شاهد بالفيديو.. أمسكها من "وسطها".. الفنان طه سليمان يدخل في وصلة رقص مثيرة مع راقصة مصرية وساخرون: (جبتها وارمة يا سلطان)    من الفضاء إلى أفريقيا.. صخرة قمرية عمرها 2.35 مليار عام تكشف سراً عن قلب القمر    شاهد بالفيديو.. بشريات العودة تتوالى.. المحطة الأوسطى بحري تعود لطبيعتها لأيام ما قبل الحرب    على أعتابِ الحقبةِ الكارثيةِ للمليشيات    "الدعم السريع": لا تفاوض مع الجيش    شاهد بالصورة والفيديو.. قائد كتائب البراء بن مالك يشارك طفله الصغير ألعاب الشجاعة والرجولة والتحدي    أخيراً .. الفاشر كبداية لمخيلة وطنية جديدة    شاهد بالصورة والفيديو.. فتاة مصرية تشارك فنانها المفضل طه سليمان الغناء في حفله الأسطوري بالقاهرة    بعد خسائر بملايين الدولارات.. "شارع الحرية" بالخرطوم يستعيد نشاطه    ترمب: بيليه هو الأعظم في التاريخ وشاهدته بأميركا    خسارة تبكي ولا فوز يطبطب    الهلال في مهب الريح    ((لاجديد هيمنة هلال مريخ هي السائدة))    شاهد بالصورة.. الفنانة ريماز ميرغني تخطف الأضواء بإطلالة سودانية خالصة    شاهد بالفيديو.. مشجعة الهلال الحسناء "سماحة" تهاجم اللاعب أطهر الطاهر: (ظالم وشليق.. عامل فيها نمبر ون وجيت الطيش)    شاهد بالصورة.. الفنانة ريماز ميرغني تخطف الأضواء بإطلالة سودانية خالصة    شاهد بالفيديو.. في أكبر مفاجأت النخبة.. فهود الشمال يفترسون "الهلال" في الوقت القاتل ويهدون "المريخ" صدارة الدوري    ثلاثية تاريخية .. تشيلسي ينسف حلم باريس ويتوج بطلًا للمونديال    الفيفا" يكشف عن الشارة الذهبية لبطل مونديال الأندية قبل موقعة تشيلسي وباريس    أقوى 5 جيوش بحرية على مر الزمان؟    متحدث سابق للمقاومة يعلق على حادثة أم صميمة    كامل إدريس يطالب الشباب بدور فاعل في إنفاذ مشروع الاستشفاء الوطني    الأزرق… وين ضحكتك؟! و كيف روّضتك؟    دوري النخبة: موقعة صعبة تنتظر الهلال الخرطوم في عطبرة    عاجل..اندلاع حريق جديد في مصر    مدن سودانية تنهض من رماد الحرب والخرطوم تتراجع    5 طرق بسيطة لاكتشاف تطبيقات التجسس على جهازك    المباحث الجنائية المركزية ولاية الخرطوم تكشف غموض جريمة مقتل مواطن ونهب هاتفه بالحارة 60 وتوقف المتهم    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    إتحاد الغرف الصناعية يجدد الدعوة الى تكوين مجلس أعلى للتنمية الصناعية    كنانة ليست مجرد شركة أو مصنع لإنتاج السكر والإيثانول    قاضية تأمر إدارة ترامب بوقف الاعتقالات العشوائية للمهاجرين    شاهد بالفيديو.. تجار شارع "الحرية" بالخرطوم يستعدون لفتح محلاتهم التجارية بعد اكتمال الترتيبات وبدء وصول البضائع وأكثر من 80 تاجراً يعلنون جاهزيتهم للإفتتاح بعد أيام قليلة    ((مختار القلع يعطر أماسي الوطن بالدرر الغوالي)) – غنى للعودة وتحرير مدني وغنى لاحفاد مهيرة – الدوحة الوعد الآتي (كتب/ يعقوب حاج أدم)    المباحث الجنائية المركزية ولاية الخرطوم توقف عدد من المتهمين بجرائم النهب بمحلية كرري    د.ابراهيم الصديق علي يكتب: إلى البرهان : من القولد إلى البطانة..    3 طرق لإخفاء تحركاتك وخصوصياتك عن "غوغل"    وسط شح في السيولة.. "الدولار" يلامس حاجز ال 3000 آلاف جنيه    أم درمان.. سيولة أمنية وحوادث عنف بواسطة عصابات    تدشين حملة التطعيم ضد الكوليرا بمحلية سنار    تدشين حملة التطعيم ضد الكوليرا بمحلية سنار    السودان..