جاءت الأخبار في الصحف العربية يوم الخميس 16/ مايو الحالي ، أن أعمال الدورة الثالثة والثلاثين لاجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة قد انعقدت في المنامة بحضور ملوك وقادة ورؤساء وفود الدول الأعضاء في الجامعة العربية وبحضور القادة العرب والأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط ، وعدد من الضيوف الأجانب منهم: الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش ، والممثل الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا – نائب وزير الخارجية ميخائيل بوجدانوف ، بل وقمة المفاجأة أن الرئيس السوري حافظ الاسد شارك بشخصه وكان من ضمن الرؤساء الذين شاركوا في أعمال هذه الدورة. أغلب الصحف العالمية نشرت في صفحتها الاولي ما جرى من نقاش في المداولات بالجلسة الأولى للدورة ، وأفردت الصحف العربية مساحات كبيرة خطب الرؤساء ، وبثت المحطات الفضائية العربية والغربية لقطات حية ابرزت فيها نشاط الوفود المشاركة. سبق أن تلقي البرهان دعوة من الشيخ/ حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة للمشاركة في أعمال الدورة الثالثة والثلاثين لاجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة ، ونشرت الصحف والمواقع السودانية خبر هذه الدعوة التي تلقاها البرهان، وكان الاعتقاد الجازم عند الكثيرين من المواطنين أن البرهان سيبادر بصدر رحب قبول الدعوة البحرينية للمشاركة في الدورة والتي هي بالنسبة له فرصة يوضح فيها للرؤساء والوفود المشاركة حقائق كثيرة عن ما جري في السودان خلال ال(13) شهر الماضية من أحداث دامية ، وإنها ايضا كانت فرصة أن يطلب البرهان من الرؤساء والمؤتمرين الدعم العاجل والسريع لنجدة اكثر من خمسة ملايين يعانون من الجوع القارص والفقر الشديد مما جعل بعض الاهالي في المناطق المهمشة وبمعسكرات اللجوء الي اكل اوراق الشجر. كنا نتوقع من البرهان بعد تلقيه الدعوة البحرينية ، أن يشد الرحال للمنامة مصحوبة بالنية الاكيدة علي المشاركة بجدية في هذه الدورة في محاولة منه وبحضوره في هذا اللقاء أن يعوض ما أضاعه من هيبة وكاريزما ، وأن يسعى بالفعل إثبات انه الرئيس الفعلي السودان ، وان كل ما قيل عنه ووصف بانه مجرد رئيس لا حول له ولا قوة ، وأن كل الامور في الشأن الداخلي والخارجي قد آلت بكاملها ل"لحركة الاسلامية" وانه ينفذ تعليمات الأمين العام للحركة الاسلامية علي الكرتي هي مجرد اشاعات لا اساس لها من الصحة. كنا نتوقع أن البرهان سيسافر من بورتسودان الي المنامة تماما كما سافر من قبل الي عشرة دول خلال الفترة من أغسطس 2023م حتي اليوم بعد خروجه من الخرطوم، كنا نتوقع أن يكون له هناك في اجتماع الدورة حضور لافت خصوصا وان اغلب هؤلاء الرؤساء اصلا لم يلتقي بهم من قبل بما فيهم صاحب الدعوة البحرينية الشيخ/ حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة ، وأن هؤلاء الرؤساء يصغون بانتباه شديد لكل كلمة يقولها عن بلاده المنكوبة بالكوارث عسي أن يفهموا منه غموض ما يجري في السودان خصوصا بعد إنقطاع الانترنيت. كانت المفاجأة الصادمة التي الجمت الجميع في السودان وايضا ادهشت الرؤساء باستغراب شديد في اجتماع المنامة، أن البرهان قد تخلف عن الحضور دون توضيح أسباب او اعتذار مكتوب!!، عدم حضوره الاجتماع فجر عشرات التساؤلات وإن كانت هناك اسباب قوية منعته الاقلاع من بورتسودان القريبة من المنامة- مقارنة برحلته الي تركيا-؟!!، ومما زاد من غموض عدم السفر أن وزارة الخارجية لم تعلن عن سبب عدم مشاركة البرهان؟!!، ولا نطق الناطق الرسمي باسم مجلس السيادة بحرف حول سبب التخلف!! . هناك خمسة أسباب وراء عدم سفر البرهان للمنامة ، واحدة من هذه الاسباب حتما هي الصحيحة: اولا:- بعد أن ساءت العلاقات بين دولة الإمارات ونظام البرهان الي درجة الجمود ، ووصلت الي حد هجوم مسؤول كبير- "ياسر العطا"- علي الامارات بأسلوب بذيء لم نألفه من قبل في العلاقات السودانية مع الدول الاخري ، وسكت البرهان عن رضا تام علي هذه البذاءات وعدم اتخاذ اي إجراء تحقيق ومساءلة ، خشي البرهان إنه في حال وجوده بالمنامة قد يلتقي بالشيخ/ محمد بن زايد آل نهيان الذي حتما سيرد له "الصاع صاعين" ويلقنه درس في احترام الدول وكيف يكون التعامل بينها ، خشي البرهان أن يقوم شيخ الامارات ب"مرمطته شر مرمطة" علي مرأي وسمع من كل الرؤساء ورؤساء الوفود والصحفيين… البرهان عمل بالمثل المعروف :- "الباب البجيب الريح… سدو واستريح". ثانيا:- أن يكون البرهان قد تلقى رسالة سرية من سفارة نظامه في المنامة تحذره من الحضور للمشاركة في الجلسة بسبب عدم وجود ارتياح صادر من أغلب الرؤساء العرب من سياسته (البرهان) الدموية التي أفقرت البلاد وهدمت المدن وجوعت الشعب ، وانه قد يتعرض منهم لموجة من الاسئلة التي قد تربكه وتعرضه للاحراج. ثالثا:- المعروف عن البرهان إنه يكره الصحفيين كره شديد ، وإنه منذ استلامه السلطة في أبريل 2019م – اي طوال خمسة سنوات وشهر- حتي الان لم يلتق الا بعدد قليل للغاية من الصحفيين والمراسلين الاجانب ولا يميل لعقد لقاءات صحفية ، ويخاف خوف شديد من اسئلة الصحفيين لما فيها من ادانات علي جرائمه وفساد النظام ، لهذا وخوفا من الالتقاء بصحفيين في المنامة وتلقي الاسئلة منهم قرر البرهان عدم مغادرة بورتسودان. رابعا:- هناك احتمال أن يكون السبب في عدم سفر البرهان للمنامة تلقيه أمر من "الدباب" الأمين العام للحركة الاسلامية علي كرتي بعدم حضور أعمال الدورة الثالثة والثلاثين لاجتماع مجلس جامعة الدول العربية. خامسا: قد يكون عدم رغبة البرهان في السفر الي المنامة والالتقاء بالرؤساء العرب تكمن في عدم رضاه واستنكاره من مواقف البلاد العربية معه في حربه ضد قوات "الدعم السريع" ووقوفها موقف المتفرج من أزمة السودان ولا تبالي بما يحدث من قتال ودمار ، وانه لم يجد منها اي تآزر وسند. [email protected]