تخيل انك في طائره تمخر عباب السماء. لا تسمع أذناك إلا أزيز محركاتها وبعض مسامرات الركاب هنا وهناك. لا تخلو الرحلة من بعض المطبات الهوائية والتي عادة ما يسبقها صوت الكابتن بربط أحزمة الأمان. هذا ما الفته في معظم رحلاتك الجوية ان لم يكن كلها. كنت تمني نفسك بالوصول بسلام الي حيث نهاية الرحلة. تتخيل زوجتك او زوجك، حبيبتك او حبيبك، والدك او والدتك في استقبالك. تتخيل احد أطفالك يقفز وتتعانقا للحظة ثم تعيدان العناق. الان بدات الطايرة في التأرجح. فتارة تعلو وآخري تهبط هبوطا مفاجئا حتي تشعر بان أمعائك قد قفزت الي حلقك. بدأت الأمتعة تقفز من مكانها وتصيب بعد الركاب. فهذا انكسرت ساقه وذاك تدمي جبهته وثالث ميت او بين الحياة والموت ولم تسمع صوت الكابتن ينبه الي مطب او مطبات جوية. يسود الطايرة هرج ومرج ورعب وخوف. يساورك شك ان هناك خطا في الامر. تنهض من مقعدك مترنحا وتفتح باب كابينة القيادة فلا تجد الكابتن يقود طائرتك، بل تجد ثعبانا ضخما او فارا يجلس خلف عجلة قيادة الطايرة ولا يأبه بما يجري للركاب. الطائره يقودها ثعبان ضخم او فار اضخم منه. هذا ما يحدث بالضبط عندما يقرع الموتمر الوطني اللاوطني طبول الحرب وعندما يثير كل نعرات العنصرية والقبلية. يسلح المواطنين ليقتلوا بعضهم البعض دون ذرة تفكير عن كيف سيجمع هذا السلاح وكيف سيوقف الاقتتال واية وطن سيكون تحت إمرتهم. نخوض لهم معركتهم ضد جسم صنعته اياديهم. تري من صنع الدعم السريع ومن أغدق عليه الاموال ومن سلحه ليقتل اهلنا في دارفور وليخوض في دماء شبابنا امام القيادة العامة مع لجنة البشير الامنية. ان اول واهم خطوة لإنقاذ طائرة الوطن او قاطرته، هي ابعاد الثعبان عن عجلة القيادة، اخد خطوة او عدة خطوات الي الوراء والتساؤل الجاد في كل كلمة يقولها وكل طبل يقرعه من اجل استمرار الحرب. لقد صدق بعض من يسمون انفسهم مثقفين دعاية الثعبان وقبلوا بالتصنيف الخاطي تماما لمعركة اليوم. اسموا معركة اعادة الموتمر الوطني اللاوطني معركة نصرة القوات المسلحة ومعركة الكرامة وليست هناك نصرة ولا كرامة في معركتهم المدمرة هذه. لنوقف هذه الحرب ولنسكت اصوات الرصاص وقبله فرقعات الدعاية التي تخاطب عواطفنا ومشاعرنا لنلحق الضرر بانفسنا وليحكمنا الموتمر اللاوطني مرة اخري. [email protected]