ترتيبات بشأن مخطّط سباق الخيل لتمليك المواطنين شقق سكنية    قد يكون هنالك طوفان ..راصد جوي يُحذر من ظاهرة "شهيق الأرض": تغيرات كوكبية قد تهدد المياه والمناخ    هبة المهندس مذيعة من زمن الندى صبر على الابتلاء وعزة في المحن    المباحث الجنائية بولاية الخرطوم تضبط متهمين إثنين يقودان دراجة نارية وبحوزتهما أسلحة نارية    حريق سنترال رمسيس بالقاهرة.. 4 قتلى واستمرار عمليات التبريد    حريق بالقاهرة يعطّل الاتصالات ويصيب 22 شخصًا    نانسي عجاج: لستُ من ينزوي في الملماتِ.. وللشعب دَينٌ عليّ    بشرط واحد".. فوائد مذهلة للقهوة السوداء    بالفيديو.. شاهد لحظات قطع "الرحط" بين عريس سوداني وعروسته.. تعرف على تفاصيل العادة السودانية القديمة!!!    عَودة شريف    مصر تغلق الطريق الدائري الإقليمي بعد حوادث مميتة    مأساة في أمدرمان.. تفاصيل فاجعة مؤلمة    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    كيف نحمي البيئة .. كيف نرفق بالحيوان ..كيف نكسب القلوب ..كيف يتسع أفقنا الفكري للتعامل مع الآخر    السودان..قرار جديد لكامل إدريس    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



على أعتابِ الحقبةِ الكارثيةِ للمليشيات
نشر في الصيحة يوم 14 - 07 - 2025


د. النور حمد
ربما ظن كثيرٌ منَّا أن النكبة الكبرى التي نمر بها الآن، هي أقصى ما يمكن أن يوصلنا إليها هوس الإخوان المسلمين، ورعونتهم، وعنفهم الفالت، ودمويتهم، ولا مبالاتهم بمصير البلاد والعباد. لكن، في تقديري، أن هذا الخط الاستبدادي الذي ظل ماضيًا في طريق الانحدار لا يلوي على شيء منذ الثلاثين من يونيو من عام 1989، لم يصل إلى قاعه الحتمي الكارثي بعد. فالحرب التي أشعلوها في 15 أبريل من عام 2023، فشلت في أن تؤتي أُكُلَهَا. فقد ظن الفريق البرهان وقبيله أن القضاء على قوات الدعم السريع التي خرجت عن طوعهم لن يستغرق سوى بضعة أيامٍ، يتفرغون بعدها للقضاء على كل القوى المدنية. لينتهي الأمر بذبح الثورة ودفنها هي ومشعليها وأهدافها في حفرةٍ واحدة. لكن، خابت التقديرات الساذجة الغرة، وطاش سهم المغامرة الفجة المستهترة. وانفلت زمام الأمور من اليد، تمامًا، وغرق كل شيءٍ في دوامة التخبط والعشوائية والارتجال، وانحصر كل شيءٍ في مجرد شراء الوقت انتظارًا لقادمٍ لن يأتي.
لقد اتضح منذ الشهور الأولى من الحرب، أنه لا يوجد هناك جيشٌ يستحق اسمه. وليس هناك قادةٌ للجيش يستحقون أسماءهم، أيضا. وإنما رجال مالٍ وأعمالٍ يرفلون في البِزَّات العسكرية، تتلامع على أكتافهم وصدورهم النياشين. ولذلك، ليس مستغربًا أن آلت إدارة شؤون الحرب، وللسخرية، إلى كلٍّ من الناجي مصطفى والناجي عبد الله. فشرعا ينسربان من مدينةٍ إلى مدينةٍ، ومن قريةٍ إلى قريةٍ، داعين للاستنفار وتجييش المواطنين، بل وجاعلين من أنفسهم محقِّقين مع ضباط الجيش، الذين يجلسون في حضرتهم منكسرين مطأطئي الرؤوس، يستمعون إلى التحذيرات والتهديدات، ولا ينبسون ببنت شفة. ويعرف قادة الجيش أن ما يقوم به الناجيان ليس بذي مردودٍ عسكريٍّ يُذكر، لكنه، على علاته، يساعد في استقطاب مشاعر البسطاء من الناس، ليصطفوا بالتضليل المكثف وخلط الأوراق وراء هذه المغامرة الفجة التي أحرقت الأخضر واليابس.
