عود إلي حدث سوداني هام هز وقتها الدنيا والعالمين لما فيها من مفاجأة كانت أشبه بوقوع الصاعقة، حدث داهية ما خطرت في بال أحد أن تقع ولا في الخيال ، خصوصا وإنها صدرت من جنرال يحمل رتبة فريق أول ركن، وله باع طويل في العسكرية- و سنوات مارس فيها السياسة بشتى اشكالها السودانية والدولية. تقول أصل الراوية:-(…-إنه في يوم الخميس 24/ أغسطس الماضي، جاءت الأخبار السودانية والأجنبية وأفادت، أن الفريق أول ركن/ عبد الفتاح البرهان استطاع الخروج من قبو كان يختبئ فيه بالقيادة العامة التي كانت ومازالت محاصرة من قبل قوات "الدعم السريع"، وإنه بعد حصار شهور طويلة امتدت من شهر أبريل وحتي أغسطس الماضي إستطاع الخروج ووصل الي مدينة بورتسودان في يوم الجمعة 25/ أغسطس الماضي بكل أمن وأمان. بعض الصحف العربية كتبت مقالات كثيرة عن هذا الهروب، وأنها تمت باتفاق تبنته دولة من دول خليج – لم تفصح المصادر عنهما- وقامت بالتنسيق مع قوات "الدعم السريع" لتسهيل عملية خروج أمن للبرهان، واسوأ ماجاء بعد هذا الحدث أن القوات المسلحة رفضت رفض تام نفي او تأكيد صحة ما نشر بالصحف ، مما أعطي فرصة للشائعات أن تتناول قصة الهروب بصور شتي أضرت كثيرا بسمعة القوات المسلحة بالدرجة الأولي، هذا السكوت الذي صدر من المسؤولين في القوات المسلحة رجح كثيرا كفة قوات "الدعم السريع" علي اعتبار أن "حميدتي" استطاع طرد البرهان من الخرطوم… وجاءت مصادر صحفية أخرى وأفادت ، أن قوات "الدعم السريع" هي التي سمحت للبرهان بالخروج من القيادة العامة برفقة أربعة من صغار الضباط يمثلون طاقم مكتبه ، وأيضا رفضت القيادة العامة التعليق علي الخبر. أعرف سلفا، أن كل ما ورد أعلاه عن قصة الهروب من الخرطوم لا جديد فيها، يعرف تفاصيلها القاصي والداني ، وماعاد فيها ما يمكن أضافته للحدث بعد مرور خمسة شهور من عملية الهروب- 25/ أغسطس الماضي – 25/ يناير الحالي… ولكن يبقي السؤال مطروح بشدة حول ماهي الانجازات العسكرية والسياسية والادارية التي حققها البرهان بعد وصوله الي بورتسودان قبل خمسة شهور مضت؟!!، ولماذا ازدادت الأحوال اكثر سوء عن ذي قبل، ويعاني ملايين المواطنين داخل البلاد وفي معسكرات اللاجئين في دول في دول الجوار من ظروف صعبة بالغة السوء؟!! من رصد بدقة يوميات البرهان بعد وصوله مدينة بورتسودان، إنه صب كل اهتماماته بالسعي الجاد لأعطاء نفسه هيبة جديدة، (وكاريزما) بدل التي ضاعت منه بسبب الهروب، إن اكثر ما يزعجه- بحسب روايات المقربين منه- كميات الهجوم الاذع والسخريات منه التي ملأت الشارع وشوهت صورته محليا وعالميا، ومن المقالات الساخنة الممعنة في تحقير شخصيته، وصور الكاريكاتيرات التي مازالت الصحف والمواقع السودانية والأجنبية تنشرها بلا توقف. قام البرهان في محاولة منه لاعطاء نفسه شخصية من يحكم السودان بالسفر الي تسعة دول أفريقية وعربية وهي سفريات لم تحقق له اي إنجاز شخصي علي اعتبار انه اصلا ليس رئيس دولة وانما (انقلابي) حصل علي السلطة بالانقلاب علي وضع ديمقراطي كان قائم في البلاد، وأن هذه الزيارات – كما كتبت أغلب الصحف- كانت مجرد استجمام وراحة من بعد طول البقاء في بدرون القيادة. إحدي الصحف كتبت بسخرية شديدة، أن الواجب كان علي البرهان أن يعود مجددا للحاق بالضباط والجنود في القيادة الذين حار بهم الدليل في فك حصار القيادة العامة وتحقيق انتصارات في معارك تدخل قريبا شهرها الثامن، أن يعود