بعد الذبح وقطع الرؤوس ، مليشيا البرهان والكيزان تصل مرحلة بقر البطون واكل لحوم البشر ، هذا الدرك السحيق من انهيار الانسانية والوصول الى الحضيض يشبه هؤلاء المتطرفين تماما ويثبت ان تفكيك التمكين الكيزاني داخل الجيش واعادة تكوينه لم يعد قضية جدلية وانما ضرورة وجودية لبقاء السودان وكرامة اهله. استمرار مليشيا حميدتي في التنكيل بمواطني الجزيرة يثبت ان هذه المليشيات بلا أخلاق ولا وزاع ديني ولا ثقافي ، وان تفكيك هذه المليشيا لم يعد خيارا سياسيا فقط بل وجوديا لبقاء السودان وكرامة اهله. السياسيون مازالوا في منتصف الطريق يحاولون ان يعالجوا الأضرار باجلاس هؤلاء الطرفين مع بعض لمعالجة أزمة الحرب حتى وإن تضمن ذلك عودتهم مجددا للمشهد ، ولكن اي اتفاق يتضمن عودة مليشيا البرهان والكيزان ومليشيا حميدتي لسابق عهدهما يعني احتمالا اكبر لعودة الحرب وعودة الذبح واكل لحوم البشر وقتل واضطهاد الابرياء. لم يعد امام العقل لضمان بناء سودان جديد عقب هذه الحرب الا ان يركب الصعب وهو المطالبة بحل كل المليشيات الموجودة في البلاد واعادة بناء جيش سوداني جديد من الصفر ، على أن يواكب ذلك اصلاح للأحزاب والممارسة السياسية وإصلاح للعلاقات بين شعوب وسكان السودان عبر عقد اجتماعي جديد وتأسيس دستوري يستوعب اختلاف وخلاف اهل السودان ويعبر بهم نحو المساواة امام الدولة والقانون ، وليس ثمة نظام حكم أقرب عقليا لتحقيق هذه الأهداف من اعتماد النظام المدني الديمقراطي العلماني الفيدرالي. اثبتت هذه الحرب ان العسكر السودانيين وكل حملة السلاح من مليشيات وحركات مسلحة هم أسوأ انواع القتلة وأكثر الأنواع الانسانية الموجودة على ظهر الارض دموية ووحشية ، وأن استمرار هذه المجموعات بسلاحها هذا وعقليتها الحالية لا يمثل تهديدا فقط لابناء السودان وشعبه ، وانما تهديدا عالميا للسلم والامن الدوليين ، وهو ما يتطلب عهدا سودانيا-دوليا لتفكيك هذه المنظومة العسكرية القاتلة المدمرة ، وبناء منظومة عسكرية جديدة من الصفر ، مؤمنة بحقوق الإنسان ومنضبطة بالأخلاق وخاضعة للحكم المدني الديمقراطي الذي لا علو فيه الا للقانون. هذا هو الطريق الوحيد المتاح لضمان بناء سودان جديد يتوفر على فرص أكيدة للاستقرار والتطور ، اما إعادة قاطعو الرؤوس وأكلي لحوم البشر ومليشيات النهب والسرقة لمرتبة قيادة وحماية البلاد ، فهي لن تعني سوى اكل المزيد من اللحوم وقطع المزيد من الرؤوس وانتشار النهب والسرقة ، وتحويل السودان لخرابة تنعق فيها غربان الموت والدمار. [email protected]