بدأ قائد الجيش، عبد الفتّاح البرهان، في كلمته أمام القمة السعودية – الأفريقية؛ التي التأمت أمس بالعاصمة السعودية الرياض، باهتًا يردد نفس أحاديثه "الكيزانية" الماسخة والمنسوخة، يتحدث دون مراعاة للمكان والزمان والمقام، يرسل الحديث الإنشائي العاطفي ويكيل الاتهامات في قمة محضورة ومشهودة، وفي بلدٍ يضطلع بدور الوسيط والمُيسّر لإنهاء الحرب (الكيزانية) الغادرة، قائلًا إنّ قوات الدعم السريع تستعين بمرتزقة من تشاد، مالي، النيجر، أفريقيا الوسطى، جنوب السودان، اليمن، وسوريا، دون أن يقدم أي دليل يدعم به اتهاماته، وكأنه يتحدث أمام كيزانه في "وادي سيدنا"، وليس أمام ملوك ورؤساء دول في محفل دولي محضور! ولا بأس، عِدّ معي الآن؛ لقد خسرت ثلاثاً من دول الجوار، تشاد، أفريقيا الوسطىوجنوب السودان، أما اليمن فأنا (ما بفسر وأنت ما تقصر!)، فيما سوريا – وهي للذكرى حليفة لحليفتك إيران- كما انها تعاني ما تعاني وحالها يغني عن سؤالها، أما بالنسبة لماليوالنيجر، فهذه دول بعيدة وليست مجاورة، كما وصفها البرهان، الذي يبدو أن علاقته بالجغرافيا كما علاقته بالاستراتيجيات العسكرية!! ردد الرجل كالببغاء، عبارات الكيزان المُستهلكة إياها: (بيوت المواطنين، المرافق العامة) التي يرددونها كذبًا ونفاقًا، ولو كانوا هم من يسيطرون حاليًا على العاصمة الخرطوم، لعاش سكانها رجبا ورأوا عجبا، وأذاقوهم ما هو أسوأ من ما أذاقوه لكل الشعب السوداني إبان سنوات حكمهم العجاف! ثم قل ان ذلك كذلك، فهل يصلح بأن يوضع كشرط لبدء التفاوض؟ مشكلة البرهان انه يردد خطاب كيزاني عاطفي كذوب، قد ينجح في مخاطبة الشعب بالداخل، ولكنه قطعًا لا ينجح ولا يصح ولا يصلح لمخاطبة الخارج والحصول على تعاطفه، بمعنى أنه مهما ردد قائد الجيش وخلفه الرجرجة والدهماء والبلابسة هذه العبارات، فلن يكون لها عائداً وصدىً خارجياً، ولو كانت تنفع أو تشفع لما تجاوزها ميسرو (جدة 2)، أليس كذلك؟ كل ما سبق ذكره، محض كيل بدون مكيال، أما الكيل (الطافح)، فهو مطالبته في خطابه – مُكرراً "عبطه" أمام الأممالمتحدة- بتصنيف الدعم السريع ومن تعاون معها كمجموعات إرهابية، وأظن أن الحضور قد تفتقت إمعائهم وتفتتت أحشائهم فرط القهقهة الداخلية التي سرت في أوصالهم من هذا الغباء، فكيف توكل (دولة) دولاً أُخرى لتصنف قوات متمردة عليها – حسب وصفه – بتصنيفها إرهابية، فيما تعجز الدولة نفسها عن ذلك، ما هذا يا برهان، وما الذي تفعله بحق السماء؟ على كلٍ، فالرجل ليس لديه أكثر من ذلك، ويبدو أن هذا أقصى ما في جعبة (مدثر القصير) ومن يقفون خلفه. وكانت أكثر الأشياء المضحكة المبكية، هو أن يأتي اتهام الدعم السريع باشعال الفتن القبلية من (البرهان) تحديدًا، خصوصًا ان الراهن القريب، يحدثنا عن كيف أشعل هو نفسه، ومعه "كيزان" استخباراته، الفتن القبلية في دارفور وشرق السودان والنيل الأزرق ومولها ودعمها، وقتل وحرق وهجّر المواطنين في مدن وولايات دارفور وكسلا وبورتسودان وحلفا والقضارف والدمازين والكرمك وما حولهما من قرى على شاطئ النيل الأزرق (السعيد)، الذي حوله إلى بركة دماء تعيسة. فعل كل هذه الجرائم الخطيرة والكبيرة من أجل الإطاحة بالحكومة المدنية الانتقالية ووصوله وكيزانه إلى السلطة. فأراق الدماء وعرض أمن البلاد واستقرارها للخطر، بل قام باغلاق الميناء والطريق القومي الرئيسي المؤدي إلى العاصمة الخرطوم وبقية أنحاء السودان، في أقذر سلوك لقائد عسكري على مر التاريخ ضد شعبه، وهو سلوك أقل ما يقال عنه انه يفتقد للمروءة ، خنق فيه الشعب السوداني، وانعدم الدواء والغذاء والمواد البترولية، وتوقفت حركة الصادر والوارد، فهل فعلت كل هذا قوات الدعم السريع أم البرهان ومن خلفه كيزانه ودميتهم الناظر (المتورك) الأهطل؟! وفي سابقة لم تحدث من قبل، قال البرهان، إنّ بعض دول المحيط الإقليمي والدولي؛ تُساند ما سمّاها الجماعة الإرهابية. وهنا وجب علينا أن نسأله: من يحارب معك أنت؟ وماذا عن مشاركات جيشك (خارجيًا)؟ وماذا عن السلاح الذي تبيعه منظومتك العسكرية الكيزانية لدول الجوار .. تبيعه لحكومة الدولة ولمعارضتها في آن؟ ولطرابلس وبنغازي معا؟! بالنسبة لي فإنّ أكبر خطر على وحدة البلاد الآن وتفتتها وسقوطها في مستنقع القبلية يأتي من البرهان وكيزانه، تمامًا كما كان/ كانوا خلف أكبر كارثة وخطر تعرضت له البلاد وأمنها القومي في كل تاريخها القديم والحديث، بعد قيامه بانقلابه المشؤوم في 25 أكتوبر 2021 ، بالاشتراك مع كيزانه وتحالف "موزه" و"مناويه"، وهو/وهم سبب كل المخاطر التي تتهدد البلاد حاليًا، ولا يحق له -ولهم- اتهام أي جهة أخرى بتمزيق البلاد وتهديد وحدتها. أليس كان حريّاً برجل دمر بلاده وأحلام شعبها، ونصب نفسه (وصيًّا) عليهم، وأسس لدولة القبيلة حين قال: (إن الشماليين خلقوا ليحكموا السودان) أليس حريًا به أن ينعزل عن العالم، ويقلِّب لسانه المتسخ بين فكيه، قبل أن يطلقه ليُسقط صفاته وسلوكه على الآخرين! ومع كل هذا لن تحكمنا ولن يحكمنا "كيزانك" الذين يسنون الآن السكاكين لذبحك. وكما تدين تُدان يا برهان.