عالم فلك يفجّر مفاجأة عن الكائنات الفضائية    فيتش تعدل نظرتها المستقبلية لمصر    السيد القائد العام … أبا محمد    اتصال حميدتي (الافتراضى) بالوزير السعودي أثبت لي مجددا وفاته أو (عجزه التام الغامض)    تمندل المليشيا بطلبة العلم    الربيع الامريكى .. الشعب العربى وين؟    الإتحاد السوداني لكرة القدم يشاطر رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الأحزان برحيل نجله محمد    ((كل تأخيرة فيها خير))    هيفاء وهبي تثير الجدل بسبب إطلالتها الجريئة في حفل البحرين    قطر.. تنظيم دخول وخروج الوافدين وإقامتهم الصادرة    وصف ب"الخطير"..معارضة في السودان للقرار المثير    والى الخرطوم ينعى نجل رئيس مجلس السيادة    قبل قمة الأحد.. كلوب يتحدث عن تطورات مشكلته مع صلاح    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    مستشار سلفاكير يكشف تفاصيل بشأن زيارة" كباشي"    وفاة محمد عبدالفتاح البرهان نجل القائد العام للجيش السوداني    شاهد بالصورة والفيديو.. فنانة سودانية تحيي حفل غنائي ساهر ب(البجامة) وتعرض نفسها لسخرية الجمهور: (النوعية دي ثقتهم في نفسهم عالية جداً.. ياربي يكونوا هم الصاح ونحنا الغلط؟)    شاهد بالصور والفيديو.. حسناء سودانية تسخر من الشباب الذين يتعاطون "التمباك" وأصحاب "الكيف" يردون عليها بسخرية أقوى بقطع صورتها وهي تحاول تقليدهم في طريقة وضع "السفة"    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    قائد السلام    واصل تحضيراته في الطائف..منتخبنا يؤدي حصة تدريبية مسائية ويرتاح اليوم    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    دعم القوات المسلحة عبر المقاومة الشعبية وزيادة معسكرات تدريب المستنفرين.. البرهان يلتقى والى سنار المكلف    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    موعد مباراة الهلال والنصر في نهائي كأس الملك !    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الخميس    العقاد والمسيح والحب    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    الحراك الطلابي الأمريكي    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرئيس الأسد للشيخ حمد: \"هل جئت بإملاءات أميركية\"؟..علي كرتي في حضور الأسد: « التفاوض مع الغرب هو الطريق الأسلم للخروج من أزماتنا»،احد أعضاء الوفد السوري « تفاوضكم أدى إلى اقتطاع جنوب السودان ورفع الأعلام الإسرائيلية فيه»
نشر في الراكوبة يوم 20 - 11 - 2011

(حين يتهم المؤتمر الوطني كل المعارضة بالعمالة للغرب تصبح نكتة!! ولكن حين تأتي العبارة من رجل كان على رأس قوات الدفاع الشعبي و"ينصح" الأسد..يصبح المجموع نكتتين!!
تقديم وتعليق: شوقي إبراهيم عثمان
بقلم سامي كليب – صحيفة السفير
(حين يتهم المؤتمر الوطني كل المعارضة بالعمالة للغرب تصبح نكتة!! ولكن حين تأتي العبارة من رجل كان على رأس قوات الدفاع الشعبي و"ينصح" الأسد..يصبح المجموع نكتتين!! أما الثالثة لقد كشف علي كرتي "القانون الداخلي" للمؤتمر الوطني وهو التفاوض مع الغرب..لذا كانت الضحكات الحميمة ما بين د. نافع وهيلاري كينتون في أثيوبيا، وبالطبع هذا القانون قانون خليجي تبناه المؤتمر الوطني بحذافيره بشكل مبطن، بل هو "مفتاح" العلاقة المستقبلية ما بين السلفية والولايات المتحدة الأمريكية، وستحصد لها السلفية الحربية ما عجزت أن تحصده لها إسرائيل في لبنان وسوريا الخ..).