ابتزاز حركات دارفور للبرهان
لأن البرهان وقبيله ما جُبلوا على الاعتراف بالأخطاء وإنما عُرفوا بكونهم ممن تأخذهم العزة بالإثم، فقد اتجهوا إلى الاستنجاد والاستقواء بحركات دارفور المسلحة، وغيرها لتحقيق النصر الذي طاشت سهامه منذ الوهلة الأولى. وبما أن تجارب الشهور الأولى من القتال قد أثبتت تواضع قدرات الجيش، فقد انتهزت حركات دارفور المسلحة الفرصة لتلوي ذراع الفريق البرهان، وكذلك ذراع الإخوان المسلمين من ورائه، لتحقق آمالها الجوهرية المتمثلة في المال والسلطة والوجاهة والقوة العسكرية الراجحة. لهذا، انخرطت المليشيات في القتال مع الجيش بعد أن فرضت على الفريق البرهان شروطها التي لا زالت تجدد فرضها.
جرى انخراط جبريل ومناوي في القتال إلى جانب الجيش تدريجيا. ففي بداية الحرب وقفا في الحياد، ودعيا إلى إنهاء القتال بالحوار. لكن في الفترة ما بين مايو ويونيو 2023 أخذا يميلان في خطابهما نحو الجيش وقيادات الكيزان المسيطرين عليه. وبعد أن استمرت الحرب حتى يوليو 2023، أعلن كلاهما انخراطهما في القتال إلى جانب الجيش. ويبدو أن التلكؤ الذي حدث من جانبهما في البداية قد كان بغرض أن يشعر الجيش أن قتاله من دونهما يظهر ضعفه حاجته إليهما، وأن هذا يقوِّي موقفهما في المساومة. فكلَّما تكرَّرت هزائم الجيش، وهذا ما حدث بالفعل، أصبح لي ذراع قادة الجيش وإخضاعهم لشروط ميلشيات دارفور أكثر إمكانا. بهذا الأسلوب، حصل كلاهما على مبالغ كبيرة نظير الخروج من الحياد، إضافة إلى المعدات العسكرية وضمان بقاءهما مسيطرين على وزارات ومؤسسات الموارد المالية، التي احتفظا بها حتى يومنا هذا. ولسوف يبقيان فيها ما بقيت عصابة بورتسودان، ومن ورائها الكيزان، ممسكين بالسلطة. وليس أدل على إحكام قبضهما على البرهان من فشل كامل إدريس في زحزحتهما عما بيدهما من وزارات ومؤسسات. بل، لم يؤثر في الأمر الصراخ الذي أطلقه بعض الكيزان، الذين كانوا يريدون استرداد هذه الوزارات والمؤسسات لأعضاء التنظيم.
لقد أثبت جبريل ومناوي أنهما مجرد لوردات حرب، وأن الحديث عن مظالم دارفور ليس سوى رايةٍ جرى رفعها لنيل المكاسب المالية والمكانة والوجاهة بلا مؤهلٍ سوى البندقية. فهما قد غدرا بالثورة التي جاءت بهما من البدو، واختارا الانضمام إلى معسكر كارهيها. ومناوي الذي حصل على منصب حاكم إقليم دارفور هرب من عاصمته الفاشر، بعد بضعة شهورٍ من بداية الحرب إلى مدينة بورتسودان، ليعيش آمنا في مركز السلطة الجديد. ولم ير قط أن من مسؤوليته كحاكمٍ للإقليم أن يبقى فيه وسط جنوده في معسكر الفرقة السادسة مشاة مدافعًا عن إقليمه وعاصمته. فقد فضَّل اللحاق بسوق المساومات الذي لاح بريقُه في بورتسودان.
على أعتاب الحقبة المظلمة للمليشياتِ
يظن البرهان وكيزانه ومشايعوهم من الصحفيين المأجورين أنهم الأكثر خبرةً ومعرفةً من بين جميع السودانيين. لأنهم قومٌ "لا يتوبون ولا هم يذَّكرون"، فقد واصلوا بإسرافٍ غير مسبوق في صناعة المليشيات، بعد أن فشلوا في حسم حربهم الخبيثة التي أشعلوها. فعقب مرور عامٍ على انضمام جبريل ومناوي إلى جانب مشعلي الحرب، عبرت في أواخر عام 2024 ما سُميت قوات "الأورطة الشرقية"، بقيادة الأمين داؤود الحدود الإريترية متوغلةً داخل أراضي شرق السودان، بعد أن أكملت تدريبها هناك. وقد اعترف قائد هذه الأورطة أمام الصحفيين بأن دولة إريتريا هي التي تولَّت تدريب هذه المليشيا، وأنها هي التي تدعمها بالأسلحة والتشوين. وأضاف أن الجيش السوداني لم يدعمها، وأنها لا زالت تحصل على تشوينها من إريتريا. وقد أغرت هذه السابقة النابئة الدالة على خروج سيادة البلاد وأمنها من يد البرهان وكيزانه، محمد سيد أحمد الجاكومي أن يعلن أنه بصدد أخذ خمسين ألف فردٍ من أبناء الإقليم الشمالي للتدريب في إريتريا. ولا أشك أبدًا في أن الفريق البرهان ومخابراته هم الذين أوحوا له بذلك.
