منذ استقلاله قبل 68 سنة ، حكم ضباط الجيش السودان لمدة 58 سنة ، بينما حكمه المدنيون لمدة عشرة سنوات فقط، وبما ان السودان وصل إلى درك سحيق من الانحطاط ، فالاستنتاج البسيط الواضح هو ان الذين حكموا السودان الفترة الأطول هم المتسبب الأول في ما ال اليه حاله ، وهم ضباط الجيش. اخر 35 سنة من عمر السودان كانت تحت قيادة عساكر الجيش ، البشير 30 سنة والبرهان 5 سنوات ، فهل من العقل ان تلوم مدنيا او ثائرا على ما الت اليه الامور؟!! . الحرب الحالية اثبتت ان ما كنا نظنه جيشا ، هو ليس الا مجموعة من التجار والساسة يسيطرون على مؤسسة تحمل السلاح، ويستغلونها في تحقيق أجندة ذاتية لا علاقة لها بالمواطن ولا الوطن. اذ كيف يكون السودان في حالة حرب في جنوبه منذ عام 1983م ولا تتوقف الحرب؟!، ثم تأتي فوقها حرب دارفور ومن فوقها حرب الخرطوم الحالية ، في ظل وجود قادة عسكريين!! ماذا استفاد السودان من هؤلاء القادة؟ لم يمنعوا الحرب ، وحين اندلعت فشلوا في تحقيق النصر ، وفشلوا كذلك في تحقيق استدامة السلام. ويمكنك ان تحسب كم هو عدد الاتفاقيات التي وقعها البشير ونقضها قبل او بعد توقيعها ، لتعلم ان العسكر لم يكونوا يؤمنون باتفاقيات السلام ، وانما كانوا يؤمنون بالحرب ، فالحرب هي وسيلتهم لفرض الطواريء وعسكرة ادمغة الشعب وغسلها بالدعاية العسكرية الكاذبة ، وتدجين العقول واستلابها ، ومن ثم استغلال كل ذلك للمحافظة على موقعهم في هرم السلطة. حكم ضباط الجيش السودان لمدة 58 سنة كالاتي: عبود 6 سنوات ، جعفر نميري 16 سنة ، عمر البشير 30 سنة ، سوار الذهب سنة واحدة حكم انتقالي البرهان 5 سنوات حتى الآن. بعد هذا فالطبيعي ان يخجل هذا الجيش ويختشي من اي حديث عن الحكم ، اما من يفوضونه للحكم مرة اخرى من المدنيين فلا أظنهم يختشون ، فهم كمن قال فيهم احمد مطر: نحن بغايا العمر كل حاكم يبيعنا ويقبض الثمن نحن جواري القصر يرسلوننا من حجرة لحجرة من قبضة لقبضة من هالك لهالك من وثن إلي وثن إستنفذ الجيش كل الفرص لكي يكون جيش السودان ولكي يكون صمام امان البلد ، ولم يعد يرتجى منه وهو بهذه الحالة في خدمة بناء سودان موحد متطور حر ، ففاقد الشيء لا يعطيه. تكوين جيش سوداني جديد ذو عقلية مؤمنة بالدستور والديمقراطية ، هو شرط لازم لاستقرار السودان ووحدته ، وضرورة حتمية لينهض السودان في المستقبل ويصبح بلدا متطورا وأمة مجيدة. [email protected]