إليكم المقالة الهامة كاملة للصحفي سامي كليب:
يروي دبلوماسي عربي في القاهرة أن الرئيس السوري بشار الأسد اتهم رئيس وزراء قطر الشيخ حمد بن جبر آل ثاني بأنه ينفذ «إملاءات أميركية»، وقال له «أنا أحمي شعبي بالجيش أما أنت فتحميه بالقواعد الأمريكية الموجودة على أرضكم»، مضيفاً «لو أنكم جئتم إلى دمشق كوفد لجامعة الدول العربية فأهلاً بكم، أما إذا كنتم موفدين من قبل الأمريكيين فمن الأفضل ألا نناقش شيئاً».
جرى ذلك في خلال استقبال الأسد لوفد الجامعة العربية في 26 تشرين الأول الماضي، فتشنجت الأجواء قليلا، وردّ المسئول القطري قائلا «لو كنت أميركياً فسوف ألتزم الصمت» فرد الأسد قائلاً «أنت قطري ولكنك تنفذ إملاءات أميركية»، وبالفعل التزم الشيخ حمد الصمت ثم راحت الأجواء تترطب شيئاً فشيئاً وانتهى اللقاء بخطة عربية لإنهاء الأزمة السورية.
كانت دمشق تشعر منذ البداية بأن في التحرك العربي دوراً قطرياً «مشبوهاً»، وفق تعبير مسئول سوري، وسعت للالتفاف عليه من خلال القبول بالمبادرة العربية، رغم أن بعض بنودها كانت تعتبر «خرقاً للسيادة السورية». ولوحظ انه بعد الرفض العلني الذي عبر عنه سفير سوريا في القاهرة يوسف احمد لتلك المبادرة في حينه، عادت دمشق تفتح أبوابها للجنة، لا بل وتقبل بأن يكون الشيخ حمد هو رئيس الوفد الزائر.
وقد «جاهد» وزير الخارجية السوري وليد المعلم في خلال استقبال الأسد للوفد العربي لتعديل بعض بنود المبادرة العربية، ذلك أن المسئول القطري كان يوحي لمضيفيه بأنه لا يقبل أي تعديل على بنود سحب الجيش تماماً، كما لم يقبل أي استخدام لعبارة «إرهاب»، وكاد ألا يقبل أن يصار إلى تسمية المسلحين في الشوارع.
ويروي الدبلوماسي العربي في القاهرة، أن اللقاء الأول بين وفد الجامعة العربية والأسد تخللته بعض اللقطات المضحكة، ومنها مثلا حين أخرج نائب الأمين العام للجامعة احمد بن حلي مبادرة الجامعة وراح
يقرأها على مسمع الحاضرين، فصرخ به الشيخ حمد قائلاً «ليست هذه هي المبادرة التي نريدها وإنما الثانية»، وراح بن حلي يبحث في جيوبه عن النص الثاني ولم يجده، فضحك الأسد وضيوفه.
تعددت آنذاك نصوص المبادرة، واستقر الرأي على تلك التي دعت إلى سحب «المسلحين» من الشوارع، بمعنى أن العرب اعترفوا بوجود مسلحين غير الجيش الرسمي. وجرى اتفاق ضمني على أن تكون جلسة الحوار الأولى بين وفد السلطة والمعارضة في قاعات الجامعة العربية بالقاهرة.
يقول السوريون إنهم شعروا ب«أن فخاً كان ينصب»، ولكن العلاقة القوية مع موسكو فرضت قبولا بشروط عربية لم تكن دمشق لترتضيها في ظروف أخرى. كان لابد للقيادة السورية من بعث رسالة واضحة لموسكو مفادها أن هذه القيادة منفتحة على الحوار وعلى كل المبادرات العربية، فهذا وحده كفيل بتقوية دعائم الموقف الروسي في مجلس الأمن بغية الوقوف في وجه المساعي الأمريكية والفرنسية والأوروبية لاتخاذ مواقف صارمة أو لتشريع التدخل الدولي.
كان بند «سحب المسلحين» هو الأكثر خطورة على القيادة السورية، فكيف لها أن تسحب الجيش من مناطق باتت مسرحاً لحرب أهلية على غرار حمص. قال الشيخ حمد «لا بد من سحب الجيش ووقف قتل المتظاهرين»، رد الأسد عليه بالقول «إن الجيش لا يقتل المتظاهرين وإنما يلاحق الإرهابيين والمسلحين، ولو كان لديك حل لهؤلاء تفضل وقدمه لنا».
