صادق نواب المجلس الشعبي الوطني الجزائري الثلاثاء بالاغلبية على قانون الجمعيات بالصيغة التي عرضتها الحكومة مع بعض التعديلات الشكلية التي لم تاخذ بعين الاعتبار اقتراحات نواب المعارضة. وصوت نواب جبهة التحرير الوطني (136 نائبا) والتجمع الوطني الديمقراطي (62 نائبا) والمستقلون (33 نائبا) على القانون بينما صوتت حركة مجتمع السلم المشاركة في الحكومة ضد القانون بعدما سحبت كل التعديلات التي تقدمت بها. اما حزب العمال (26 نائبا يساري) فقرر الامتناع عن التصويت. وتخص التعديلات البالغ عددها 92 بالدرجة الاولى رفع القيود عن نشاط الجمعيات وعدم "اثقال كاهلها بالاجراءات البيروقراطية"، والغاء المادة الثالثة التي تستثني الجمعيات الدينية من هذا القانون وتحيلها الى نظام خاص. واعلن النائب عبد العزيز بلقايد في تدخله في بداية الجلسة انه يتحدث "بالنيابة عن كتلة حركة مجتمع السلم التي قررت سحب كل التعديلات التي تقدمت بها". وتشارك حركة مجتمع السلم (51 نائبا من بين 389) في الحكومة مع التجمع الوطني الديمقراطي (62 نائبا) وجبهة التحرير الوطني (136 نائبا) في اطار التحالف المساند للرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وفقدت الحركة العديد من نوابها الذين انشقوا عنها وانضموا للمعارضة وشكلوا كتلة في البرلمان تسمى كتلة التغيير التي تمسكت بكل التعديلات التي تقدمت بها. ومن جانبهم قرر النواب الخمسة لحركة النهضة (اسلامي) الانسحاب من جلسة التصويت احتجاجا على "رفض ارادة التغيير نحو الافضل (...) من قبل سلطة احزاب التحالف". وجاء في بيان للحركة وزعته على الصحافيين في البرلمان "هاهو قانون الجمعيات يتعرض للمصادرة بنفس الحلقة من حلقات مسلسل تعطيل الاصلاحات الحقيقية الجادة". واثارت احالة الجمعيات "ذات الطابع الديني" الى نظام خاص انتقادات لدى النواب الاسلاميين من كتلة التغيير وحركة الاصلاح الوطني. ورفضت الحكومة ونواب الاغلبية الغاء المادة الثالثة التي تنص على هذا الاستثناء، لكنهم وافقوا على ادراج الجمعيات الدينية مع الجمعيات الطلابية والرياضية التي تخضع هي الاخرى لنظام خاص. وقال النائب امين علوش من كتلة التغيير "اتفقنا مع ممثل وزارة الداخلية على ان تصبح الجمعيات الدينية كغيرها من الجمعيات ذات الطابع الخاص، رغم ان القانون لا يشرح ما معنى الطابع الخاص". وتابع "رد الوزارة كان ان الطابع الخاص شكل تقني لا يسع القانون لشرحه". اما زميله النائب بوزيد شيباني فهاجم لجنة الشباب والرياضة والنشاط الجمعوي التي رفضت التعديلات. وقال "اللجنة رفضت تعديلاتنا لنظرتها الحزبية الضيقة، واضافت قيودا على نشاط الجمعيات اكثر مما قامت به الحكومة". ورد رئيس المجلس الشعبي الوطني عبد العزيز زياري (جبهة التحرير) على النائب قائلا "اللجنة تتكون من عدة احزاب والقاعة هي التي تفصل في التعديلات" بالتصويت عليها. وتم التصويت على القانون مادة بمادة بالاغلبية النسبية. ودافع النواب الليبراليون المنشقون عن حزب التجمع من اجل الثقافة والديمقراطية (19 نائبا) الذي قرر مقاطعة اشغال البرلمان، عن حق الجمعيات الجزائرية في التعاون مع الجمعيات الاجنبية، رافضين مخاوف الحكومة من ذلك. وقال النائب طارق ميرة "كيف تسمح الحكومة لنفسها بالتعاون في جميع المجالات مع الدول الاجنبية بما في ذلك التعاون الامني وترفض ذلك لجمعيات خيرية". واضاف "القذافي كان يمنع اي جمعيات في ليبيا وبن علي فرض قيودا كبيرة على المجتمع المدني في تونس لكن ذلك لم يمنع من انهيار نطاميهما". ومن جهته قال النائب علي براهيمي في تحليله للمادة 23 التي تنص على شروط تعاون الجمعيات الجزائرية مع نظيراتها الاجنبية "هذه المادة تقوم على فلسفة ان الشعب غير مؤهل للديمقراطية وتفترض ان الاجنبي يريد الشر للجزائر". وتابع "انا واثق من وطنية الجزائريين وكفاءة اجهزة الامن في رصد اي مخالفة للقانون فلماذا فرض اجراءات بيروقراطية تثقل كاهل الجمعيات". واضاف "كل شيء في الجزائر مقيد ويحتاج الى تصريح من وزير الداخلية". وأكد وزير الداخيلة والجماعات المحلية دحو ولد قابلية أن المصادقة على القانون "تندرج في صميم الإصلاحات السياسية العميقة والجريئة بما تحمله في طياتها من تطلعات وآمال مستقبلية في ظرف وطني مثقل بالتحديات". وجاء قانون الجمعيات الجديد ليعدل قانون 1990 الصادر بعد انتفاضة تشرين الاول/اكتوبر 1988 التي مهدت لنهاية عهد الحزب الواحد (حزب جبهة التحرير الوطني) وهيمنته على كل الجمعيات المدنية، والنقابات او كما كانت تسمى المنظمات الجماهيرية. وكان الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة اعلن في خطاب في 15 نيسان/ابريل اصلاحات سياسية تتضمن مراجعة الدستور وقوانين الاحزاب السياسية والجمعيات المدنية والانتخاب والاعلام. وبدأ البرلمان الجزائري منذ افتتاح دورته الخريفية في ايلول/سبتمبر الماضي مناقشة قوانين الاصلاح السياسي الذي وعد به الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وسبق ان صادق على قوانين الانتخابات والاحزاب السياسية والتمثيل النسوي في المجالس المتخبة. وينتظر ان يصوت الاربعاء على قانون الاعلام الذي يلغي لاول مرة منذ استقلال الجزائر في 1962 احتكار الحكومة للقطاع السمعي بصري، ويسمح بفتح محطات اذاعية وقنوات تلفزيونية خاصة.