لا أحد في بلاد السودان يتحرّى ويحترف الكذب والتضليل مثل (الكيزان)، إنهم يتنفسونه، يسكن كل مفاصلهم ويستقر في وجدانهم ويجري منهم مجرى الدم، وهذا ينطبق بالضرورة على الجيش؛ لجهة إنه (جيش الكيزان)، وهنا أتحدث عن الجيش الذي يشن الحرب الآن على مواطنيه، مدعيّاً إنه يحارب قوات متمردة ويسعى إلى دحر غزو أجنبي، فيما هو غارق في العمالة للأجانب ومستعد ليصبح عميلاً للشيطان نفسه إذا ما استدعي الأمر، فها هو الآن يلهث خلف ملالي (قُم)، بعد أن انسدت أمامه كل أبواب العمالة والارتزاق، وهذا مبحثٌ آخر، سنأتي إليه لاحقاً لنحاجج به ونفنده تفنيدا. ما نحن إزاؤه اليوم، هو تطاول دعاية الجيش الحربية بأن الدعم السريع يحتل المنازل والأعيان المدنية ومؤسسات الدولة – والأخيرة – يحق له أن يقر ويستقر فيها، لأنها ليست ملكاً لسلالة الكيزان ولا حكراً على أحد، فهذه حرب وليست نزهة، حتى إن هزمتك وأخرجتك من جميع مقراتك العسكرية أو من مصفاة الجيلي للبترول أو وزارة الداخلية أو القصر الجمهوري أو مصنع اليرموك أو مدينة جياد الصناعية، وقذفت بك في مقرات قليلة متبقية مختبئاً كجرذٍ مذعور، لتأتي وتقول لي: اخرج حتى أفاوضك، بالله!! لن يخرج الدعم السريع من مؤسسات الدولة، أما المنازل فكل يوم جديد يأتي بخبره، والخبر الآن هو احتلال الجيش لمنازل المواطنين والأعيان المدنية، فقد ثبت ذلك بالأدلة القاطعة والحجج الساطعة، فبعد تقرير محامو الطوارئ المعنّون (مُدن تحت الحِمم – حول ضحايا القصف الجوي والمدفعي في السودان)؛ حيث وثّق استغلال وحدات من الجيش لمنازل المواطنين واستخدامها منصات لقناصته وارتكازات عسكرية له، كما أظهر حجم الضرر الذي حاق بأرواح المواطنين وممتلكاتهم ومنازلهم جراء القصف الجوي والمدفعي العشوائي للأحياء السكنية بالعاصمة خصوصاً مناطق جنوب الحزام الأخضر بالخرطوم، وضاحيتي الحاج يوسف وصالحة ببحري وأم درمان؛ على التوالي. ومع استمرار الحرب اللعينة القذرة، ستتكشف تباعاً انتهاكات الجيش الفظيعة بحق المواطنيين وتسوية منازلهم بالأرض واستغلالها كمنصات للقناصة وكثكنات عسكرية وسوح للقتال؛ وتدميره للمؤسسات العامة والخاصة بجانب الانتهاكات الأخرى، وهذا ما نحن بصدد القليل جداً منه؛ في هذا المقال. لقد عاد (محامو الطوارئ) مُجدداً، بيان جديد، نشر في العديد من الصحف والمواقع الإلكترونية، ليؤكدوا وجود مراكز تدريب تتبع للجيش السوداني في منطقتي العليفون ومنطقة جبل أولياء بالعاصمة الخرطوم، جعلها أهدافًا عسكرية لقوات الدعم السريع. البيان الذي يحتوي معلومات دقيقة وموثقة، نُشر السبت الماضي، قال إن سُكان ولاية الخرطوم ومدن الولايات التي تشهد عمليات عسكرية، ظلوا يدفعون كلفة باهظة في الأرواح والممتلكات طوال ستة أشهر من عمر الحرب بسبب وجود المقار العسكرية داخل المناطق السكنية المأهولة. بالنسبة لي، فإن ما خلصت إليه منظومة (محامو الطوارئ) من المعلوم من عقيدة الجيش القتالية بالضرورة، فهذه المؤسسة منذ إخلائها من البريطانيين وأيلولتها للدولة السودانية المستقلة، عملت بمثابرة وقوة وبسالة على تحطيمها ونهبها وبيع مقدراتها ورهنها للأجنبي بعمالتها وارتزاقها، فقد حكمت أكثر من نصف قرن منفردة وحيدة (لا شريك لها)، فما النتيجة؟ إنها ما نراه الآن ماثلاً. إنه الوضع الراهن. انظر – أعزك الله وأرشدك سواء السبيل – إلى البرهان، قلبه من أعلاه إلى أسفله، فإن رأيت فيه وطنياً مخلصاً حريصاً على السودان ومواطنيه ومقدراته وكيانه، فادعمه وشد من أزره. وإن رأيت فيه جبن وخيانة وتردد ومماطلة ورغبة جامحة في الحكم حتى ولو أزهق أرواح جميع من يريد أن يحكمهم، واستعان بذلك باللهث وراء الأجنبي – كما هرع إلى نيتنياهو – في عنتيبي بأوغندا، فاتركه وأرضي ضميرك الوطني بالمطالبة بخروج الجيش – إلى الأبد – من الفضاء السياسي والاقتصادي، والعودة إلى مهامه ووظائفه المعروفة. هذا الجيش – يا هداك الله – هو المحتل الأول للبلاد، وهو السارق الأوحد لمواردها، يستأثر بأكثر من 80% من ميزانية الدولة، ولا يستطيع مقاومة (5 تاتشرات و15 موتر)، أليس قادة الجيش من قالوا إن الدعم السريع لا تمتلك الآن سوى هذا العتاد، فأين ذهبت ميزانية الشعب السوداني؟ أين ذهبت مقدراته؟ ثمانون بالمائة من ميزانية الدولة يحتكرها الجيش (يسرقها) لمدة إثنين وخمسون عاماً، بل منذ استقلال البلاد عام 1956، ثم يذوب كفص ملح وينهار بهذه الطريقة البشعة المخجلة. قال أحد الفقهاء: " إن الله لينصرن الدولة العادلة ولوكانت كافرة"؛ وقياساً، فإن الله سينصر الجيش العادل – لأنه الدولة – ولو كان كافراً، فلماذا انهزم جيش الإخوان المسلمين أمام الدعم السريع، بمجاهديه ودواعشه وبراءه، ببساطة لأنه قاتل وفاسد وظالم. ظالم، لأنه يحتل منازل المواطنين ولأنه يقتل على الهوية ويغتصب ويسرق الدولة وبالتالي المواطن، ويستريح في مقراته وسط المدنيين ولا يقاتل التمردات بل يؤسس مليشيات جهوية أو عقائدية لتقاتل نيابة عنه، وهذا مستمر حتى الآن. الجيش السوداني، للأسف، ظل يصر أن تكون مقراته داخل المدن، بل وسطها، حتى إذا جاء يوم (كريهة وسداد ثغر)، اتخذ المواطنين دورعاً بشرية وتاجر بدمائهم وأشلائهم، فيما قادته مختبئون في أقبية وسراديب القيادة العامة وسلاح المهندسين والسلاح الطبي، يطلقون تصريحاتهم العنترية من (حفرهم العميقة) عليهم اللعنة . لابد من إصلاح هذه المؤسسة المدمرة الآن قبل ان لا يكون هناك آن.