بعد دخول قوات الملكة إيزابيلا الكاثوليكية مدينة غرناطة بجنوب إسبانيا عام 1492، بدأت حملة تدمير الحمامات العامة في مملكة غرناطة الأندلسية، ولم يسلم من هذه الحملة إلا القليل، ومنها الحمام المعروف باسم «حمام الجوز». ولكن في العصر الحديث انتبه المؤرخون والمعماريون إلى أهمية هذا الأثر التاريخي، فأعيد له الاعتبار. وفي عام 1918 تقرر إدراجه ضمن قائمة الآثار الوطنية التي يتوجب المحافظة عليها، وتولى المعماري الإسباني توريس بالباس الإشراف على عملية ترميم الحمام. في الواقع، يعود تاريخ بناء الحمام إلى القرن الخامس الهجري (الحادي عشر الميلادي)، وهو ما زال محافظا على هيئته وأقواسه العربية، مع الإشارة إلى أنه يضم ثلاث صالات رئيسية، وفي سقفه شبابيك زجاجية على شكل نجوم ينفذ منها الضوء. وقد بوشر في الفترة الأخيرة تطبيق المشروع المعماري الفني المتعدد الوسائل، الذي يعتمد المزج بين الضوء والصورة والصوت داخل الحمام، وهو من إعداد الفنانين خافيير ميلغار وخافيير آلامو، بغية إحياء هذا الأثر القديم وإضفاء الروح الفنية عليه. ومما يذكر أن صالات الحمام الثلاث؛ هي صالة حارة، وأخرى معتدلة الحرارة، والثالثة باردة، وما إن يدخل الزائر إلى الصالة الحارة حتى يسمع صوت غليان الماء الحار وهو ينفث البخار، وكل ذلك من خلال الصورة والصوت والضوء مع إيهام الزائر بالحرارة. أما في الصالة الثانية المعتدلة فينبعث صوت المياه الجارية، حتى إذا وصل الزائر إلى الصالة الثالثة الباردة، اختلطت الوسائل الفنية الثلاث لإشعار الزائر بأن الصالة باردة حقا. وكان الفنانان ميلغار وآلامو قد درسا تاريخ إنشاء المكان ومهمته، وأجريا زيارات عديدة إليه لقياس أبعاده وتصويره، ليعدا هذا العمل الذي يمزج بين الفن والعلم. وفي تصريح له، قال ميلغار «لقد اخترنا هذا المكان التاريخي الذي بني في القرن الحادي عشر من أجل بعثه من جديد من خلال عمل فني تكنولوجي معاصر في القرن الحادي والعشرين». من جهة ثانية، أبدى بيدرو بينثاس المستشار الثقافي في الحكومة المحلية لإقليم الأندلس، بجنوب إسبانيا، إعجابه الكبير به، قائلا إنه «.. هذا المشروع ينطلق من الجو الداخلي للمكان، لكي يصور لنا تصويرا حيا حضارة مدينة غرناطة وتاريخها. ولجدارته وأهميته، حصل على مساعدة وتشجيع كلية الفنون الجميلة في جامعة غرناطة».