الآن توجد في أقاليم الشرق والوسط والشمال، التي يسطر عليها الجيش الإخواني، المليشيات التالية: مليشيا جبريل إبراهيم، ومليشيا مني أركو مناوي، ومليشيا مصطفى تمبور، ومليشيا مالك عقار، ومليشيا الأمين داؤد، ومليشيا شيبة ضرار، ومليشيا أبو عاقلة كيكل، ومليشيا الكيزان المسماة جيشًا، ومليشيا البراء ابن مالك التابعة للتنظيم، وربما هناك مليشيات أخرى أصغر حجما. وأخطر هذه المليشيات هي مليشيا المشتركة. فقد بقي كل من جبريل إبراهيم ومني أركو مناوي سنين عددا في وزارات المال. ولقد كان غرض جبريل منذ البداية، كما قال ذلك بلسانه وهو يحدث جنوده، أن عليهم أن يعرفوا ألا يقفوا عن حدود ما أنجزوه وقتها، لأن الهدف الأقصى هو حكم السودان. وكشخصٍ تربَّي في كنف الكيزان، يعرف جبريل إبراهيم أن المال والسلاح هما السبيل إلى السلطة. وأن حيازة المال هي التي تضمن حيازة السلاح النوعي، وهي التي تضمن، أيضًا، القدرة على تجنيد المقاتلين. لذلك حرص جبريل على تولي وزارة المالية تحت ذريعة ضمان وصول المال المستحق إلى إقليم دارفور، وفقًا لما نصَّت عليه اتفاقية جوبا. ويعجب المرء حقًا كيف تصور جبريل إبراهيم إن في وسع حركته حكم السودان، وهي حركةٌ لا تمثل أعداد القبيلة المكوِّنة لها سوى ما بين 1.8% و 2.3% من سكان دارفور. أما على مستوى السودان فلا تمثل أعدادها سوى 0.4% من جملة سكان السودان! لقد جعلت هذه الحرب من جبريل ومناوي لوردات حربٍ بإمكانياتٍ بالغة الضخامة. ولسوف يظهر التأثير الكارثي لهذا التحول في مقبل الأيام.
خلاصة القول، إن الأراضي الواقعة تحت قبضة الكيزان؛ المتمثلة في أقاليم الشرق والوسط والشمال، هي أرض المعركة القادمة بين هذه المليشيات التي تتشاطر هذا الفضاء الواسع المضطرب. فقد أضحت هذه الأقاليم الثلاثة محشوَّةً حشوًا بالمليشيات. وهي مليشيات متضاربة الأهداف كارهة لبعضها. يضاف إلى ما تقدم، فإن إريتريا قد وجدت فرصتها التاريخية في السيطرة على إقليم شرق السودان. وقد أتاح البرهان لها عبر مليشيا الأمين داؤود منذ لقائه مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، والرئيس الإريتري أسيَّاس أفورقي في أسمرا في أكتوبر 2024 حرية التدريب في إريتريا وعبور الحدود إلى داخل الأراضي السودانية.
عقب سقوط الفاشر وسقوط الأبيض، وهما وشيكان، فيما يبدو، سيصبح مجمل الإقليم الغربي من السودان المتمثل في كردفان الكبرى ودارفور الكبرى، الأكثر أمنًا واستقرارًا وقابلية لعودة الحياة الطبيعية. وسوف تصبح أقاليم الشرق والوسط والشمال الأكثر عنفًا واضطرابا وفوضى وانعدامًا لفرص الحياة الآمنة المستقرة. وحينها سيبدأ، في تقديري، موسم الهجرة إلى الغرب. فاختلاط المليشيات في هذه الأقاليم الثلاثة وتضارب الأجندات وتعدد القيادات العسكرية وضعف القدرة على السيطرة على تفلُّتات الجنود، وعلو خطاب الكراهية، واستهداف الضعفاء من مواطني الغرب في مدن وقرى الشرق والشمال والوسط، قد جعل هذه الأقاليم الثلاثة تجلس الآن فوق برميلٍ من البارود .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.