يقول السوريون إنهم شعروا منذ ذاك اللقاء بأن قطر تستكمل هجومها على سوريا، الذي كانت بدأته عبر قناة «الجزيرة» وعبر التحرك حيال المعارضة والإخوان المسلمين وبالتعاون مع عواصم قرار غربية. وأن ذلك كان واضحاً في لقاء اللجنة العربية مع الأسد، فالضغط القطري على الوزير السوداني مثلا دفع بهذا الأخير إلى حد القول في حضور الأسد: «إن التفاوض مع الغرب هو الطريق الأسلم للخروج من أزماتنا»، فقال احد أعضاء الوفد السوري «إن التفاوض أدى إلى اقتطاع جنوب السودان ورفع الأعلام الإسرائيلية فيه».
ويروي الدبلوماسي العربي في القاهرة أن دمشق شعرت أيضا بأن الأمين العام للجامعة العربية بات خاضعاً للضغط القطري، فحين تحدث مثلا نبيل العربي أمام الأسد عن «وقف العنف من قبل كل الإطراف»، نظر إليه الشيخ حمد بشيء من التنبيه والتحذير فكاد يتراجع، وحينها تدخل وليد المعلم ليقول له «ولو! هكذا تتراجع بسرعة»، فما كان من العربي إلا أن عاد وأكد على موقفه.
وفي خلال الأيام العشرة التي تلت الإعلان عن المبادرة العربية، بعث وليد المعلم برسائل كثيرة إلى الجامعة العربية يبلغها فيها بما تم تنفيذه من بنود المبادرة، فقد تم سحب الجيش من كثير من المناطق، واستبدل برجال شرطة وأمن داخلي، وتم قبول مجيء صحافيين عرب وأجانب، وأطلق سراح دفعة أولى من المعتقلين، وتم الإعلان عن العفو عمن يسلم سلاحه شرط ألا تكون يداه ملطخة بالدماء.
اعتقدت القيادة السورية أن ذلك سيسمح بتبريد الأجواء ولكنها بقيت حذرة جداً من التحرك القطري. كانت بعض أطراف المعارضة وخصوصاً في هيئة التنسيق تتقبل الإشارات، وترسل ببعض الإيحاءات الإيجابية لجهة استئناف الحوار أو الشروع بحوار عميق، وتردد كلام عن تبادل عروض بشأن المستقبل السياسي ومستقبل المشاركة في السلطة.
تم إرسال مضمون كل ذلك إلى موسكو، وتبين أن الإدارة الروسية حرصت على تشجيع المبادرة العربية وقالت كلاماً إيجابياً بشأن التجاوب السوري، وتردد أن موسكو بعثت برسالة إلى الجامعة العربية تنصح فيها بالتروي وبعدم اتخاذ مواقف متشنجة حيال القيادة السورية، ونصحت كذلك بتشجيع الرئيس بشار الأسد على المضي قدماً في قبول المبادرة والانفتاح على الإصلاح.
الضغط الأميركي والموقف العربي:
ثمة شيء حصل في تلك الأيام العشرة. لم يكن أحد يتوقع مسارعة الجامعة العربية لاتخاذ موقف حازم حيال دمشق يقضي بتعليق العضوية. يقول معارضون سوريون من هيئة التنسيق إنهم حين ذهبوا إلى القاهرة والتقوا بنبيل العربي لم يشعروا بأن ثمة إعداداً لمثل هذا القرار. لكن القيادة السورية توقعت «شيئاً سلبياً» منذ التحاق وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل باجتماع اللجنة الوزارية. قالت أوساط سورية إن أميركا مارست أقسى الضغوط في الساعات الأخيرة لرفع اللهجة العربية ضد سوريا. سبق ذلك تصريح لوزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه يقول «إن المبادرة العربية ماتت»، وبين هذا وذاك صدر التصريح الأميركي الداعي المسلحين السوريين لعدم تسليم سلاحهم.
