السريع بحسب ما أعلنت على: (101) دبابة و(90) مدرعة عسكرية و(21) عربة قتالية، إلى جانب كميات ضخمة من الأسلحة والذخائر. وبذلك يكون سلاح المدرعات قد خرج عمليًا من مسرح العمليات العسكرية،كما قال لنا لواء متقاعد بالجيش طلب عدم الافصاح عن هويته. وفي المقابل شهد محيط سلاح المهندسين وعدة مناطق أخرى بأمدرمان، تقدم نسبي لقوات الدعم السريع بعد اشتباكات عنيفة. وفي جنوب دارفور لا تزال الاشتباكات متواصلة بمدينة (نيالا) التي شهدت مقتل اللواء ياسر فضل الله قائد الفرقة (16) التابعة للجيش السوداني في عملية غامضة لم تتضح ملابساتها حتى الآن، رجح البعض انه ربما قام بها التنظيم العسكري الاسلامي داخل الجيش نتيجة خلافات داخلية. إعدام الأسرى: وأظهرت فيديوهات على وسائط التواصل بثتها غرف الحركة الإسلامية الإعلامية المتحالفة مع قوات الجيش، عمليات إعدام لأسرى من قوات الدعم السريع وتمثيل بالجثث، ظهر في إحداها عناصر من مليشيا (البراء بن مالك) الإخوانية وهو يفقأ عين أحد الأسرى من قوات الدعم السريع قبل أن يطلق النار عليه، وفي فيديو آخر يظهر إعدام عناصر ذات المليشيا الإسلامية لأسير آخر من المسافة (صفر)، وواصلت إطلاق النار على جثته بعد تنفيذ الإعدام فيه، وفي مشهد صادم آخر ظهر أسير وهو يتألم من جرح أصيب به، وصراخ أحد أفراد المليشيا وهو يحمل رشاشه بيده الشمال وسكينة على الأخرى، صائحا "لا تزال فيه الروح" أردفها بوابل من النيران عليه. ما أثار صدمة وموجة واسعة من السخط على وسائل التواصل الاجتماعي. وتخوّف مراقبون من إمكانية تغيير نهج الدعم السريع في معاملة أسرى الجيش نتيجة هذه الممارسات. إذ كان أسرى الجيش والمليشات الاسلامية يظهرون وهم في كامل صحتهم وهيئتهم العسكرية، يقرون بحسن معاملة قوات الدعم السريع لهم. وتخوف مراقب من أن تؤثر المشاهد الصادمة التي بثتها الفيديوهات أمس وأمس الأول ، خاصة مشاهد التمثيل بجثث أسرى الدعم السريع ، تخوف من ان تؤثر هذه المشاهد على المسلك الذي ظلت (الدعم السريع) تتبعه تجاه الأسرى منذ بداية الحرب. لكن مقربون من الدعم السريع أكدوا أن نهجهم في هذا الخصوص مبدئي، ولن يتأثر بالفظاعات والجرائم التي ترتكبها الحركة الإسلامية في حق الأسرى والمدنيين. وقال لنا مصدر اعلامي عسكري بقوات الدعم السريع: ( الانتهاكات والفظائع ماركة مسجلة باسم الجيش الذي تسيطر عليه الحركة الاسلامية منذ أكثر من 30 عامًا ، مارست فيها فظائع كثيرة وكبيرة ضد المدنيين والأسرى في دارفور وجبال النوبة، فقط الذي جعلها واضحة هذه المرة هو انها قديمًا كانت ترمي جرائمها وفظائعها على قوات الدعم السريع ، خصوصًا في دارفور، علما بانها كانت ترتكب بتخطيط واشرف وتنفيذ الاستخبارات العسكرية التي تسيطر الحركة الاسلامية على قيادتها). وزاد المصدر: (حتى في العاصمة الخرطوم مارس الاسلاميون هذه الفظائع ضد المعارضين المدنيين في معتقلاتهم السرية التي عرفت ببيوت الأشباح أوائل التسعينات، وقد شاهدنا جميعًا في الحلقات التلفزيونية التي بثها تلفزيون السودان أثناء فترة حكومة حمدوك شهادات الضحايا). وأكد المصدر ان الدعم السريع سيظل يعامل الأسرى والمدنيين معاملة طيبة وكريمة، وستظل متمسكة بالقانون الدولي الانساني وبتوجيهات قائدها محمد حمدان