سايمون دينق يقول الاديب البريطاني ذائع الصيت برنارد شو حول العسكر في كتابه الأشهر، الرجل والسلاح (كل عشرة من العسكر تسعة منهم يولدون أغبياء). إن جاز لي ما استحق ان اباهي و افتخر به ، فأنا بكل شرف افتخر بأنني لم امتهن "العسكرية" يوما كمهنة لي في حياتي، هذا بالطبع ان استثنينا ما يسمى بالخدمة الوطنية.. واعني (الخدمة العسكرية الإجبارية) التي ابتدعها إسلاميو السودان واكتوى اغلب أبناء جيلنا بنارها قبل الانشطار العظيم الذي قسم البلاد السودان الي دولتين. طالعنا خلال الأيام القليلة الماضية عبر وسائط الميديا والمواقع الاخبارية حدثين ماسأويين، تجلى فيهما بكل وضوح ( الغباء الفطري) الذي يجرى في دماء بعض العسكر .. ففي الحدث الأول، تولى قائد عسكري في ولاية واراب مهمة الشرطة التي لا دخل للجيش بها وقام باعتقال ثمانية أشخاص مشتبه بهم في جريمة سرقة ابقار وأمر جنوده بحبسهم داخل حاوية شحن (كونتينر) واغلق عليهم الباب، وفي صباح اليوم التالي بتاريخ 8 مايو الجاري عند فتح الباب وجدوا سبعة أشخاص قد توفوا اختناقًا، بسبب عدم وجود (تهوية) داخل الكونتينر والثامن مغشيا عليه وحالته حرجة.. والمؤلم في الأمر أن أسرة واحدة فقدت أربعة من خيرة ابنائها في هذا الحادث المأساوي الغبي. مما لا شك فيه، فإن قائد الجيش الذي أمر بحبس المتهمين داخل الحاوية المغلقة لابد انه بهذا الفعل (الغباء) المتأصل فيه يؤمن بأنه لا فرق بين (انسان حي) وكرتونة بسكويت أو جوال عيش ، فكلاهما اشياء قابلة للتخزين في غبائه ولا اقول في اعتقاده، والأعجب من ذلك..! لا احد من حاشيته (الجنود)، فتح عليه الله ولو بنصف عقل يفكر ويخبر سعادته قبل وقوع الكارثة بأن (الهواء) عنصر مهم وضروري لتنفس جميع الكائنات الحية، وهذا غير متوفر داخل (الحاوية) محكمة الإغلاق… ولكن هكذا هم العسكر. قد يقول قائل بأن هذا الغباء الذي قاد الي الكارثة التي تحدثنا عنها مجرد حدث استثنائي وغير قابل للتعميم على جميع العسكر ، وانا اوافقه الراى، نعم هو كذلك، ولكن إليس من الغباء ايضا أن ننفي عنهم صفة أصيلة فيهم، بل تكاد أن تكون ماركة مسجلة باسمهم..!؟ حدثني أحدهم أنه خلال حرب رفاق حزب الحركة الشعبية التي جرت أحداثها في مدينة جوبا عام 2016، قال إن أحد الجنود خشي على حياة أسرته المكونة من خمسة أشخاص أثناء المواجهات العسكرية المميتة، فما كان منه إلا وقام بادخال جميع أفراد الأسرة الي داخل حاوية (كونتينر) واغلق الباب عليهم ثم حمل بندقيته وخرج الي الشارع ليقاتل وهو يظن أن أسرته في مأمن، شاءت الأقدار وأصيب هو بطلق ناري في صدره، وجرى إسعافه الي المستشفى ومفاتيح الحاوية في جيبه. ياترى هل تنتظرون مني أن اكمل لكم باقي القصة؟ … لا.. سأكون "عسكريا" إن فعلت، عفوا، اقصد قد أكون غبيا أن حدثتكم بنهاية هذه المأساة. أما الحدث الآخر، فجرت احداثه في الجارة الشمالية (دولة السودان) حيث اعتقل الاغبياء هناك .. عذرا .. أعني اعتقل الجيش هنالك رئيس حزب المؤتمر السوداني في ولاية الجزيرة الاستاذ: صلاح الطيب موسى، وجرى تعذيبه حتى الموت، وبعد ذلك، فشلت عقلية من قتلوه في صياغة حجة متماسكة مقنعة للأطفال ناهيك عن الكبار حول سبب موته، فقالوا إن المرحوم هرب ليلة اعتقاله الي وجهة غير معلومة، وبالتأكيد لم تصمد الكذبة ساعة واحدة، وارتفعت أصوات الأهالي الذين يريدون معرفة ما حل بابنهم، وتحت الضغط المستمر عاد الجيش ليقول أن المرحوم تعرض أثناء الاعتقال الي لدغة ثعبان أدت إلي موته وقاموا بدفنه .. فازدات الضغوطات عليهم أكثر من أي وقت مضى، وانتهى الامر بنبش الجثمان من القبر، وحتى الآن لم يستطيع اغبياء الجيش أن يشرحوا لاهل المرحوم نوع الثعبان الذي يمتلك اسنان مثل (الساطور) الذي شق به راس المرحوم الي اثنين. الجدير بالملاحظة هو أن جميع اغبياء العالم الذين نعرفهم بطبعهم اناس بسطاء ودائما ودودون وبريئون كالاطفال لا يتعمدون إلحاق الاذي بالناس الا عن طريق الصدفة غير المقصودة، أما اغبياء الجيش، فنجدهم وحوش شيطانية يتلذذون باذية الناس بغباءهم الفطري وهذا شيء محير..! لانه لماذا تستثنيهم القاعدة!؟ … والسؤال الكبير هو: كيف يمكن ايقاف هؤلاء الاغبياء من الاستخدام السيء للسلطة التي في يدهم؟ والاهم متى سيكون هناك عسكر يحترمون القانون وينفذونه بالعدل ولو على أنفسهم وتزول من دواخلهم نفخة العظمة الزائفه؟ في مثل عامي يتردد في الشمال بقولوا ( العسكري كان قروش ما تختها في جيبك) وما ح أفسر المثل. ألقاكم. جوبا – صحيفة الموقف