يعود فيلم الأنيميشن القصير "قصة سورية قصيرة" للمشاركة من جديد، في مهرجان "سوريا الحرة السينمائي" الأول. ولكن هذه المرة ضمن تظاهرة "أفلام الأنيميشن" لدعم الثورة السورية. الفيلم الذي أعده محمد عمران وداني أبو لوح. مدته حوالي خمس دقائق يلخّص قصة شعب بأكمله، فمن الركود العقلي والعاطفي إلى الانتفاضة الشعبية التي هزّت كلّ القواعد والأسس الموجودة في البلاد. هو فعلاً قصة سورية، لكنها طويلة وحزينة أيضاً. ويبدأ الفيلم بأصوات "خربشة " لقلم رصاص على الورق لتتشكل صورة تشبه لعبة ال"بزل"، مكونة من شخصيات إنسانية تمثل المجتمع السوري. وهي شخصيات متنوعة بأشكالها لكنها تكاد تكون مستنسخة الملامح، وجميعها تحترف الحياد كما الواقع تماماً، فالمثقف والعامل والفلاح والمواطن العادي كلهم ينامون ببرودٍ قاتل. وتنهض إحدى الشخصيات من القبر المدفونة فيه، ما يتسبب بنهوض الجميع تماماً كما حصل في الثورة السورية، وهنا تتحوّل الملامح من الحيادية إلى الغضب الشديد، لنلحظ أن الإحساس دبّ فيها ودفعها لأن تثور. يقف الجميع متساويين، لكن ليس بالموت هذه المرة وإنما بالرغبة الشديدة بالحياة. ويمتزج الواقع بالأنيميشن، عند دخول مشاهد حقيقية توثيقية من الثورة السورية، وهنا نفهم أن الثورة هي ما قامت لأجله تلك الشخصيات الكرتونية. وفي هذه المقاطع الحية نسمع صوت الرصاص ونرى من يموت ومن يستنجد، ويتبع هذه المقاطع، مقطعاً كرتونياً نرى فيه "قدم" تدوس فوق الشخصيات لتعيد تسويتهم إلى الأرض، ولكنها تكسرهم وتشوههم هذه المرة، مع وجود للدبابات والآليات العسكرية خارج رقعة "البزل". الشخصيات الكرتونية هذه المرة، عرفت طريقها نحو الكرامة فلم تطل نومها، قامت من جديد وكأن الانكسار لم يكن، فطالما توسط الدم والرصاص الموضوع.لم يعد هناك من صمت بعد اليوم. الطقس العام في الفيلم حزين، لكن فيه شيء يبعث على التفاؤل، فالموسيقى حزينة لكنها تشعرك بالبعث من جديد، يختلط فيها الوجع بالأمل. عزز الشعور بالألم الألوان المستخدمة في الفيلم. فالأسود والأبيض والرمادي، زادت من حجم قتامة وكآبة الفكرة، ووحده الدم كان ملوناً، فجاء أحمر ساخناً. الفيلم محاولة جديّة لوضع الفن في خدمة ثورة الشعب السوري، وهو مثال على دور المثقف والفنان في هذا الوضع المأساوي والمتأزم. يذكر أن تظاهرة "أفلام الأنيميشن" تمتد لثلاثة أيام، وتتضمن 10 أفلام أنيميشن بمشاركة سورية ومصرية وفرنسية وهولندية وبريطانية، اختارت مواضيعها من الثورة السورية والثورات العربية. ميدل ايست أونلاين