دقلو ، مهما كان حجم الفظائع التي يقوم بها الطرف الآخر. نازية جديدة: وظهرت فيديوهات صادمة انتشرت على وسائط التواصل الاجتماعي بعد دخول قوات الدعم السريع مقر سلاح المدرعات وتحريره للأسرى، تُظهر وجود معتقلات وسجون سرية لمدنيين كانوا معتقلين داخل المعسكر يظهر عليهم الهزال والإعياء الشديد، وتظهر أضلعهم للعيان من فرط الجوع، كما تظهر آثار التعذيب والحرق بادية على أجسادهم ، ما أعاد للأذهان صور مُعتقلي النازية في الحرب العالمية الثانية في معسكرات الاعتقال الشهيرة. وقال بعض المعتقلون في إفادتهم المصورة أنهم اقتيدوا من الشارع العام من جانب قوات الجيش ومليشيا (البراء بن مالك)، بذريعة التعاون مع (قوات الدعم السريع) دون أدلة، وأنهم ظلوا يعانون الأمرين من ممارسات تعذيب شملت الضرب بالهراوات والصعق بالكهرباء والحرق بالنار والتجويع والمنع من شرب الماء والتعذيب النفسي لساعات طويلة، بل واجبارهم على شرب المياه في إناء كبير للاستحمام على طريقة الحيوانات، وذلك في المرات القليلة التي تقدم لهم فيها المياه. ووصفت ناشطة حقوقية غربية في حديثنا معها، المناظر التي شاهدتها في الصور والفيديوهات ب(النازية الجديدة). نكران الجيش وتنديد الدعم السريع: ورفض العميد نبيل عبد الله المتحدث الرسمي باسم الجيش التعليق على ما ظهر من انتهاكات ضد المدنيين داخل سلاح المدرعات وضد أسرى قوات الدعم السريع، ووصفها بالكاذبة والمغرضة التي يرددها عملاء السفارات. وتعبير (عملاء السفارات) عادة ما يستخدمه الاسلاميون ضد القوى المدنية المطالبة بالديمقراطية. وأغلق الناطق الرسمي للجيش هاتفه بعدها عدة مرات أمام محاولاتنا الاتصال به. وفي المقابل ندد قائد قوات الدعم السريع (محمد حمدان دقلو) باحتجاز المدنيين وتعرضهم للتعذيب والإهانة والإذلال داخل معتقلات سلاح المدرعات. وقال دقلو في بيان نشره بحسابه الرسمي على (تويتر) إن قواته استطاعت تحرير عدد كبير من المدنيين الأبرياء كانوا معتقلين في سجون الفلول داخل قيادة المدرعات الشجرة بالخرطوم، وهُم في أوضاع إنسانية وجسدية ونفسية حرجة للغاية بسبب ما عانوه من عمليات التعذيب والإهانة والإذلال. وقال: (إننا أمام جريمة حرب مكتملة الأركان وانتهاك صريح لقانون حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني)، داعياً جميع الأطراف لإدانتها وفتح تحقيقاً شفافاً حول الملابسات والظروف التي صاحبت احتجاز هؤلاء المواطنين الأبرياء، من أجل استرداد كرامتهم). وطالبت شخصيات ومنظمات وطنية حقوقية قيادة الجيش باحترام المواثيق الدولية في أوقات الحروب وصون حقوق الانسان، خصوصًا وان السودان موقع ومصادق على اتفاقية مناهضة التعذيب والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وطالبوا الجيش بإجراء تحقيق حول هذه الانتهاكات، والإفصاح عن عدد المعتقلين من المدنيين والإفراج عنهم دون إبطاء، وضمان معاملة أسرى الحرب وفقًا لما تنص عليه المعاهدات الدولية، والتوقف عن اعتقال المواطنين بالهويات الإثنية والجهوية والعرقية، مع ضرورة تقديم المسؤولين عن هذه الانتهاكات لمحاكمات علنية ذات مصداقية طبقًا للقوانين الدولية المنصوص عليها في هذا الخصوص، ووقف (حفلات) التعذيب والتلذذ بالقتل والرقص على أشلاء الضحايا.