لندن - قال مسؤولون أميركيون في مجالي مكافحة الإرهاب والإستخبارات إن قيادة القاعدة باتت تقتصر فقط على اثنين من الشخصيات التي يعني زوالها الهزيمة النهائية للمجموعة. ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية عن المسؤولين الأميركيين أن زعيم القاعدة الحالي أيمن الظواهري، والقيادي الكبير أبو يحيى الليبي، هما آخر الأهداف "العالية المستوى" لضربات طائرات التجسس التابعة لوكالة الإستخبارات الأميركية "سي أي ايه" ضد القاعدة في باكستان، رغم بقاء المقاتلين الأدنى مستوى ومجموعات المتمردين الآخرين تحت مرمى هذه الهجمات. وقال المسؤولون إن تقلص التنظيم يأتي بظل المؤشرات على أن المجموعة نظرت بإمكانية تغيير موقعها في السنوات الأخيرة، لكنها استبعدت وجهات أخرى لاعتبار انه لا يمكن الوصول إليها أو لا تقدم مزيداً من الأمن مقارنة بأراضيها المحصنة في باكستان. وذكرت الصحيفة أن ضعف التنظيم طرح تساؤلاً عن ال "سي أي ايه" بشأن نشرها لعناصرها ومواردها في باكستان، حيث أن لديها في العاصمة الباكستانية إسلام آباد أحد أكبر مراكزها، ولفتت الصحيفة إلى أن جناح القاعدة في اليمن يعتبر حالياً تهديداً أكبر. وأشارت إلى انه بالرغم من التهديد في اليمن، فإن الوكالة الأميركية غير مستعدة للإنتقال من باكستان، كون مديرها ديفيد بانيتا ومسؤولون كبار آخرون يعتبرون أن التنظيم أعاد هيكلة نفسه سابقاً. وقال أحد المسؤولين الأميركيين المطلعين على العمليات التي تنفذها الطائرات الأميركية من دون طيار ورفض الكشف عن هويته، "الوقت حالياً غير مناسب لوقف الضغط.. جاءتنا فرصة كبحهم، ووقف الضغط حالياً قد يسمح لهم بالتجدد". وقال مسؤولون آخرون إن "القاعدة" ستبقى تهديداً أمنياً كبيراً لسنوات. ويقول خبراء ان ايمن الظواهري يكتفي منذ ان خلف اسامة بن لادن على راس شبكة القاعدة قبل اربعة اشهر باصدار البيانات الجهادية عبر مواقع الكترونية ساعيا في الوقت نفسه الى الحفاظ على حياته لادراكه بانه مستهدف. وقد تم اختيار الظواهري (59 عاما) زعيما للقاعدة منتصف حزيران/يونيو الماضي، بعد ستة اسابيع من مقتل بن لادن في غارة اميركية على المنزل الذي كان يقيم فيه في باكستان. واعلنت تنظيمات سلفية جهادية مثل "قاعدة الجهاد في جزيرة العرب" مبايعته في حين اكتفت تشكيلات اخرى بالاشادة بقرار اختياره. ويقول جان فيليب فيليو الاستاذ في معهد العلوم السياسية في باريس، مؤلف كتاب "القصة الحقيقة للقاعدة"، ان حصيلة "الاشهر الاربعة من توليه زعامة التنظيم محض دفاعية". ويضيف "انه يدير راسمال جهادي يتراجع بشدة، ويحاول بشراسة تاكيد قدراته". ويتابع "لكنه لا يحقق تقدما في اي مجال. واذا كان من المؤكد انه سجل سجل بعض النقاط في اليمن مثل السيطرة على مدينة زنجبار، فان ذلك مرده حالة الفوضى التي يعيشها هذا البلد. وحتى في هذه الحال، فان قاعدة الجهاد في جزيرة العرب لا تنسب له الفضل في هذا النصر". ومع حركات الاحتجاج في العالم العربي، يشيد الظواهري الذي اختبر العمل المسلح في مصر، بسقوط الانظمة. فقد دعا في 12 تشرين الاول/اكتوبر الماضي الليبيين الى تاسيس دولة اسلامية وحض الجزائريين على الانتفاض والتمرد، كما حيا في تموز/يوليو "المجاهدين" في سوريا. ويرى فيليو ان "وسائل الاعلام الغربية لا تعير اهتماما لبيانات الظواهري، فهي غير ذات اهمية مقارنة مع تهديدات بن لادن". من جهته، يقول دومينيك توماس خبير التطرف الاسلامي في المعهد العالي لدراسة العلوم الاجتماعية في باريس ان الظواهري "يبعث برسائل الى الحلفاء محاولا البقاء فوق هذه المعمعة. فهو حاضر عبر تصريحاته فيما يخص الانتفاضات العربية محاولا اقناعها بتاسيس دول اسلامية وعدم ترك الغرب يسرق ثوراتها". وعلى الصعيد العملاني ليس هناك ما يدعو للاعتقاد بان الظواهري، الذي رصدت لراسه مكافاة قيمتها 25 مليون دولار والمهدد بصواريخ تطلقها طائرات اميركية دون طيار، قادر على القيام بعمليات واسعة النطاق او تنسيقها. اذ ان همه الاول هو البقاء على قيد الحياة. ويضيف توماس ان "الضغوط الاميركية هائلة لقد شاهد كيف تمت تصفية الامام انور العولقي في اليمن في 30 ايلول/سبتمبر الماضي، فهو لم ياخذ التهديدات على محمل الجد فقتل فور خروجه من معقل قبيلته". ويشير الى "الضربات التي توجهها طائرات من دون طيار بشكل شبه يومي في باكستانوافغانستان ما يشكل ضغوطا كبيرة على الظواهري". ولا يبدو ان الولاياتالمتحدة تميل الى التقليل من استعدادتها لتعقب الظواهري الذي سيشكل مقتله ضربة موجعة للقاعدة. ويضيف توماس انه "بقدر ما كانت الرؤية واضحة في مسالة خلافة بن لادن، بقدر ما هي معدومة في حال مقتل الظواهري. سيكون هناك ثقب اسود بالنسبة لشبكة القاعدة". ويقول ان "الجيل الذي ولد في افغانستان ابان الثمانينات والتسعينات انتهى ولم يبق منه الا واحد او اثنان فقط، وقلة تعرفهما ولن يستطيعا فرضان نفسيهما كما فعل الظواهري. انه لامر حيوي بالنسبة للقاعدة ان يظل قيد الحياة اطول فترة ممكنة". وستبذل واشنطن كل ما في وسها لقتله. وقد صرح دوغلاس لوت كبير مستشاري الرئيس الاميركي باراك اوباما للشؤون الافغانية والباكستانية امام معهد اسبن الصيف الماضي ان "القاعدة اصبحت في المجهول". وقال "لم يسبق لها ان واجهت مسالة خلافة انها مرحلة مضطربة بالنسبة لها. يجب ان نغتنم الفرصة اكثر والسعي الى القضاء عليها".