هل دقت طبول الحرب ضد دولة جنوب السودان؟هل ينفذ البشير تهديده برد عدوان سلفاكير في جاو،كما فعل بعد كمين سلفاكير في أبيي ؟ماهي ردة فعل اوباماعلى هجوم ضد دولة الجنوب ؟ ما المتوقع حدوثه في مثل هذا الموقف الزئبقي؟ ثروت قاسم [email protected] 1 - مقدمة ! في يوم الأحد 26 فبراير 2012 ، انتصرت قوات القيادة العسكرية المشتركة لتحالف كاودا الثوري،على قوات نظام البشير،واستولت على منطقة جاو الإستراتيجية فى جنوب كردفان،في أول معركة حربية بين تحالف كاودا ، ونظام البشير ! هذا الإنتصار المبين يستدعي،عدة ملاحظات ، نختزل بعضا منها في خمسة محطات أدناه : المحطة الأولى : 2 - الإتهام ! + اتهم نظام البشير حكومة سلفاكير ، وليس تحالف كاودا الثوري ، بالوقوف وراء الهجوم على منطقة جاو ( الأحد 26 فبراير 2012 ) ، وتوعد واغلظ في الوعيد بأرجاع الأسانسير باقصى سرعة ! ولم يتكف بذلك وانما كال لحكومة سلفاكير عدة اتهامات ، نلخصها في الاتي : + استمرارها في دفع الرواتب والمخصصات المالية لضباط وجنود اللواء التاسع ( جنوب كردفان ) ، واللواء العاشر ( النيل الأزرق ) ، في الجيش الشعبي ( قطاع الشمال ) ، حتى بعد انفصال جنوب السودان ( السبت 9 يوليو 2011 ) ! أستمرارها في تموين الجيش الشعبي ( قطاع الشمال ) بالضباط والجنود الجنوبيين ، والسلاح الثقيل والخفيف ، والذخيرة ، والبترول ، والتموينات الأخرى! + نفت حكومة سلفاكير هذه الإتهامات جملة وتفصيلا ، وادعت أن الرئيس البشير يريد تصعيد معركة جاو اعلاميا ، لصرف النظر عن خيبة وهزيمة جيشه المنكرة ، أمام قوات تحالف كاودا ! وذكرتنا حكومة سلفاكير بأن جاو ليست أول معركة تكسبها الحركة الشعبية الشمالية ضد جيش البشير ، فقد كسبت معارك أخرى كثيرة في الماضي ، من دون أن يثير نظام البشير هذا الغبار الإعلامي الكثيف ، بإتهامه حكومة سلفاكير ، وليست قوات تحالف كاودا ، بأنها وراء الهجوم ! يسعي نظام البشير لحرف مفهوم ومرجعية الحرب من حرب أهلية داخلية بين سلطة استبدادية قاهرة ضد سودانيين مهمشين مغبونين ، إلى حرب بين دولتين ! ليستدر عطف الشعب السوداني في حرب ضد عدو خارجي مشترك ، ويصرف النظر عن إباداته الجماعية لشعوبه ، ومصائبه الأخرى التي يكتوي بنارها المواطن السوداني ! كشفت حكومة سلفاكير لعبة نظام البشير الذئبية ! 3 – التهديد ! اعتبر نظام البشير الإتهامات المذكورة أعلاه ، بمثابة إعلان حرب من حكومة الرئيس سلفاكير ضده ! + هدد نظام البشير ( الأحد 26 فبراير 2012 ) حكومة سلفاكير ، وقال : ( السودان سيحتفظ بحقه الذي تكفله له الشرائع الدولية في رد العدوان ) ! + وأعلن نظام البشير بأنه سوف يتقدم بشكوى ضد حكومة سلفاكير إلى مجلس الأمن الدولي ، والإتحاد الأفريقي ، لخرق حكومة سلفاكير لإتفاق وقف العدائيات ( أديس ابابا – الجمعة 10 فبراير 2012 ) ، بين دولتي السودان ، بعد 16 يوم فقط من توقيعه ، ولم يجف حبره بعد ! المحطة الثانية ! 4 – حرب أم لا حرب ؟ نحاول الإجابة على السؤال الصعب : هل سوف يفّعل الرئيس البشير تهديده ، ويشن حربا على دولة جنوب السودان ، أم أن تهديده يحاكي تهديد الرئيس الأسد بالرد على اعتداءات اسرائيل في الوقت والمكان المناسبين للأسد ... القيامة العصر ؟ السؤال صعب ، لأنك تتعامل مع بشر في الخرطوم لا يتعاملون بمنطق الأشياء ، وفق استراتيجيات مدروسة،وإنما بحسابات البصيرة أم حمد التي ما أنزل الله بها من سلطان ! 5 – خيار الحرب ! من الأسباب التي ربما دفعت الرئيس البشير لشن هجوم على دولة جنوب السودان ، يمكن ذكر الآتي : + الوضع في شمال السودان محتقن ! وخلق عدو أجنبي مشترك في حرب ضد وطن الجدود ، ربما صهر المعارضة الشمالية المشاكسة ، وبالاخص شباب الحركة الأسلامية ، في بوتقة واحدة مع نظام البشير في مواجهة العدو المشترك ! + الحرب ضد حكومة سلفاكير سوف توحد صفوف القوات النظامية خلف الرئيس البشير ! القوات النظامية التي تشتكي ضعف التسليح ، وهيمنة مليشيات الدفاع الشعبي ، ومليشيات البشير الأخري المسلحة ، بتسمياتها المختلفة ، علي مسار الحروب الأهلية ! + الحرب ضد المعتدي الأثيم سلفاكير ، ( الذي سوف تتم شيطنته في مقبل الأيام ) سوف ترغم الشعب السوداني على نسيان الضائقة المعيشية ، والبطالة ، وارتفاع الأسعار ، وتدهور الجنيه السوداني ، وجميع الكوارث السياسية والإجتماعية التي تمسك بخناق جماهير الشعب السوداني هذه الأيام ... استعدادا لصد عدوان سلفاكير ! + سوف يبل حزب الأمة اجندته الوطنية ، ويشرب مويتها ! وكذلك شباب الحركة الإسلامية مع مذكراتهم ! وسوف تلحق الإنتفاضة الشعبية السلمية ضد نظام البشير أمات طه ! لن يعلو صوت فوق صوت المعركة ! وسوف يحلم الرئيس البشير بالبقاء على كرسي السلطة لعقدين قادمين ، بعد أن أنزل سبحانه وتعالى له مائدة من السماء ، وكتب له عمرا جديدا ! المحطة الثالثة ! 6 – خيار عدم الحرب ! ربما صرف الرئيس البشير النظر عن خيار الحرب ضد دولة جنوب السودان ، لكثير من الإعتبارات ، نذكر بعضا منها أدناه : أولا : + أوباما ! كما ذكرنا في مقالة سابقة ، ضغط اوباما على الرئيس سلفاكير ( واشنطون – ديسمبر 2011 ) ، وبطلب من القس فرانكلين جراهام ، عدم تقديم أي دعم عسكري ، أو خلافه ، للحركة الشعبية الشمالية المسلمة ، وحركات دارفور المسلحة المسلمة ! وقد وعد الرئيس سلفاكير بالإمتثال لطلب اوباما ، ولكن إبر الرئيس البشير ، أرغمته على عدم الوفاء بوعده ! الرئيس البشير يعرف تمام المعرفة أن اوباما ، خلال عام 2012 ، وحتي يوم الإنتخابات الرئاسية الأمريكية في يوم الثلاثاء 6 نوفمبر 2012 ، رهينة في أيادي القس فرانكلين جراهام ، وصحبه الميامين في اللوبيات اليهودية ، ولوبيات الزنوج السود ، كما الميت بين يدي غاسليه ! ويعرف الرئيس البشير أن القس فرانكلين وصحبه الأبرار سوف يقلبوا عاليها سافلها في البيت الأبيض ، إذا تجرأ ( الرئيس البشير ) بمهاجمة دولة من كلم الناس في المهد صبيا ! لأن ذلك الهجوم معناه تأخير العودة الثانية ليسوع الناصرة ، كما في العهد القديم ( سفر المزامير ) ! يعرف الرئيس البشير أن اوباما سوف يرفع له الكرت الأحمر، إذا فكر في الهجوم على دولة من كان ( وجيها في الدنيا والأخرة ومن المقربين ) ! عندها سيخر الرئيس البشير ساجدا ، مرددا لأوباما : أمنت برب العالمين ، رب موسي وهارون ، واوباما ! حينها ينتفي امر الحرب التي تعد في مطابخ الجانبين ؟ فلا قبل للبشير بالأمر الأمريكي ، الذي يحمل أمر قبض اوكامبو علي سنة الرماح ، ويتخذه ذريعة للهجوم علي بلاد السودان ! وعليه ربما صرف الرئيس البشير النظر عن اي حرب ضد دولة جنوب السودان ، ولزم مواعينه ، وبل رأسه أنتظارأ للأنتفاضة الشعبية ، وبروش لاهاي لتحلق له نمرة 2! ثانيا : يعرف الرئيس البشير أن الرئيس سلفاكير قد استعمل أكثر من 85% من مداخيل البترول خلال الفترة الإنتقالية لشراء السلاح ، وتقوية الجيش الشعبي ! في حين أن مداخيل البترول في دولة شمال السودان ، خلال نفس الفترة ، قد ذهبت لحسابات أبالسة الإنقاذ الخاصة في ماليزيا ودبي ولندن ، كما يشرح لك البروفسور ابراهيم أحمد عمر! وصار الجيش السوداني أباطه والنجم ، ولا يستطيع الدواس ، كما أكدت معركة جاو بوضوح وفضوح ! ولسان حال الرئيس البشير يقول: خلوها مستورة ! ثالثا: يعرف الرئيس البشير أن تداعيات شن هجوم على دولة جنوب السودان ، كما هدد بذلك ، سوف تكون مدمرة على دولتي السودان ، وبالأخص على شخصه الكريم ! نذكر بعض هذه التداعيات أدناه : + سوف تزداد حدة الضائقة المعيشية ، وترتفع معدلات البطالة ، وتصير الحياة جحيما لا يطاق في دولتي السودان ! + فشل اتفاقية الدوحة ( يوليو 2011 ) بين البشير والسيسي لعدم وجود اعتمادات مالية لتعويض النازحين واللاجئين ، وإعادة توطينهم في قرى نموذجية ، بل ستضربهم المجاعة والامراض ، وتوابعهما من امراض ناتجة عن التدهور البيئ وسوء التغذية وغيرهما ! + زيادة حدة الحروب الأهلية في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق ، وأعداد النازحين واللاجئين ! + سوف تزداد عزلة السودان الدولية ولن يتمكن من شطب ديونه التي قاربت الأربعين مليار دولار ، ولن يجد أي استثمارات خارجية لتدوير اقتصاده ! وسوف يفشل اجتماع تركيا ( مارس 2012 ) لدعم نظام البشير ماليأ ! + سوف تشفط الحرب مخصصات كلاب الأمن ، فيبدأون في النباح ، والخربشة ، وربما العض ، فيهتز كرسي البشير من تحته ! +وعندها يعيش محمد احمد كوابيس التسعينات من ساحات الفداء ، وعرس الشهيد ، والجهاد ، والقرود المؤمنة ، والسحاب المسلم ، والتجنيد الأجباري ، وبقية الخزعبلات ! + سوف ترجع بلاد السودان إلى منطق سنة ستة ( سنة 1306 هجرية الموافقة لسنة 1887 ميلادية ، التي أرخت بها المجاعة ) ! ولا حول ولا قوة إلا بالله ! المحطة الرابعة ! 7 - ميتة وخراب بيوت ؟ معركة جاو نذير شؤم ، وربما كانت القداحة التي سوف تشعل النار في كومة القش اليابس المفروش بين دولتي السودان ، وتفجر الوضع المحتقن في حرب ساخنة ومباشرة بين الدولتين ، بدلا من الحرب الباردة ، وبالوكالة التي استمرت بينهما ، سجالا ، منذ إنفصال دولة جنوب السودان في يوم السبت 9 يوليو 2011 ، عن شماله ! في هذه الحالة تكون المحصلة النهائية لإتفاقية السلام الشامل ( نيروبي – الأحد 9 يناير 2005 )،بين دولتي السودان ، الإنفصال والحرب ، بعد أن صدعنا نظام البشير بفرقعاته الإعلامية بأن الإتفاقية سوف تاتي بالسلام ،الذي هو خير مع الإنفصال ، بدلأ من الحرب مع الوحدة ! وفي يوم الأحد 26 فبراير 2012 ، تأكد لنا أننا فقدنا الوحدة ومعها السلام ، وكسبنا الشوك ( الإنفصال ) والحنظل ( الحرب ) ! 