لقيادة القوات المسلحة التي أصبحت ثكناتها تتهاوى واحدة وراء الأخرى لتلحقها فيما بعد ولايات ومدن، كان الواجب العسكري عليه اولا وقبل كل شيء، أن يلحق بتجميع شتات جيشه الذي أصبح الضباط والجنود فيه يهربون من مواقعهم القتالية ويفرون منها للمناطق الامنة وما حدث في دارفور ليست بعيدة عن الاذهان فرار(300) جندي الي تشاد بسبب نقص المؤن والذخيرة ببعيدة عن الأذهان… ولا قصة لجوء ضباط القوات المسلحة تسليم مدينة ودمدني للدعامة دون إطلاق ولو رصاصة واحدة في شهر ديسمبر 2023. بل والأسوأ من كل هذا، أن بورتسودان التي فتحت ابوابها لاستقبال الجنرال الهارب من أرض المعارك في الخرطوم، أحال حياة المواطنين فيها الي جحيم بمعنى الكلمة، ومن رصد أخبار ما نشرتها الصحف عن الحياة في بورتسودان بعد يوم الجمعة 25/ أغسطس الماضي، يجد أنها أخبار مليئة بمعاناة السكان الذين أصبحت تحكمهم الاستخبارات العسكرية بقسوة بالغة فاقت كل الحدود، وأصبح كل عرضة للاعتقال بتهمة التعاون لصالح قوات "الدعم السريع"، قامت الاستخبارات العسكرية بفرض حالة الطوارئ، والي ولاية البحرالأحمر المكلف اللواء ركن م مصطفى محمد نور محمد أمر أصدر طوارئ رقم (16 ) لسنة 2023م والخاص بحظر التجوال في محلية بورتسودان، والقانون الجائر نص علي كل من يخالف أحكام هذا الأمر يعاقب بالسجن مدة لا تزيد عن سنة أو الغرامة مبلغ لا يتجاوز(3،000،000) جنيه فقط ثلاثة مليون جنيه أو العقوبتين معاً وفي حالة عدم الدفع السجن مدة لا تزيد عن ستة أشهر.. وليت الامر وقف فقط عند سطوة الاستخبارات العسكرية، بل مما زاد من معاناة المواطنين تعاون أعضاء تنظيم "براء بن مالك" مع الاستخبارات العسكرية في قمع المواطنين، وتم منع التجمعات واقامة الندوات ايا كان نوعها سياسية او ثقافية!!… كل هذه الإجراءات الأمنية والحزبية من قبل الحركة الإسلامية ومازالت جارية وتزداد كل يوم اكثر حدة، لا لشيء الا لان البرهان الهارب من أرض المعارك والقتال يقيم في بورتسودان، ولابد من إجراءات حماية له بالغة الشدة والصرامة… سكان مدينة بورتسودان قالوا ، أن مدينتهم لم تشهد مثل هذه الاجراءات من قبل، ولا عرفت لها مثيل منذ أن تاسست المدينة. بل والأغرب من كل هذا في حالة نادرة وغريبة، أن البرهان منذ لجوء في بورتسودان لم يلتقي صحفي سوداني او مراسل أجنبي او مندوب من احدي الوكالات أو المحطات الفضائية العالمية!! ، اغلق ابواب اللقاء معهم، ولكنه أجرى بعض اللقاءات القليلة مع بعض الصحفيين الأجانب أثناء تواجده في بعض من هذه الدول التي زارها ، والغريب في تصرفات ايضا، إنه عندما كان في زيارة مصر وتركيا وقطر رفض عقد لقاءات صحفية مع الصحفيين والمراسلين يطلعهم علي نتائج الزيارات. ́ البرهان قضي خمسة شهور في مدينة بورتسودان انشغل فيها وما زل يشغل نفسه بأمور إدارية وتعيينات واقالات وتصريحات بتنقلات مسؤولين من موقع الي أخر بعيدا عن الشأن العسكري، وماعاد يهتم كثيرا بما يجري في ساحة المعارك وترك أمرها لعلي كرتي ليواصل الحرب!!، وترك البرهان إدارة الشؤون السياسية واوكلها الي نائبه كباشي وزير الخارجية الفعلي!!، وأعطي الجنرال/ ياسر الطا حرية الادلاء باي تصريحات أيا كان نوعها حتي وإن مست دول صديقة!! خمسة شهور مرت منذ أن منذ أن هرب البرهان من القيادة العامة، ولم تشهد خلال هذه ال(152) يوم ولا انجاز واحد سياسي او عسكري، او حتي إنجاز إيجابي يدخل في السيرة الذاتية!!