يقول السوريون إنهم لم يفاجئوا فعلا بموقف الجامعة، ولكنهم فوجئوا بالتوقيت، وفوجئوا أيضا بأن الوزراء العرب لم يترددوا في دعوة رئيس ما يسمى المجلس الوطني المعارض برهان غليون إلى طاولتهم في فندق الفورسيزنز، وهو ليس وزيراً للخارجية. قُرئ الموضوع من عنوانه.
كانت دمشق تتوقع أن تصدر الجامعة موقفاً «سلبياً» في ختام المهلة التي أعطتها للقيادة السورية، ولكنها ما انتظرت سرعة القرار. ولذلك ثمة جزم سوري بأن الأمريكيين دخلوا على الخط في الساعات الأخيرة.
يقول مسئول سوري له خبرة طويلة في أروقة الجامعة: «نحن نعرف كيف تصاغ القرارات في الجامعة العربية، وكيف ينصاع بعض الأخوة العرب للأسف للإملاءات الأمريكية، وندرك أن قطر تلعب حالياً أسوأ الأدوار في هذا السياق».
كيف علقت عضوية سوريا:
كانت الشكوك السورية حيال قطر في محلها. جاء الشيخ حمد إلى القاهرة. عقد اجتماعاً للجنة الوزارية العربية في فندق الفورسيزنز، وذلك بحضور وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل، الذي جاء بناء على طلبه الشخصي. وقدم رئيس الوزراء القطري مشروع قرار فيه 6 بنود هي التالية:
1- تعليق عضوية سوريا في الجامعة.
2- الطلب من الجيش عدم التدخل في عمليات القتل.
3- دعوة المعارضة للاجتماع في مقر الجامعة خلال 3 أيام.
4- دعوة المنظمات الدولية لزيارة سوريا.
5- سحب السفراء العرب من سوريا.
6- دعوة مجلس وزراء الخارجية العرب للاجتماع مع المعارضة بعد توحدها.
كانت الجزائر ومصر أول من عارض ذلك. واستمرت سلطنة عمان على استيائها. وتصدر لبنان طليعة الرافضين. قال وزير الخارجية المصري إنه لا بد من إتباع آليات لتنفيذ خطة العمل العربية. سعى المندوب الجزائري للوقوف ضد المشروع. حصلت مشادة بينه وبين الشيخ حمد. قال المندوب الجزائري «إن قطر هي رأس حربة في المشاكل التي تتعرض لها الأمة العربية». رد عليه حمد «سيأتي الدور عليكم».
(تعليق من المقدم للمقالة: الصحيح ما نقلته الأخبار: الشيخ حمد قاطع الوزير الجزائري، وقال له: «لا تدافع كثيراً عن سورية لأن الدور آتٍ عليكم وقد تحتاجنا في المستقبل!» وواضح أن قطر تلعب كدولة عظم لها حاملات طائرات – أنظر صورة الكاريكاتور).
وقائع الاشتباك القطري السوري في القاهرة:
بعد ذلك عقدت الجلسة المغلقة واستهلها الأمين العام للجامعة بعرض الخطوات التي تمت حيال سوريا، من الزيارة الأولى في 13 تموز 2011 وصولا إلى اللقاء مع الأسد..شكا نبيل العربي من انه اتصل غير مرة بوزير الخارجية السوري ولم يجب، وترك له رسائل عند السكرتارية ولم يرد. ثم قال إنه «مع إرسال لجنة تقصي الحقائق لنسمع الرواية الحقيقية، ولكن مع الأسف لم نوفق بتشكيل اللجنة أو بإرسالها في الوقت المناسب، ويمكن أن تضم أطرافا دولية مثل مجلس حقوق الإنسان أو غيره».
كان المندوب السوري متحفزاً للجواب. نظر إلى الشيخ حمد وقال له «في هذه القاعة بالذات أثرت في مداخلتي في خلال الاجتماع الأول للجامعة ما تفضل به معالي وزير الخارجية اللبناني بأن ثمة نية مبيتة لأخذ سوريا إلى مذاهب شتى. أجبتني يومها بأنك يا أخ يوسف متوهم فأجبتك أرجو يا شيخ حمد أن يكون الأمر كذلك. اليوم وبعد قراءة هذه الورقة... واضح تماما إنكم نسفتم، ليس الخطة فقط، بل حتى الآلية التي وضعتموها قبل أن تولد. كنتم في عجلة من أمركم ولم تنتظروا مجرد تشكيل بعثة من الجامعة لتذهب إلى سوريا من اجل أن تتقصى الوقائع..لأنكم لا تريدون أن تقفوا على حقيقة الموقف».
