حملة صحافيون ضد الاعتقال للتضامن مع المعتقلين #المعتقلات_مقبرة_النظام_لدفن_حريتنا إفادات عبد المنعم رحمة ( منعم جلابة ) مادمت لست منهم فلا يهمهم ماتنزف من دم أو ما تفقد من كرامة وإنسانية .. عفوا فأنت ما أنت بإنسان في نظرهم كل شئ فيك منتهك حواسك معطلة بفعل فاعل لا يرحم مُقيدٌ أعمى ، مهانٌ وفوق كل ذلك يتقاذفونك من مكان الى آخر ، و يركلونك كما الكرة فتبتذل كرامتك بين "أبواتهم" وأنت بلا أب ولا بواكي عليك سوى ماتبقى من دموعك إن كانت أحاسيسك وأعصابك مازالت تتأثر وتتفاعل مع الآلام ... كيف تشعر بالألم وانت في هذا المستوى من العذاب ... ومالجرح بميت إيلام. لم يختلط لديك (الريد بالدم) مثل اقرانك الأحرار انما اختلط فيك الدم والدموع مع اللحم والعظم ومازالت فيك لهم بعض المتعة والتسلية. عذرا الملابس نسيتها فلم تعد هي ما يستر ويغطي فقد امتزجت في خليط الدم واللحم والعظم والدموع. طريقة موتك عليك ان تختارها بنفسك ف"ديمقراطية الموت" تفرض عليهم ذلك انهم ديمقراطيون في ذلك فهل هناك ارحم من ان تختار طريقة موتك؟ . ما بين الموت بشَّدى على عربتي اللاند كروزر ، أو الذّبح من (الأضان الى الأضان) ، او تقطيعي إربا إربا .. خيرني الشاويش.. ولم اكن لاختار خيارا لا يعجبهم فأجبت ضاحكا هازئا : (على كيفك) و لم يزده ضحكي إلا قسوة واستهتارا . فراح يكيل الي السباب وينعتني بمجهول الهوية والتاريخ والجغرافيا أنت .... من أنت ؟ وجردني وقتها من وطني وديني وكل شئ. فأن تكون أسيرا ، هو أن تكون معرضا للعدم أن تعدم بالتجزئة .. أن تصبح دمية ولكن دمية مطيعة وفيها من الحياة مايجعلها تلبي النداء . اقعد تحت قوم فوق .. ارنب نط .. لا تستحق شيئا سوى السياط وأصواتها وأصواتهم. ولكن أين احساسك .. لماذا لا تصرخ .. لماذا لا تبكى وكيف لهذا العقل أن يظل في مكانه رغم كل مايحدث لماذا كل هذا وانت تتأرجح بين (النجمة) و (الصقر) و (الشريط) و احذر حضرة الصول. .. يا للهول أين شاربك يا (ابوشنب) لقد تلاشت الشوارب نتفا وحرقا الفم لم بعد ثغرك الباسم بل اصبح مثارا للدهشة وجاذبا للذل والذباب بعد أن فقد أسنانه التي تبين عند الشدة والغضب. و الأدهى و الأمر هو كسر ركبتك إذ كنت تكتب عموداً فى تلك المجلة التى تصدرها أنت و رفيقة لك من الدمازين ، كان إسم المجلة (الزرقاء) ، و كان إسم عمودك (دَّق العصا فى الرُكب) و فيه تتحدث عن كثافة الوجود العسكري فى الدمازين (مقر الفرقة الرابعة – مشاة) و تطالب بترحيل الفرقة خارج المدينة . فما كان من عصبجية الإستخبارات العسكرية إلّا أن أتوا بالمجلة ، و فتحوها علي العمود و صاحوا : - الليلة البيان بالعمل . و كسروا ركبتي نعم كسروها لكنهم فشلوا فى كسر إرادتى و تغيير ما أُؤمن به من مبادئ . قلت لمدير جهاز الأمن القومي ، وقد جاء لزيارتى عندما فرضوا علي (الإقامة الجبرية) و لمدة 6 اشهر ، قلت له : - و أنت تعلم إنني ملكي ، مدني من الجزمة لى الزرارة ، و لا صلة لي بالجيش ، لماذا لم تسجننى فى زنازين الأمن ؟ قال صادقاً : - لقد رفضت إستلامك لأنك حالتك كانت بالغة السوء. القصة التالية قصها علي أكثر من أسير : و قتها صرنا أكثر من 40 أسيرا ، قيدوا ايادينا والقونا في شاحنة (قلاب تراب) ولم نكن ندري إلى أين وجهتنا. الشاحنة تتوقف فجأة ويسحب أحدنا عشوائيا ليطلق عليه الرصاص واختيار الضحية يتم وفقا لمزاج القائد، لتواصل الشاحنة مسيرها ونواصل نحو المصير المجهول. انتهى بنا المطاف ذات غروب إلى حيث لا ندري ووجدنا اخرين مثلنا حينها قارب عددنا المائة إن لم نكن تجاوزناها وكل ما أذكر انه تم اقحامنا عنوة داخل حاويتين (كونتينر) و الكونتينر كان شبه متجمد من البرد.. واخرجونا في الصباح للتدفئة (التسخينه) والتسخينة هي خبط عشواء يضربونك كيفما اتفق واينما وقع بعدها أعادونا للكونتينر الذى تحول الى قلاية بحرارة الشمس و تقارب الانفاس لشدة الازدحام. حينها سمعنا صوت أحد كبار القادة الذى كان قد وصل المكان للتو ووجه بعدم حبسنا فى الكونتينر و اغلاقه علينا وذلك من فضل الله علينا . لمدة اسبوع كامل ظللنا قياما نياما نتنفس خارج ذلك الكونتينر اللعين ، كما توقفت التسخينه .. ثم فجأة ، و على حين غفلة هرب منا 3 أشخاص ، لتتغير المعاملة على الفور ، وتم تقسيمنا عشوائيا في حاويتين احداهما مفتوحة والأخرى مغلقة و حوالى الساعة الرابعة صباحا أمرنا بالتحرك نحو الحاوية الثانية (الكونتينر) وداخل ذلك الكونتينر رأينا ما لم يخطر على قلب بشر منا.. رأينا بعض الموتى يركمون بعضهم فوق بعض.. وشاهدنا أوضاعا مأساوية لمن هم لل زالوا أحياء بلا حراك ولايستطيعون حتى التحكم في مايخرج من السبيلين .. أقول ذلك آسفا لبشاعة المشهد وخلاعة السرد فقد رأيت يومها أناسا تتلطخ ملابسهم اكرمكم الله بالبراز وتتبلل بالبول ويعجزون عن انقاذ أنفسهم من هذه الحالة الصديد والقيح كان يخرج من الوجوه عيونها وانوفها وألوانهم لا تكاد تبين روائحهم بالطبع لاتحتاج الى كثير عناء لوصفها وكلكم قد يتخيل هذا المشهد الان وتبعاته المادية والمعنوية هكذا كان حالنا. في الحاوية التي فتحت كان عدد الموتى نحو 16 شخصا نقلناهم الى قطية قريبة ليتم دفنهم في اليوم التالي . عدد من بداخل الحاوية كان 55 شخصا بعضهم فقد عقله وكلهم حاول الهرب بمجرد فتح الحاوية، ولكن تم القبض عليهم واصبحوا يرتعشون في قبضة الجلادين ولم تفلح محاولات تهدئتهم. والبعض دخل في حالة من اللا وعي والهزال بل إن احدهم أصيب بشلل كامل. قضينا فى ذلك المكان 5 أيام ، قبل أن يتم ترحيلنا الى موقع آخر حيث وجدنا قوما آخرين كان سجنهم عبارة عن حظيرة من الأشواك (زريبة) تحرسها مجموعة من العتاة الغلاظ ، كانوا يطعمونهم الدوم و اللالوب فغارت عيونهم وشحبت ألوانهم وتبدلت جلودهم. رأيت احدهم مصلوبا بين عودين (شعبتين) و يدلق عليه الماء من وقت لآخر ، و هو بلا حواس . و آخر مقطوع (العراقيب) وغيرهم وغيرهم. رأيت قرية كاملة من قرى الإنقسنا جيئ برجالها حتى المسنين منهم الى مبنى الإستخبارات العسكرية ، و طرحوهم أرضاً كما البساط و راحوا يطأونهم بالأقدام جيئة وذهابا ويمعنون في الإساءة إليهم لدرجة القذف .