8 - طرة أم كتابة ؟ هل تذكرك معركة جاو ( الأحد 26 فبراير 2011 ) بالكمين الذي نصبته قوات سلفاكير في أبيي ( الخميس 19 مايو 2011 ) لقوات نظام البشير المغادرة ، في حراسة قوات الأممالمتحدة ، لأبيي ، حسب إتفاقية السلام الشامل ! ثم إتخاذ الرئيس البشير لهذا الكمين كذريعة لإجتياح ، والإستيلاء على كل منطقة أبيي ، يوم الجمعة 20 مايو 2011 ! اهتبل الرئيس البشير كمين الرئيس سلفاكير ( الخميس 19 مايو 2011) ، للإستيلاء على أبيي ، بالقوة الخشنة ! هل يكرر التاريخ نفسه ؟ وينفذ الرئيس البشير تهديده برد عدوان جاو ( الأحد 26 فبراير 2012 ) ، ويشن هجوما على دولة جنوب السودان ، في مقبل الأيام ، في محاولة منه للهروب الي الأمام ؟ أم انه سيخاف من ردة فعل إدارة اوباما الخشنة ، خصوصا ونحن في سنة انتخابية في امريكا ، واوباما سعران لأي أصوات انتخابية ، تضمن إعادة انتخابه لفترة رئاسية ثانية ؟ تدحرج الزهر على الطاولة ، ولا ندري على أي جنب سوف يقف ، في النهاية ! 9 - الجعلي الأحمق ! وقع جعلي في بئر ! سمع احدهم صراخه ، فهب لنجدته ، وأنزل اليه دلوا لينقذه ! سأل الجعلي المنقذ عن اسمه ، فرد المنقذ بذكر اسمه مربعأ ، مع كنيته ! أرجع الجعلي الدلو فارغا ، واستمر في الصراخ : يا أبو مروة ! ألحقوني ! يا سيدي الحسن ! رفض الجعلي دلو المنقذ لأنه اكتشف أن بينه وبين المنقذ عداوة قديمة ! عقد القائد مالك عقار اتفاقا شاملا مع الدكتور نافع علي نافع ( أديس ابابا - الخميس 28 يوليو 2011 ) ، لوقف الحرب في ولايتي جنوب كردفان ، والنيل الأزرق ! نقض الرئيس البشير هذا الإتفاق ، وأعلن نقضه ، في صلاة الجمعة 29 يوليو 2011 ، في مسجد العارف بالله والده المكرم ، في حوش كافوري ، بعد أقل من يوم من توقيعه في أديس ابابا ! نزوات الرئيس البشير ، وهو الحاكم بأمره في بلاد السودان ، الذي لا يريهم إلا ما يرى ، تجعل من الصعب التكهن بقراره بخصوص ردة فعله على اعتداء جاو ! المحطة الخامسة ! 10 - ما هي ردة فعل الشعب السوداني على معركة جاو ؟ نجح نظام البشير في شيطنة تحالف كاودا الثوري ومكوناته الأربعة ، ووصمهم بالعنصرية الإثنية ، والجهوية ، والمناطقية ! فترى محمد احمد في الوسط ينظر بكثير من الريبة لتحالف كاودا الثوري ، ويخاف أن تتكرر مجازر رواندا وزنزبار الإثنية في شمال السودان ، إذا انتصر تحالف كاودا الثوري على نظام البشير ، وأطاح به ! متلازمة من الطوة إلى النار ؟ يقول لك محمد احمد في لا مبالاة اجرامية : الجن البتعرفو أخير من المابتعرفو !على الأقل ناس البشير ديل أولاد عرب أخير من الغرابة والزرقة والجانقي ! إذن لن يهتم محمد احمد كثيرا لإنتصار تحالف كاودا الثوري في جاو في أحسن الفروض ، وربما اعتبر هذا الإنتصار هزيمة له ، في أسوأها !