وأكد المندوب السوري إن تعليق العضوية باطل قانونياً، وشرح الأسباب. وقال يوسف احمد «حذار السماح بتأجيج النار التي لن توفر أحدا، وسوف تلتهم الجميع، حذار من ترك سوريا من دون الوقوف بحزم حيال ما يحصل من مؤامرات مكشوفة وتحريض مغرض وحملات إعلامية شرسة تجاوزت كل الحدود ودعوات أجنبية علنية لإسقاط النظام».
وقال «من الاجتماع الأول كنا نشتم رائحة تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية وكنا نغالط أنفسنا مرة تلو مرة. وما يطرح اليوم هو دليل قاطع على حقيقة ما توقعناه. إن البند الثاني من مشروع هذا القرار يشكل سابقة خطيرة للتدخل الخارجي في الشؤون الداخلية لدولة عضو في الجامعة.. ويقوض أسس السلام والاستقرار في المنطقة».
ثم تحدث مندوب العراق فتحفظ على البند الثاني، وقال «نشم منه وكذلك اعتقد إن بعض الناس ستقول انه دعوة للتدخل الأجنبي وهذا سيعقد الأمور، ليس على سوريا فقط وإنما على دول الجوار كالعراق... والنقطة الأخرى وحسب ميثاق الجامعة، نجد إن تعليق أو تجميد عضوية دولة من المفروض أن يحصل على إجماع... واقتراحنا الملموس هو انه لدينا مبادرة عربية متفق عليها، وسوريا موافقة عليها ويمكن لهذه المبادرة أن تطرح على المجالس الدولية مثل مجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان ليتم تبنيها».
رد نبيل العربي على الجانب القانوني بقراءة جزء من المادة 12 من النظام الأساسي لمجلس الجامعة، مشيراً إلى إن تعليق العضوية هو من المسائل الموضوعية التي يتطلب إقرارها ثلثي أصوات الدول الحاضرة والمشاركة في التصويت وأما الفصل فيتطلب الإجماع.
انتفض المندوب السوري قائلا «أنا استغرب دفاع الأمين العام عن مشروع القرار وهو المؤتمن على تنفيذ الميثاق، وأنا أسألك لماذا اجتزأت في قراءتك ما ورد في النظام الأساسي، فأنت تعرف إن المادة 12 من النظام الأساسي تنص صراحة على إن الفصل أو التعليق يتطلب العمل بأحكام الفقرة 2 من المادة 18 من الميثاق التي تؤكد بشكل واضح وصريح وجود إجماع من المجلس في حالتي الفصل أو التعليق».
ووافقه على ذلك مندوب الجزائر الذي حذر من خطورة ما يجري ودعا إلى الحكمة. وقال «نحن ننبه الأمين العام ومجلس الجامعة إلى ضرورة وضع دراسة فورية لهذه المسالة لأننا سندخل في متاهات وأمور كثيرة الآن وفي المستقبل قد لا تحمد عقباها، ولا بد من إعطاء الوقت الكافي للأمانة العامة من اجل تقديم المطلوب قبل أن نقر هذه الفقرة المتعلقة بتعليق العضوية».
وفي الختام تحدث الشيخ حمد موضحاً أن وفد لبنان اعترض على القرار وكذلك اليمن وأن العراق امتنع عن التصويت، وأنهى الاجتماع بشكل مفاجئ من دون السماح للوفد الجزائري بالتعبير عن موقفه، فانتفض المندوب السوري وقال للمسئول القطري «هذا تآمر منك شخصياً وتجاوز على القانون والميثاق. أنت رأس المطية والتخريب ليس في سوريا فقط بل على مستوى الدول العربية الأخرى. أنت والأمين العام تجرمون بحق سوريا وبحق الأمة العربية. انتم عملاء وتنفذون أجندة غربية وسيحاسبكم الشعب العربي في يوم من الأيام على هذه الجرائم التي ترتكبونها».
ماذا بعد؟ تدخل دولي؟
ثمة شعور عام في سوريا بأن ما حصل في الجامعة العربية هو مقدمة لشيء أسوأ. يقال في دمشق إن بعض العرب، وفي مقدمهم قطر، شرّعوا المستقبل لتدخلات دولية. ولكنهم على يقين بأن التدخل العسكري مستحيل. ثمة شكوك بأن تركيا قد تحرك بعض المياه الساكنة. وأن قطر ستستمر في التصعيد، وأن أميركا وفرنسا ستعودان إلى تحريك ورقة الأمم المتحدة ومجلس الأمن والضغط على روسيا والصين.
سيتحدث وزير الخارجية السوري مطولا اليوم عن موقف سوريا الرافض رسمياً للقرار العربي. ولكن دمشق لا تزال تعتمد لهجة دبلوماسية هادئة. قد تصدر مواقف في الأيام المقبلة تؤكد إن الهدوء لا يعني الضعف، وقد تتجه القيادة للإعلان عن خطوات سياسية انفتاحية ولكن بعد هدوء عاصفة الجامعة لكي لا يفسر الأمر على انه تراجع.
السوريون يتحدثون عن أوراق قوة كثيرة. الإجراءات الأمنية تكاد تستكمل. حمص نجت بأقل خسائر ممكنة ويصار حاليا إلى إنهاء الوجود المسلح فيها. اللهجة الإيرانية ولهجة السيد حسن نصر الله (اللتان ربما سرّعتا القرار العربي) يلقيان صدى ايجابيا كبيرا في دمشق. مسئول سوري رفيع يقول: «سنبقي على الهدوء ولكننا سنرسل قريبا إشارات جدية على قوة سوريا وتماسكها عسكريا وسياسيا». الروس لا يزالون إلى جانب الرئيس الأسد. التظاهرات المليونية التي عمت مناطق سوريا أمس أريد لها أن تكون رسالة واضحة على التعاطف الشعبي مع الرئيس ورفض التدخل الخارجي. ثمة خيوط ربطت مع بعض المعارضة. كلها أوراق مهمة، ولكن الحركة العربية والإعلامية والدولية تبقى كبيرة الأثر، وتسعى قطر حاليا ومعها دول عربية وغربية إلى توحيد المعارضة كمقدمة للاعتراف بها واعتبار الأسد فاقداً للشرعية. يقول البعض إن الأزمة السورية مرشحة للتعقيد وليس للانتهاء، فثمة سنة كاملة قبل الانتخابات الأمريكية ستكون مليئة بالمفاجآت، خصوصا إن قرب انتهاء الانسحاب الأميركي من العراق يفترض زيادة هائلة بالضغوط على إيران وسوريا و«حزب الله».
ولعل قطر ومعها بعض الدول العربية نجحت حتى الآن في رفع الغطاء العربي عن سوريا...ومع ذلك فثمة خيوط لا تزال قوية مع بعض كبار القادة العرب، وبعض الدليل على ذلك، تلك الرسالة «الحميمة» التي بعث بها الرئيس الأسد إلى الأمير نايف بن عبد العزيز بعد توليه منصب ولاية العهد في السعودية مؤكدا له فيها على عمق التقدير لشخصه ودوره في حل المشاكل الإقليمية. ولعل في الإشادة بالسعودية، رسائل واضحة لقطر التي تبدو من المنظور السوري حاليا «أبرز المحرضين والمتآمرين» خصوصا إن المعلومات الواردة إلى بعض القيادات السورية تقول إن كلاما يصدر عن أمير قطر ورئيس الوزراء يؤكد إن «الأسد بات في حكم المنتهي» حتى ولو إن الأمير قال للوفد الرسمي السوري الذي زاره قبل فترة انه «يحب الرئيس ويتمنى له الخير» أ.ه.
(نقلا عن سورياناو الاثنين 2011/11/14 SyriaNow)
http://www.syrianow.sy/index.php?d=2&id=40285
شوقي إبراهيم عثمان
(كاتب) و (محل سياسي)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.